ظلت البشرية على مدى قرون تنفذ أعمال تنقيب شاقة عن المعادن المفيدة لاستخراجها من الصخور، إلا أن العلماء تمكنوا من توظيف الميكروبات للتنقيب عنها على الأرض، فيما يعرف بطريقة «التنقيب البيولوجي».
ويأمل الباحثون الآن توظيف هذه الطريقة في الفضاء، في وعلى سطح القمر والمريخ، لاستخراج المعادن بهدف استخدامها على الكواكب والأجرام السماوية، بدلاً من إرجاعها إلى الأرض. وفي بحث جديد، يعد الأول من نوعه، أجري على متن المحطة الفضائية الدولية، قام الباحثون بدراسة كيفية نمو الميكروبات وتغييرها لتركيب صخور الكواكب في ظروف انعدام الوزن، وكذلك في اختبارات محاكاة في ظروف المريخ. وتمثل الدراسة الجديدة المسماة «بايو روك» (الصخرة البيولوجية) أول اختبار على طريقة التنقيب البيولوجي خارج الكرة الأرضية، وأول تجربة على نموذج من مفاعل مصغر للتنقيب في الفضاء، وفقاً لما نشرته وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا). وشاركت في الدراسة جامعة إدنبره في اسكوتلندا. وقال تشارلز كوكيل، البروفسور في مركز بيولوجيا الفلك في الجامعة، والمشرف على الدراسة: «لقد درسنا ثلاثة أنواع من الميكروبات، الأمر الذي مكننا من إجراء أول مقارنة في سلوك وعمل كل من تلك الميكروبات في ظروف الفضاء».
ولا يعرف العلماء إلا القليل عن تأثيرات انعدام الوزن على تفاعل الميكروبات مع المعادن، رغم أن الدراسات السابقة أشارت إلى أن عمليات التصاق الميكروبات بالسطوح الخارجية أو تكوينها لأغشية بيولوجية، تختلف في ظروف الفضاء.
وقال الباحثون في الدراسة الجديدة، إن الأغشية البيولوجية تزداد سمكاً في الفضاء، وتظهر بأشكال وبنية خاصة. وقالت روزا سانتومارتينو، الباحثة في الجامعة، والتي شاركت في دراسة نمو الميكروبات: «لقد وظفنا صخور البازلت التي تكون مسامية وتحتوي على كثير من الفراغات، بهدف التعرف على كيفية تغلغل الميكروبات إلى داخلها في ظروف انعدام الوزن». وأضافت أن الفريق سوف يدرس لاحقاً على الأرض كيف نمت الميكروبات الثلاثة، وكيف انتشرت خلال كل تركيبة الصخور، وكيف نجحت في استخلاص نحو 20 عنصراً معدنياً منها.
وتشمل الميكروبات الثلاثة ميكروباً استخلص من قشرة الطبقات في صحراء هضبة كولورادو في الولايات المتحدة، وميكروباً آخر قدمه مركز الفضاء الألماني، وثالثاً من الميكروبات المقاومة للمعادن الثقيلة من مركز الأبحاث النووية البلجيكي.
وقال البروفسور كوكيل: «إن تجربة (التنقيب البيولوجي) تسمح لنا بالتعرف على كل حجر من أحجار اللغز... إن فهم تفاعل الميكروبات وطريقة نموها وكيفية استخلاصها للمعادن من بنية الصخور في ظروف انعدام الوزن وظروف المريخ، سيتيح لنا إمكانية توظيف الميكروبات لأغراض التنقيب خارج الكرة الأرضية».
الميكروبات تنقب عن المعادن
الميكروبات تنقب عن المعادن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة