المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تعدى دورهم الترويج ودخلوا مجال التصميم والإبداع

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.


مقالات ذات صلة

بعد طول مكابرة... صناع الموضة يُراهنون على منطقة الشرق الأوسط بكثافة

لمسات الموضة من عرض «فيلفيتي كوتور» (مجلس الأزياء العربي)

بعد طول مكابرة... صناع الموضة يُراهنون على منطقة الشرق الأوسط بكثافة

صناع الموضة أدركوا أن المكابرة والاستمرار في تجاهل سوق الشرق الأوسط خسارة. كلهم يتوددون لهذه السوق أملاً في كسب زبائن مقتدرين ويقدِّرون الموضة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة من عرض الـ«كروز» الذي قدمته الدار في لندن لعام 2024 (أ.ب)

الأزمة العالمية تودي بمصمم دار «غوتشي» بعد عامين فقط

لم يكن التوقيت في مصلحة المصمم... ما بين تغير سلوكيات المستهلك، والركود الذي تشهده الأسواق الآسيوية، كما أن اقتراحاته كانت هادئة لم تُحفز الرغبة في الشراء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة العارضة أندريانا ليما في عرض مانيش مالهوترا (مجلس الموضة العربي)

المصمم الهندي مانيش مالهوترا يختتم أسبوع دبي للموضة

اختتم أسبوع دبي لخريف وشتاء 2025-2026 يوم السبت الماضي، بعرضٍ مثير للمصمم الهندي مانيش مالهوترا. كان عالمياً بكل المقاييس، ليس من ناحية تنوع التصاميم وبريقها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة ستيفان رولان يُحيِّي ضيوفه في آخر العرض مع العارضة كوكو روشا (إ.ب.أ)

لا يزال موسم الأزياء الراقية لربيع وصيف 2025 مستمراً

في معظم العروض تحوَّلت العارضات إما إلى منحوتات وإما إلى أشكال معمارية متحركة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة حتى الفساتين الفخمة اتسمت بالحيوية والديناميكية في عرض «شانيل» (رويترز)

أسبوع الأزياء الراقية لربيع وصيف 2025 وتصاميم تسعى لاختراق حدود الإبداع

المتابع العادي لموسم الأزياء الراقية، المعروف بالـ«هوت كوتور»، قد يرى الاقتراحات التي تطرح خلاله سريالية لا تمتّ إلى الواقع بصلة.

جميلة حلفيشي (لندن)

«سيربانتي» بولغاري X إم بي آند إف… تستمد قوتها من السيارات

ثمرة هذا التعاون هو 3 إصدارات مختلفة يضمّ كلّ منها 33 قطعة فقط (إم بي آند إف)
ثمرة هذا التعاون هو 3 إصدارات مختلفة يضمّ كلّ منها 33 قطعة فقط (إم بي آند إف)
TT

«سيربانتي» بولغاري X إم بي آند إف… تستمد قوتها من السيارات

ثمرة هذا التعاون هو 3 إصدارات مختلفة يضمّ كلّ منها 33 قطعة فقط (إم بي آند إف)
ثمرة هذا التعاون هو 3 إصدارات مختلفة يضمّ كلّ منها 33 قطعة فقط (إم بي آند إف)

ما الذي يمكن أن يجمع «إم بي آند إف» MB&F و«بولغاري» BVLGARI؟ فالفرق بينهما شاسع بالنسبة لعشاق الساعات الفاخرة. بيد أنهما في تعاوناتهما الأخيرة قرَّبتا الفجوة بينهما مؤكدتين أن روابط مهمة تجمع بينهما، منها رغبة محمومة على كسر المعايير التقليدية، وأيضاً الشغف بعالم السيارات جمع بين فابريزيو بوناماسا ستيلياني، مدير الابتكار الساعاتي لدى «بولغاري»، وماكسيميليان بوسير، المؤسس والمدير الإبداعي لـ«إم بي آند إف».

لم تعد «سيربانتي» ساعة أنثوية بل أيضاً تحفة تقنية بفضل خبرة «إم بي آند إف» (إم بي آند إف)

هذا التأثير كان واضحاً في علبة تشبه هيكل سيارة أنيقة، وبلور سافيري معقد يتّخذ شكل اللوحات الموجودة على النافذة الخلفية لسيارة رياضية، وتيجان يمكن الخلط بينها وعجلات السيارة بسهولة... كما يتضمن الجزء الظاهر من الحركة مكونات تشبه محرك السيارة، بما في ذلك شبكة تحمل تصميم الحرشفة السداسية الشهيرة التي سبقت رؤيتها في إبداعات «سيربانتي» السابقة. وعلى غرار سيارة، يختلف المنظور تماماً عند النظر إليها من الأمام، أو الجانب، أو الأعلى، أو الخلف.

يتّخذ دماغ هذه الزاحفة الميكانيكية شكل عجلة توازن ضخمة بقياس 14 مم (إم بي آند إف)

«بولغاري» التي تأسست في عام 1884 بنت سمعتها على خبرة طويلة تمزج فيها بين الأناقة الإيطالية والدقة السويسرية، وهو ما يظهر جلياً في مجموعات أيقونية مثل «سيربانتي»، «أكتو فينيسيمو»، و«بولغاري بولغاري».

«إم بي آند إف»، في المقابل لم تر النور حتى عام 2005 على يد ماكسيميليان بوسير وأصدقائه. ورغم سنواتها القصيرة، فقد نجحت في استقطاب الهواة، والعارفين باتوا يتوقعون منها ساعات على شكل منحوتات ثلاثية الأبعاد، تستلهمها حيناً من الخيال العلمي، وحيناً من السيارات الفائقة، أو من الكائنات الحية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا ليس أول تعاون يجمع «بولغاري» مع «إم بي آند إف». فقد بدأ في عام 2021، عندما جمع لقاء عابر بين فابريزيو وماكسيميليان أثمر عن إطلاق إصدار «إم بي آند إف x بولغاري إل إم فلاينغ تي أليغرا»، الذي دمج بين عالم مجوهرات بولغاري المفعم بالحياة والألوان ومجموعة «ليغاسي ماشين» الخاصة بـ«إم بي آند إف».

يتّخذ دماغ هذه الزاحفة الميكانيكية شكل عجلة توازن ضخمة بقياس 14 مم (إم بي آند إف)

نجاح التجربة الأولى شجع فابريزيو وماكس على إعادة الكرّة. فساعة «سيربانتي» الأيقونية وُلدت في عام 1948، وحان الوقت لإدخالها عالم الساعات الميكانيكية الذي تتقنه «إم بي آند إف». والنتيجة كانت ساعة «بولغاري x إم بي آند إف سيربانتي». تطويرها لم يقتصر عند حدود الهندسة الميكانيكية ومفهوم الحركة فحسب، بل شمل أيضاً تصميم العلبة وصناعة القطعة نفسها.

عملية تصميم مكثفة

يكشف تصميم العلبة المفتوحة وجزئها الخلفي عن العمليات المعقدة للحركة (إم بي آند إف)

وفقاً لفابريزيو بوناماسا ستيلياني، كانت جوانب التصميم «متعة خالصة»، ممّا قد يوحي بأن هذه المرحلة كانت سهلة نسبياً، غير أنّ مئات الرسومات وعشرات النماذج ثلاثية الأبعاد المطبوعة تشهد على خلاف ذلك. وعلى نقيض العلبة الدائرية الكلاسيكية التي توفّر عدداً محدوداً من الأبعاد، جاء تصميم «بولغاري x إم بي آند إف سيربانتي» بتعقيد غير مسبوق. كان لا بد من أن تكون جميع الزوايا متناغمة وجذابة بصرياً بنفس القدر. وكما هو الحال في معادلة متوازنة بعناية تملك متغيرات متعددة، قد يؤثّر أي تعديل على زاوية أو منحنى، قصد تحسين جانب معين، سلباً على جانب آخر. وأفضى ذلك إلى ظهور عدد لا يحصى من الإصدارات لتصميم «بولغاري x إم بي آند إف سيربانتي».

علبة بآلية معقدة

يقول فابريزيو بوناماسا ستيلياني: لقد كان تصميم هذه القطعة ممتعاً لكن إنتاجها شكل تحدياً كبيراً من الناحية التقنية (إم بي آند إف)

تصنيع العلبة بمنحنياتها كان معقداً، إذ لم تقتصر هذه المنحنيات على المعدن فحسب، بل امتدت إلى البلورات السافيرية الخمس، بما في ذلك عينا الثعبان، والقسم الخلفي متعدد الأوجه، وتحقيق مقاومة للماء حتى عمق 30 متراً.

هذه العلبة المعقدة حققت رغبة فابريزيو في توفير حركة ميكانيكية لـ«سيربانتي» من خلال تحريك العينين، وقد تجسد ذلك في شكل قبتين دوارتين تعرضان الساعات والدقائق، حيث تدور القبة اليسرى دورة كاملة كل 12 ساعة، بينما تكمل القبة اليمنى دورتها خلال 60 دقيقة. تمّ تصنيع القبتين الرقيقتين مثل الورق من الألمنيوم الصلب لتكونا خفيفتين قدر الإمكان، وتمّ تزيين كلتا القبتين يدوياً بطبقة من سوبر - لومينوڨا، ممّا يسمح لعيني الثعبان بالتوهج حتى في الظلام.