«الفيل الأزرق 2» يجني إيرادات موسم «الأضحى» مبكراً في مصر

تصدّر شباك التذاكر محققاً 16 مليون جنيه في 4 أيام

«الفيل الأزرق 2» يجني إيرادات موسم «الأضحى» مبكراً في مصر
TT

«الفيل الأزرق 2» يجني إيرادات موسم «الأضحى» مبكراً في مصر

«الفيل الأزرق 2» يجني إيرادات موسم «الأضحى» مبكراً في مصر

استبق صناع الجزء الثاني من فيلم «الفيل الأزرق» موسم عيد الأضحى السينمائي، بطرحه في دور العرض بمصر ودول الخليج مساء الخميس الماضي، ليبدأ السباق مبكراً، ويتصدر شباك التذاكر حالياً، محققاً 16 مليون جنيه في 4 أيام، متفوقاً على كل أفلام موسم عيد الفطر التي لا تزال موجودة في دور العرض مثل «الممر» و«كازابلانكا»، و«حملة فرعون» و«محمد حسين»، و«سبع البرمبة»، ومن المقرر أن تستمر تلك الأفلام بدور العرض حتى انطلاق موسم عيد الأضحى السينمائي بشكل رسمي.
أحمد بدوي، رئيس شركة «سينرجي فيلمز» المنتجة للفيلم، قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «قرار طرح الفيلم مبكراً، جاء بعد دراسة السوق جيداً، والتأكد من أن هذا التوقيت هو الأنسب لطرح الفيلم، لعدم وجود أفلام جديدة منذ موسم عيد الفطر، في حين أن الصيف موسم في حد ذاته، ويقبل فيه الجمهور على مشاهدة الأفلام الكبيرة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذا القرار سيمكن الفيلم من تحقيق إيرادات جيدة تضاف إلى نصيبه من إيرادات عيد الأضحى، الأمر الذي يساعد في استعادة ميزانية الفيلم، وتمكين الشركة من إنتاج مزيد من الأفلام الضخمة التي يحلم بها الجمهور من حيث الجودة والميزانية، ويجعل المغامرة محسوبة أكثر في إنتاج الأفلام الكبيرة.
وتبدأ أحداث «الفيل الأزرق 2» باستدعاء الدكتور يحيى راشد (كريم عبد العزيز) لقسم الحالات الخطرة، ويلتقي هناك بمن يتلاعب بحياته وحياة أسرته، ليستعين بأقراص «الفيل الأزرق» في محاولة منه للسيطرة على الأمور وحل الألغاز التي تواجهه.
وعن تحقيق الجزء الثاني من «الفيل الأزرق»، الذي تم إنتاجه بعد مرور 5 سنوات من الجزء الأول، إيرادات كبيرة، مع طرحه قبل الموسم، ومدى مساهمة ذلك في تغيير خريطة المواسم السينمائية في مصر، يقول الناقد السينمائي محمود عبد الشكور، لـ«الشرق الأوسط»: إن «نجاح الفيلم في شباك التذاكر ارتبط بفترة الإجازة الصيفية لطلاب المدارس والجامعات وليس فقط بالعيد، لأن الشريحة العمرية التي تشاهد السينما في العالم وليس فقط في مصر، تتراوح أعمارها من 15 إلى 30 سنة تقريباً، وبالتالي يهرب الموزعون قدر الإمكان من طرح الأفلام الكبيرة في وقت امتحانات طلاب الثانوية والجامعات». مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه «ضد فكرة المواسم لأنها ليست مبنية على دراسات وأبحاث على الجمهور، وليس معروفاً على أي أساس يحدد صناع السينما توقيت طرح أفلامهم».
وينتقد الخبراء عدم وجود مراكز معتمدة في مصر تتمتع بالمصداقية لقياس نسب المشاهدة لمعرفة اتجاهات الرأي العام والجمهور، وطالبوا شركات التوزيع والإنتاج المصرية بعمل استفتاءات بسيطة للحصول على مؤشرات حقيقية من جمهور السينما لرسم خطط إنتاجية مثمرة.
ويضم الجزء الثاني من «الفيل الأزرق»، نفس فريق عمل الجزء الأول، مروان حامد مخرجاً، وأحمد مراد مؤلفاً، وكريم عبد العزيز ونيللي كريم وشيرين رضا أبطالاً، وانضمت إليهم الفنانة التونسية هند صبري، كما يظهر الفنان إياد نصار ضيف شرف.
ويؤكد عبد الشكور أن إقبال الجمهور على «الفيل الأزرق 2» يرجع إلى ارتباط الجمهور بالجزء الأول، بجانب شعورهم بعد مشاهدة البرومو الخاص بالجزء الثاني بأنه لن يخذلهم عندما يذهبون إلى السينما، مؤكداً في الوقت نفسه على أن الفيلم جيد جداً في مستوى صناعته، وربما كان أكثر إحكاماً من الجزء الأول، ومن المتوقع أن يواصل تحقيق الإيرادات الكبيرة، وينافس أيضاً على اقتناص الجوائز، فهذا الفيلم قادر على تحقيق المعادلة الصعبة؛ أن يرضي الجمهور والنقاد.
ومن المقرر أن يتنافس فيلم «الفيلم الأزرق 2» مع عدد من الأفلام الكبيرة في موسم عيد الأضحى منها الجزء الثاني من فيلم «ولاد رزق»، بطولة أحمد عز وعمرو يوسف وأحمد الفيشاوي وأحمد داود، وكذلك الجزء الثاني من فيلم «الكنز» بطولة محمد رمضان ومحمد سعد وروبي وهند صبري، وفيلم «خيال مآتة» بطولة أحمد حلمي، وفيلم «كل سنة وأنت طيب»، بطولة تامر حسني، وزينة، وخالد الصاوي.


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)