عامر منصور... فلسطيني يبهر الدنماركيين بأطباقه

المزج الجريء للنكهات «خبرة وتذوّق»

عامر منصور  -  عجة الخضار والبيض
عامر منصور - عجة الخضار والبيض
TT

عامر منصور... فلسطيني يبهر الدنماركيين بأطباقه

عامر منصور  -  عجة الخضار والبيض
عامر منصور - عجة الخضار والبيض

من تحت يديه تخرج أطباق ليست للشبع والسلام؛ بل كي تدندن حاسة التذوق أغنية المرح ومعها بقية الحواس، ولعل طبق زهرة الكوسا المحشية بقطع الدجاج والخضار واحد من أفضل الأمثلة.
عامر منصور شيف فلسطيني يعيش منذ سنوات طويلة في الدنمارك التي أحب أهلُها ما يقدمه من وصفات عربية تراثية خرج فيها عن القوالب الثابتة إلى مساحة من الابتكار، محاوِلاً إظهار ما يحمله طعام الشرق من جمالٍ جريء.
- الطبخ يُنسيه نفسه
يلعب في النكهات كما لو أنها صلصال ليخلق من مزيجها علاقة لطيفة غريبة مهما بدت متضاربة، وبين الحقول الخضراء يمشي الرجل الذي عانى كثيراً في الحياة باحثاً عن ثمار العلّيق (التوت البري) ليحضّر معها قطعة ستيك مشوية مع بطاطا حلوة وكوسا، حالة نقاء كهذه لا يجوز له إلا أن يستجيب لإلهام الطبيعة فيها من دون تلكؤ.
فلسفة عامر تتلخص في التركيز على نوع الطعام بعيداً عن كمّه، إذ يتحرى الصحي منه «لأن المعدة مسؤولية»، كما يقول، مما يزيده حرصاً على استخدام كثير من الخضراوات لأجل أطباق تحفظ «تاج الصحة»، وبقليل من التفحّص فإن منها ما يناسب المرضى، مثل وصفاتٍ خاصة يحضّرها من دون طحين.
يقول في حديث مع «الشرق الأوسط»: «أندفع بشغفٍ نحو مزج النكهات مع بعضها، الحامض مع الحار والحلو والمر، هذا الاندماج يثير بداخلي التحدي يتلخص في أن يلتبس الأمر على ضيفي من أول لقمة يضعها في فمه إلى درجة ألا يميز ما يأكله على وجه التحديد. وذلك يتطلب إجراء عدة تجارب لاستكشاف النكهات، وبطبيعة الحال لا أنجح في الوصول إلى المذاق المطلوب من المرة الأولى، ويا لسعادتي حين آتي به».
يتجاوز عامر ظروفه الشخصية فارّاً بنفسه إلى الطبخ، لعل أوجاعه في الحياة تُشفى، وحينها ينسى ما حوله عندما يحلّق إلى عالم آخر، كما تقول زوجته التي تساعده بصبر في خوض مغامراته، فما إن تخطر بباله فكرة حتى يهرع إلى مطبخه، ولن تصدقوا مقدار الفرح الذي يغمره إذا ما نجح في مراده.
وُلد وعاش في لبنان، إلا أن زيارة فلسطين في طفولته من أكثر ما علق بذاكرته، فما زالت وجوه النسوة وهن يحضّرن خبز الطابون والمسخن والمنسف حاضرة، وأكلات ونكهات لم يمحُها الزمن، ومن هنا استيقظ حس الاستكشاف فيه لتجريب العديد من الوصفات.
ولّى شباب الشيف عامر، إلا أن قلبه يستمر في الضحك رغماً عن المشيب عندما يستذكر تلك الأيام بحنين قائلاً: «كانت أمي تطهو أطباقاً تقليدية فيها مزيج من الطعام العثماني والعربي، أتذكر أكلة اللبنية التي كانت رديفاً للفقر في قاموسي، فقد عشنا حياة قاسية في المخيمات، وطعام على هذه الشاكلة لم يكن جاذباً لنا، لاعتقاد ساذج في ذلك الوقت بأن الطبخة الأمثل هي التي يدخل اللحم في مكوناتها، وحين كبرنا عرفنا أن العديد من الأطباق الشهية لا تحتوي على اللحم».
ويؤكد الصغير الذي بداخله أن طعم «الأرز بالشعرية» المنكّه بسحر أمه باقٍ حتى آخر نَبضة، وعلى سيرة الأرز، فإن الدنماركيين ينبهرون بطريقة عامر في تحضيره ويحلو لهم تناوله في مناسباتهم، لقد أحبوا طريقته في فلفلة الأرز؛ فالشعب الدنماركي العاشق للبطاطا لا يجيد طهي الأرز، حسب قول ابن قرية «كفر كنا».
«السلطة العربية على بساطتها أثارت دهشتهم أيضاً، بما فيها من ليمون وزيت زيتون وملح!»... يضيف عامر ببسمة ووقار لا يفارقان صوته: «أشعر بفخر كوني عربياً مسلماً، وأحظى بشعبية كبيرة في المدينة التي أقيم فيها، فقد بذلتُ قصارى جهدي لإبراز بعض من محاسن طعامنا برؤية خاصة. أطبخ من قلبي، وأعتقد أنه سبب كافٍ ليحب أصدقائي الدنماركيون أطباقي».
- الرمان بدل النبيذ
كَرنفال ألوان في سَلطة تتراقص فيها الفاكهة والخضراوات بخفة، وقد يحل سمك السالمون المشوي ضيف شرف على سلطة الفاكهة تلك، مضيفاً إليها أفوكادو وبصلاً أخضر ومانجو حامضة، والمانجو نفسها من الممكن أن تعاكس شرائح اللحم الطرية.
سافر عامر إلى دولة الإمارات في عمر التاسعة عشر، منضمّاً إلى إخوته للعمل في مطعمهم وحينها بدأ بتعلم الأبجديات، ثم عمل نادلاً في أحد الفنادق وأثناء ذلك بدأ يفكر بشكلٍ آخر، حقّاً لقد غيرّت هذه الموهبة منظوره للطعام، فبات يراه فناً وتذوقاً بالفطرة وخبرة متراكمة أكثر من مجرد تعليم رسمي، ووفقاً لذلك أخذ يطور من ممارسته العملية صابّاً اهتمامه على نوعية الأطباق. ومن العلامات الفارقة التي قدّمها على مدار السنوات شغفه بوصفات فاكهة الرمان، حتى إنه جمع ما يرتبط بها من سلطات وطبخات في كتاب يكشف عن جانب جديد من التراث الفلسطيني، وبانتظار أن تتهيأ الظروف المناسبة لطباعته، تبعاً له.
يخبر «الشرق الأوسط» عن «الحمراء الفاتنة» فيقول: «الرمان إرث رائع اشتهرت به قريتي (كفر كنا)، وقد حرصت في كل عام على زيارتها خصيصاً لحضور مهرجان الرمان، كنت أراقب بانبهار طرق تحضير (الختِيارات) - العجائز - لأطباق الرمان المتنوعة، ثم يأتي دوري، وأنكبّ على تحضير سلطات من وحي أفكاري من قبيل سلطة الرمان مع القمح، مما أثار استغراب نساء القرية، لأنهن لم يجربن الخروج عن المألوف».
وبحسب رأي عامر منصور، لم يكن للناس فيما مضى أن يستسيغوا مزج النكهات ببساطة إلا أن الوعي بأهمية التذوق المتجدد والانفتاح على التجارب الأخرى ساعد بعض الشيء في تقبل هذه التحولات.
«ما رأيكم باحتساء عصير الرمان بدلاً من النبيذ»؟! كان ذلك اقتراحاً من الشيف عامر لاقى تجاوب البعض ممن يثقون بأدائه، ولا يمانعون في تجربة خيارات جديدة.
سألتُه عن المكونات العربية التي يحب العزف عليها، فأجاب على الفور: «الرمان والزعفران والكركم، ناهيك بأنواع من الخضراوات لا تتوفر في الوطن العربي (مثل الشمندر)، إذ تعود الدنماركيون على تناولها، وبدوري أستخدمها بشكل يختلف عن النسق المكرر. حمداً لله أن مذاقاتي طابت لهم».
ويعطي أحياناً حصصاً في الطهي العربي للراغبين، مع العلم بأنه يُحضّر مأكولاته الشهية في البيت، متحفظاً على ذكر سبب عدم عمله في المطاعم الدنماركية.
يواصل حديثه بعد استراحة قصيرة: «لو كان لي مطعمي الخاص لأبدعتُ بلا حدود، ومع ذلك متفاءل بأني سأتقدم كثيراً في هذا المجال، لا سيما في تحضير المعجنات الصحية، في الفترة الأخيرة تشرفتُ بمتابعة طهاة كبار لأعمالي... وهذا مؤشر جيد».
وبالنظر إلى أسلوب تقديمه وتصويره، فله لمسة رشيقة وعفوية، ومع ذلك لا يُغفِل الإشادة بـالمستوى «المحترم» لـ«الفود ستايل» في الدنمارك مُقرّاً بأنه تعلم الكثير منه «المطبخ الغربي له فضل علينا في إكسابنا طرق التزيين وما شابه»، يقولها بنبرة امتنان.
- «شغلهم بجنّن»
يحيا مع أبنائه وأحفاده في أجواء أسرية حميمة لا سيما عندما يجتمعون على مائدة واحدة، ففي صباح النشاط قد يُحضّر الجد عامر الفطور الفلسطيني (القحّ) - كلمة شعبية تعني «على أصوله»؛ ويروق له أن يفاجئهم بين وقتٍ وآخر بأطباق يحبونها على مائدة الغداء مثل المعكرونة مع البيستو، وشوربة البطاطا الحلوة، وقد يكون إلى جانبهما «الأرضي شوكي»، وبروح الدعابة يصفها بالقول: «قاعدة زي العروس». إنه بالمختصر يتقنها فيحضرّها بحب.
«طهاة فلسطينيون في الأراضي المحتلة لديهم مواهب جبارة ولا تواتيهم الفرصة للانطلاق نحو الخارج» يحزن من أجلهم، وما يهوّن عليه نجاح البعض في السفر والانفتاح على المطابخ العالمية وتسجيلهم نجاحات «بترفع الراس»، معقّباً: «أفخر بكل فلسطيني في بلاد الغرب سعى وثابر حتى يقدم أطباقنا بشكل جذاب، وإن كان المطبخ الفلسطيني ينتشر بصعوبة في ظل تربّع المطبخ اللبناني على الساحة منذ زمن بعيد».
شخص إيجابي مثله يُمسك ببصيص النور ولا يفلته، فيلفت الأنظار إليه قائلاً: «بعد دخولي عالم (إنستغرام) دعيني أعترف أنني اندهشتُ من مواهب فلسطينيات وعربيات ليس على صعيد الطهي وحسب، وإنما في تصوير الطعام أيضاً... (شغلهم بجنن)، أذكر منهن سوسن أبو فرحة وفداء حداد وآسيا عثمان وليلى الهاشمي وأخريات».
«العم عامر» وفقاً للنداء الذي يحب مناداته به، يرى نفسه مَلكاً في الأسماك والباستات والسلطات، وقد أحسن صنعاً بابتكاره مشروبات صحية تنفعنا وتنعشنا، لنأخذ منه نصيحة مُجرِب يمنحنا أكثر من خيار: «قد تترددون أمام عصير السبانخ والمانجو، لكن يكفي أن تغمضوا عيونكم وتشربوه دفعة واحدة، ولا بأس إن جربتم عصير الأناناس مع الكركم، أو عصير الشمندر وبرتقال دم الزغلول، أما خليط الأفوكادو مع الموز وبذور الشيا بمنتهى الأمانة لا يُفوّت».
يتنفس بعمق في نهاية الحديث موجزاً قصته مع مزج النكهات بحلوها وحامضها ومرها: «الدافع عندي يُولد من جديد كلما قيلت هذه الجملة: (لو طبخ عامر الأحجار ستكون طيبة)».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».