مصادر أمنية إسرائيلية: ضربات أخرى قريبة للوجود الإيراني في العراق

مصادر أمنية إسرائيلية: ضربات أخرى قريبة للوجود الإيراني في العراق
TT

مصادر أمنية إسرائيلية: ضربات أخرى قريبة للوجود الإيراني في العراق

مصادر أمنية إسرائيلية: ضربات أخرى قريبة للوجود الإيراني في العراق

على الرغم من أن إسرائيل الرسمية لا تقر بمسؤوليتها عن القصف الذي نفذ لمواقع إيرانية في العراق، تم تسريب تصريحات لجهات أمنية في تل أبيب مفادها أن «إسرائيل وسعت من مجال مكافحتها الوجود الإيراني من سوريا ولبنان إلى العراق»، وقالت: «ستسمعون عن ضربات أخرى في القريب ضد المواقع الإيرانية في العراق الموجهة ضد إسرائيل».
وأكدت هذه الجهات أن التطورات الجديدة في السياسة الإسرائيلية تعود إلى نجاحاتها في دحر الإيرانيين من سوريا. فمنذ أن قرر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الانسحاب من سوريا، ضاعفت إسرائيل نشاطها هناك وتمكنت من شن الغارات التي منعت الميليشيات الإيرانية من إقامة مواقع لها أو مصانع أسلحة. ولذلك، غير الإيرانيون من تكتيكهم وأقاموا محطات لتخزين الصواريخ الدقيقة في العراق، لانتهاز فرصة إدخالها إلى سوريا، وحتى إلى لبنان في المناطق التي يسيطر عليها «حزب الله»، وتوجيهها ضد إسرائيل من هناك. وحرصت على أن تكون هذه محطات مؤقتة، أو بطاريات صواريخ متحركة على شاحنات، مع العلم بأنها تخطط لإقامة قواعد إطلاق لصواريخ طويلة الأمد إلى إسرائيل. والصواريخ الحديثة التي تريد إدخالها ويلاحظ أن الحرس الثوري الإيراني يسعى لذلك بإصرار شديد، هي صواريخ «ذو الفقار»، التي تعتبر متطورة ودقيقة وتحمل رؤوسا متفجرة من طراز «فتح 110».
وأضافت المصادر العسكرية الإسرائيلية، أن التلخيصات التي أعدت في «أمان»، شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، تقول إن «الغارات الإسرائيلية المكثفة على مواقع إيرانية في سوريا، التي نفذت خلال سنة 2018، تمكنت من تشويش الخطة الإيرانية لإقامة ممر بري لنقل الأسلحة، من إيران عبر العراق وسوريا إلى موانئ عربية في البحر الأبيض المتوسط. وقد تركزت هذه الغارات على المواقع الإيرانية التي أدارتها ميليشيات (حزب الله) وغيره، وتقع بالقرب من مطار دمشق الدولي. وبسبب ذلك طلب النظام السوري من إيران ترك هذه المواقع، حتى لا تشوش على حركة الطيران المدني من وإلى سوريا. فانتقل النشاط الإيراني إلى مطار 4־T في الشمال السوري، الذي أقامت روسيا بعض القواعد لها بالقرب منه. فلجأوا إلى الشاحنات المتحركة. ولما تم ضرب هذه الشاحنات أيضا، انسحبوا إلى مواقع أخرى في العراق، لكنهم لم يغيروا من أهدافهم. فراحت إيران تفتش عن بدائل».
وقال مسؤول أمني في تل أبيب في حديث لصحيفة «يسرائيل هيوم»، التابعة مباشرة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن «إصرار الإيرانيين على تحقيق هدفهم في تحديث أسلحة (حزب الله) وتقويته في مقابل إسرائيل، جعلتنا أكثر إصرارا على إجهاض مخططهم. ولذلك فإن ما بدأ بسوريا سيمتد إلى العراق». وأكد أن القيادات العسكرية معنية بالصمت إزاء ما يجري على الأرض. فالنشاط كان وسيبقى سريا. لن نعلن مسؤوليتنا. وسنتصرف بما يتيح لنا حيزا واسعا من النشاط ولكن من دون التورط في تصعيد غير مرغوب.



انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.