الحكومة المكسيكية تتهم «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي

الدار ترد بأن ما ظهر في أزيائها مجرد {اقتباس فني}

من تشكيلة الدار لـ«كروز 2020»
من تشكيلة الدار لـ«كروز 2020»
TT

الحكومة المكسيكية تتهم «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي

من تشكيلة الدار لـ«كروز 2020»
من تشكيلة الدار لـ«كروز 2020»

بماذا يدين العقّاد للجاحظ؟ أو بيكاسو ودالي لعبقري عصر النهضة ليوناردو دافنشي؟ وهل من حقوق متوجبة لسرفانتيس على غارسيّا ماركيز، أو لشكسبير على جون كيتس؟ أسئلة لا بد من طرحها كلّما أثير موضوع الانتحال الفني أو الأدبي، أو الاستقاء من مناهل الذين سبقونا في الابتكار والإبداع.
وليس عالم الأزياء، الذي أصبح من الدعائم الأساسية للاقتصاد في بلدان كثيرة، بغريب عن الجدل الذي يدور حول هذا الموضوع. أحد الفصول الأخيرة في هذا الجدل جاء من المكسيك، وبالتحديد من وزارة الثقافة التي وجّهت كتاباً إلى دار الأزياء العالمية «كارولينا هيريرا»، تتهمها فيها بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية ظهرت في مجموعة أزيائها الأخيرة، التي أشرف عليها المدير الفنّي الجديد الشاب نيس غوردون.
وتقول وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو، في رسالتها، إن بعض تصاميم المجموعة الأخيرة التي عرضتها دار «كارولينا هيريرا» منسوخة من «الرؤية الكونيّة» لبعض الشعوب الأصلية في المكسيك، وتطلب من صاحبة الدار كارولينا هيريرا ومديرها الفني تفسيراً علنيّاً للأسباب التي حدت بهما إلى استخدام هذه العناصر الثقافية، وتسأل إذا كان السكّان الأصليون الذين تشكّل هذه العناصر جزءاً أساسياً من تراثهم سيستفيدون من مبيعات هذه المجموعة، أم لا.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الفساتين التي ظهرت في العرض الأخير، تحمل مطرّزات بألوان زاهية لأشكال حيوانية متشابكة مع زهور وأغصان مأخوذة عن الملابس التي يستخدمها سكّان منطقة تينانغو دوريا في المناسبات الاحتفالية، وهي مطرّزات تحكي تاريخ أولئك السكان وتحمل رسومها معاني شخصية وعائلية خاصة بهم. كما أن مطرّزات أخرى بأشكال زهور على أقمشة داكنة في المجموعة مقتبسة من تراث القبائل التي استوطنت مقاطعة واخاكا منذ القدم.
وتعتبر الوزيرة المكسيكية أن هذا الوضع يستدعي مناقشة عالمية حول الحقوق الثقافية للشعوب الأصلية، «لأنها مسألة أخلاقية تلزمنا لفت الانتباه لطرح هذا الموضوع الذي لم يعد يحتمل التأجيل ولا المماطلة، وتقتضي منّا تسليط الضوء على الذين عاشوا حتى الآن في الظلّ».
قضيّة «كارولينا هيريرا» مع الرسوم المكسيكية ليست الأولى في عالم الأزياء، فمنذ أشهر سجلت كيم كارداشيان عبارة «Kimono» علامة تجارية لمجموعتها الأخيرة من الملبوسات الداخلية في الولايات المتحدة، فأثارت عاصفة من الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر عشرات الآلاف من اليابانيين أن ذلك يشكّل تعدّياً على أحد رموزهم الوطنية. كانت الحملة قوية إلى حد أن كارداشيان اضطرت للاعتذار والتراجع عن خطوتها. وفي أواخر العام الماضي، قررت دار «Nike» للملبوسات والأدوات الرياضية سحب أحد أحذيتها من السوق بعد أن احتجت مجموعة «Guna» للسكان الأصليين في باناما على «سرقة» تصميم الحذاء من رسوم «Mola» التي تعتبر جزءاً من تراثها الفولكلوري.
وفي عام 2017، قدّمت دار «شانيل» خلال عرض أزيائها للربيع والصيف مجموعة من الإكسسوارات، من بينها أداة «بوميرانغ» خشبية تحمل شعار الدار بثمن يزيد على ألفي دولار. أثار الأمر غضب سكان «ماوري» الأصليين في أستراليا الذين يستخدمون هذه الأداة منذ آلاف السنين للصيد من أجل البقاء والدفاع عن أنفسهم بوجه الحيوانات المفترسة. كما أن دار «لويس فويتون» الفرنسية سبق لها أن تعرّضت لتنبيهات وانتقادات من السلطات المكسيكية لاقتباساتها المتكررة من تراث الشعوب الأصلية في المكسيك لتصميم منتوجاتها من الحقائب الجلدية والألبسة.
عشرات الدور الأخرى مثل «مانغو» و«إيزابيل مارانت» و«مايكل كورس» و«إيتوال» تعرّضت في السنوات الأخيرة لانتقادات مجموعات السكان الأصليين في أميركا اللاتينية وأفريقيا، طالب بعضها بتعويضات مالية لم يُعرف بعد ماذا كان مآلها. وثمّة حالة ما زالت في انتظار بتّها أمام القضاء بعد الشكوى التي تقدّمت بها إحدى القبائل في جنوب أفريقيا ضد دار «جيفنشي» الفرنسية، تتهمها فيها بانتحال الرسوم التراثية على أزيائها التقليدية لتصميم إحدى مجموعاتها. ناهيك بالقضايا التي تواجه دار «زارا» الإسبانية بتهمة انتحال تصاميم لدور عالمية أخرى. حتى دار «نستلة» العملاقة لصناعة المواد الغذائية استخدمت تصاميم التراث المكسيكي لتسويق بعض منتوجات الشوكولاته.
في حالة «كارولينا هيريرا» وبعد يومين من الإعلان عن رسالة الوزيرة المكسيكية، ردّ مصممها الشاب غوردون قائلاً إن مجموعة «ريزورت 2020 الأخيرة هي (تكريم للثقافة المكسيكية الغنيّة ولمنتوجاتها الحرفية الرائعة)». وأضاف: «المكسيك حاضرة بقوة في هذه المجموعة، وقد حرصت على إبراز هذا التراث دليلاً على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».
وأشار غوردون إلى أن إعجابه بالأعمال الحرفية عموماً ازداد على مر السنوات بفضل زياراته المتكررة إلى المكسيك، وأنه قرر إبراز هذه الأعمال في تشكيلته الأخيرة أيضاً لتسليط الضوء على ثراء هذا التراث الثقافي. لكن المدير الفنّي للدار الذي تولّى منصبه منذ أقل من عامين إثر انكفاء صاحبتها عن التصميم بعد 37 عاماً من الإبداع المتواصل، لم يوضّح ما إذا كانت الشعوب الأصلية التي اقتبس من رسومها التراثية وملابسها التقليدية سوف تستفيد أو لا من مبيعات المجموعة الجديدة.
وتعمل الحكومة اليسارية في المكسيك حالياً على وضع تشريعات جديدة تحول دون تكرار مثل هذا الانتحال الثقافي، حيث ينكبّ مجلس الشيوخ على مناقشة مشروع قانون لحماية الحقوق الثقافية للشعوب الأصلية والأفرومكسيكية. ويهدف المشروع إلى تعديل القانون الحالي للملكية الفكرية من أجل منع مصممي الأزياء من استخدام تراث هذه الشعوب من غير موافقتها.
وتقول رئيسة لجنة الثقافة في مجلس الشيوخ المكسيكي، وهي من مقاطعة واخاكا، إن القانون يعيد ملكية التراث الفني والثقافي للشعوب الأصلية. وتضيف: «على السوق أن تدرك أن هذه الرسوم والتصاميم ليست مجرد خطوط، بل تجسّد رؤية متكاملة للكون وللحياة عند هذه الشعوب القديمة التي تطالب بالاحترام وليس بالمال، ومن باب الاحترام يجب أن يأتي إليها المبدعون والفنانون ليطلبوا الإذن منها قبل اقتباس تراثها».
ويحفظ نص القانون الجديد حق الشعوب الأصلية في توقيع اتفاقات مع المصممين لاستخدام الرسوم التراثية والعناصر الحرفية، على غرار الاتفاق الذي وقعته شركة المفروشات الفاخرة «رزش بوبوا» (Roche Bobois) منذ سنوات مع السكان الأصليين، بحيث يحصلون على نسبة مئوية من سعر كل قطعة مبيعة، أو الاتفاق الذي بموجبه تدفع المصممة المكسيكية كارلا فرنانديز مبلغاً من مبيعاتها للشعوب الأصلية التي تقتبس تصاميمها من تراثها.
القضية مرشحة لمزيد من التفاعل فيما يستمرّ الجدل بين المؤيدين والمعارضين ويحتدم النقاش حول ماهيّة التراث الثقافي وعلاقة الإبداع الفني به. ثمّة من يعتبر أن التراث الثقافي، كالثقافة ذاتها، محكوم بالفناء والاندثار خارج دائرة التفاعل الفكري والترافد الفني، ولا يجوز تحويله إلى سلعة وإخضاعه لمقتضيات العرض والطلب في السوق التجارية. وثمّة من يرى أن القضية، كغيرها، تخضع لموازين القوى بين الأطراف المعنية، ولا يجوز أن يُسمح للطرف القوي بالاستيلاء على رموز التراث الثقافي للطرف الضعيف، والمفاخرة بأن الفضل يعود له بالتعريف عنها وترويجها، بينما في الواقع يستغلها سلعة تجارية لمنفعته الخاصة.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة والمنظمة العالمية للملكية الفكرية تنشطان منذ عامين في التفاوض حول اتفاقية دولية لحماية التراث الثقافي التقليدي وتنظيم الاستفادة من محتواه لأغراض تجارية. ويعود ذلك بشكل أساسي للصحوة التي شهدتها الشعوب الأصلية في العقود الثلاثة الماضية، وما رافقها من وعي بأهمية تراثها وحقها في الدفاع عنه، وما نشأ عن ذلك من اتفاقات ومعاهدات دولية.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.