قد لا تتخيل موائد باريس خالية من قطعة من فيليه الستيك التي تذوب في فمك مع صلصة الكريما الممزوجة بالفلفل الأسود، ولكن هذا المشهد سيكون مألوفا في مطعم الشيف الفرنسي المخضرم آلان دوكاس في فندق «بلازا أتينيه» في باريس بعدما قرر أن يحرم الذواقة من طعم اللحم ويركز في لائحة الطعام الجديدة على الأسماك والخضار.
المعروف عن الطاهي دو كاس أنه ملك الطهي الراقي أو ما يعرف في فرنسا بالـ«هوت كويزين» وفي جعبته 33 نجمة ميشلان للتميز، وكان وقع قرار دوكاس ثقيلا على معدة الذواقة الذين اعتادوا على ارتياد مطعمه في باريس وحول العالم، على عكس تصور الطاهي الذي أراد من خلال التخلي عن اللحم في مطبخه أن يتبنى مبدأ الطهي الخفيف والصديق للبيئة والمعمورة.
وبحسب دوكاس فإن الموارد التي يتم استخدامها في المطبخ مهددة بالانعدام وقليلة، لذا أراد التشجيع على أكل ما هو متوفر من دون إلحاق الضرر بالبيئة التي نعيش فيها.
وستكون لائحة الطعام الجديدة في مطعم دوكاس في «بلازا أتينيه» غنية بأطباق الأسماك وثمار البحر بمختلف أنواعها مع إضافة مكونات صحية مثل «الكينوا» والتركيز على الإخطبوط والكالاماري وسمك «الراهب»، ولن تكون اللحوم الحمراء العنصر الناقص الوحيد على مائدة دوكاس إنما سيكون السكر والكريما من المكونات شبه معدومة الاستخدام أيضا.
لطالما عبر دوكاس عن استيائه من إفراط بعض الطهاة في استخدام السكر ويحاول دائما التقليل من استخدامه في أطباق الحلوى التي يشتهر بها في مطاعمه.
من الأطباق الجديدة على لائحة طعام دوكاس في بلازا أتينيه الذي أعاد افتتاح المطعم يوم الاثنين الماضي بعد عملية تجميلية جذرية، طبق سمك «السورد فيش» المدخن مع الأرز الأسود في الفرن مع أنواع مختلفة من القواقع.
ولم يستطع دوكاس التخلي عن النمط الفرنسي فأدخل طبق الضفادع مع الكالاماري والإخطبوط.
ولمحبي الأطباق المتوسطية ابتكر الطاهي طبق الكينوا مع البرغل والسمك. وكل الخضار الذي يستعمل في مطبخ دوكاس يزرع في حدائق قصر فيرساي.
يشار إلى أن مطعم دوكاس كان قد أقفل مع الفندق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليخضعا لعملية ترميم وتجديد، وأعيد افتتاح المطعم الحائز على ثلاث نجوم ميشلان بداية الأسبوع الحالي.
وعلق مسؤول في فندق بلازا أتينيه على خطوة دوكاس غير المسبوقة، بأنها طريقة جديدة وعصرية لترجمة المطبخ الفرنسي الراقي.
* ألان دوكاس في سطور
* يرأس دوكاس أكثر من 20 مطعما حول العالم، ولد في مدينة أورتيز الفرنسية عام 1956 ترعرع وعاش مع أهله في المزرعة الخاصة بهم، عندما بلغ سن 12 قرر أن يصبح طاهيا بعدما تأثر بطريقة طهي جدته.
التحق بمعهد بافيون لانديه بالقرب من مدينة بياريتز الساحلية القريبة من بوردو، وبعد أربع سنوات تمرن في فندقية بوردو.
بدأ عمله مع الطاهي ميشيل غيرار في مطعم «أوجيني لي بين» وبعدها تتلمذ على يد الطاهي الرائع غاستون لو نوتر.
وأصبح الطاهي الرئيس في مطعم فندق «جوانا» في منطقة جوان لي بين في جنوب فرنسا، ومن هناك بدأت قصة النجاح بعد حصوله على نجمتي ميشلان.
وانتقل بعدها إلى باريس بطلب وعرض مغر من مطعم لويس الخامس عشر، وتعهد دوكاس بأن يجني للمطعم 3 نجمات ميشلان في غضون أربع سنوات، وكان هذا التعهد من شبه المستحيل ولكنه تمكن من تحقيقه.
واستمرت مسيرة النجاح وانضم دوكاس إلى فندق «بلازا أتينيه» عام 2000، ويعتبر هذا الفندق من أهم عناوين الإقامة في باريس، واستطاع الحصول على ما يعرف بالـ«أكولاد» في أقل من خمسة أشهر.
وفي عام 2006 حصل على ثلاث نجوم ميشلان في مطعم «إسيكس هاوس»، ليكون أول طاه يقوم بإدارة ثلاثة مطاعم تحمل ثلاث نجوم في نفس الوقت.
وحصل مطعمه الواقع في فندق «دورشيستر» في لندن على ثلاث نجوم ميشلان. وها هو اليوم يدير أكثر من 20 مطعما، من بينها ثلاثة يحمل كل منها ثلاث نجوم. وفي عام 2013 حصل على جائزة أعلى تقدير، نسبة لنجاحاته المتتالية في عالم الطهي وانضمام مطاعمه إلى لائحة أهم 50 مطعما حول العالم.