الذكاء الصناعي قادم بشكل يشبه إلى حد كبير ما يفعله البشر

الذكاء الصناعي يعد تقنية للتعرف على الأنماط المعقدة
الذكاء الصناعي يعد تقنية للتعرف على الأنماط المعقدة
TT

الذكاء الصناعي قادم بشكل يشبه إلى حد كبير ما يفعله البشر

الذكاء الصناعي يعد تقنية للتعرف على الأنماط المعقدة
الذكاء الصناعي يعد تقنية للتعرف على الأنماط المعقدة

يمكن أن يساعد في تتبع الأطفال المفقودين؛ ولكن يخطئ في التعرف على الأشخاص من خلال اللون. يمكن أن يساعد في اكتشاف السرطان؛ ولكن قد يوصي بالعلاج الخاطئ. يمكن أن يساعد في تعقب المجرمين؛ ولكن يمكن أن يساعد أعداء أجانب في استهداف الناخبين. يمكن أن يحسن الكفاءة؛ ولكنه يعزز استمرارية التحيز.
إنه الذكاء الصناعي، وهو تقنية تعليم الآلات كيفية التعرف على الأنماط المعقدة، واتخاذ القرارات بناء على ذلك، بشكل يشبه إلى حد كبير ما يفعله البشر، وفي حين أن الفوائد المرجوة من هذه التكنولوجيا كثيرة، فإن الجوانب السلبية قد تكون ضارة؛ بل وخطيرة، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
في العام الماضي، تتبعت الشرطة في نيودلهي، على سبيل المثال، 2930 طفلاً مفقوداً في أربعة أيام، باستخدام تقنية تجريبية للتعرف على الطفل من خلال الوجه، والتي تعرفت عليهم عن طريق فحص قاعدة بيانات تضم 45 ألف طفل يعيشون في ملاجئ ومنازل.
ومع ذلك، فإن أداة التعرف على الوجه التي طورتها شركة «أمازون»، واختبرها اتحاد الحريات المدنية الأميركي في عام 2018، حددت بشكل خاطئ 28 من أعضاء الكونغرس كأشخاص تم القبض عليهم لارتكاب جريمة، واختارت بشكل غير متناسب مشرعين أميركيين من أصل أفريقي، بما في ذلك رمز الحقوق المدنية جون لويس.
وأدى التقدم الكبير في قدرة أجهزة الكومبيوتر على التعرف على الأنماط المرئية واللغات البشرية، بما في ذلك التعرف على الشخص من خلال الصوت والمسح الضوئي للبيانات، وعلى التعلم دون إشراف، إلى تقريب الآلات من تحقيق المهام المعرفية التي كانت قاصرة على البشر. وتمثل الكميات الضخمة من البيانات المحفوظة لدى القطاع الخاص والحكومات «الغذاء» الضروري، الذي يجب أن تستوعبه أجهزة الكومبيوتر لتعلم المهارات الجديدة.
ويحاول المشرعون والمنظمون، الذين ما زالوا يصارعون سلبيات عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مثل فقدان الخصوصية والقرصنة الإجرامية وانتهاك البيانات، الآن، تحقيق التوازن بين فوائد الذكاء الصناعي الموعودة ومخاطره. وتسعى مجموعات الصناعة وجماعات الضغط والنقابات إلى إدارة نقاش حول اللوائح المتعلقة بالتقنيات التي يمكن أن تتسبب ذات يوم في مزيد من فقد الوظائف، بسبب زيادة الاعتماد على التشغيل الآلي (الأتمتة). وتطالب منظمات الحقوق المدنية وبعض خبراء التكنولوجيا بمزيد من الرقابة لمنع التحيز والممارسات التمييزية.
وقال جيسون شولتز، أستاذ القانون بجامعة نيويورك، المشرف أيضاً على قسم القانون والسياسة في معهد «NYU'sAI Now»، إن المضي في الطريق إلى الأمام في هذا المجال، أمر معقد أيضاً؛ لأن الذكاء الصناعي نشأ تقريباً بشكل أساسي من واقع التكنولوجيا والبيانات الحالية، بعيداً عن العوائق التي تفرضها قيود الخصوصية والاستخدام. ويضيف شولتز: «نحاول الآن معرفة ما إذا كانت أساليب الدعم التعليمي المتاحة لنا في عصر الإنترنت كافية للذكاء الصناعي، أم أننا بحاجة إلى مؤسسة جديدة بالكامل».
على سبيل المثال، تستخدم مؤسسة «Northwell Health»، وهي أكبر مزود للرعاية الصحية في ولاية نيويورك، جهاز «Echo» من إنتاج شركة «أمازون»، وهو جهاز يعتمد على استخدام الصوت، للمساعدة في الرد على استفسارات المرضى بالمستشفيات عن كل شيء، بدءاً من الأدوية إلى الموسيقى، وتخزن أجهزة الموجات الصوتية النموذجية تسجيلات طلبات المستخدمين على خوادم «أمازون»؛ لكن «نورثويل» تحرص على امتثال خوادمها لقانون حماية الأفراد المشمولين بالتأمين الصحي الصادر عام 1996 عن الكونغرس، والذي يضع أيضاً مجموعة من المعايير الخاصة بتخزين المعلومات الطبية للمرضى والمحافظة عليها.
وتساءل شولتز: «لكن هل هذا يكفي، أم أننا بحاجة إلى لوائح جديدة؟». في الولايات المتحدة، بدأ أعضاء الكونغرس إدراك الأخطار المحتملة للاستخدام الواسع النطاق لتقنيات الذكاء الصناعي، وقاموا بصياغة مشروعات قوانين لا تتطلب فقط مزيداً من الشفافية والمساءلة الخاصة بهذه الأنظمة الآلية، ولكنها تسمح أيضاً للمستخدمين بحجب بعض المعلومات من مجموعات البيانات الكبيرة التي تحرك الذكاء الصناعي.
ويقول المشرعون ذوو المعرفة بهذه التكنولوجيا، إنه يجب أن يكون أعضاء الكونغرس على دراية ومعرفة أفضل، قبل إصدار تشريع يتناول الذكاء الصناعي، لتجنب تكرار إخفاقات تقنيات الإنترنت في الماضي. وبصفته أحد محبي سلسلة أفلام «حرب النجوم»، أعرب المشرع أندريه كارسون عن حماسه واهتمامه بإمكانات الذكاء الصناعي.
وقال كارسون، إن التقنيات التي يمكن أن تساعد مكتب التحقيقات الفيدرالي وأجهزة إنفاذ القانون الأخرى، في استهداف المجرمين والإرهابيين المحتملين، يمكن أن تستخدم بسهولة من قبل الخصوم لاستهداف الناخبين وإثارة الخوف، وقال: «كل ما يتم ابتكاره من أجل الخير يمكن استخدامه لأغراض شريرة».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».