المهرجانات الفنية حفنات فرح تنثر على مناطق لبنان كافة

من أبرز ضيوفها إيلين سيغارا وصابر الرباعي وجيرار لينورمان

عشاق الفنان صابر الرباعي على موعد معه في 2 أغسطس ضمن مهرجانات «فقرا كفردبيان»
عشاق الفنان صابر الرباعي على موعد معه في 2 أغسطس ضمن مهرجانات «فقرا كفردبيان»
TT

المهرجانات الفنية حفنات فرح تنثر على مناطق لبنان كافة

عشاق الفنان صابر الرباعي على موعد معه في 2 أغسطس ضمن مهرجانات «فقرا كفردبيان»
عشاق الفنان صابر الرباعي على موعد معه في 2 أغسطس ضمن مهرجانات «فقرا كفردبيان»

في موسم الصيف من كل عام يترصد اللبنانيون برامج المهرجانات الفنية التي تنظمها المدن والبلدات اللبنانية. فهم إما يخزّنون مواعيدها على أجهزتهم الخلوية، أو يتابعون إعلاناتها التسويقية على شاشات التلفزة التي تزخر بكمّ كبير منها.
ومهما اختلف اثنان على أهمية هذه المهرجانات وعما إذا كانت عنصراً سياحياً بارزاً أو مجرّد «فشة خلق» تخفّف من وطأة مشكلات اللبنانيين، إلا أنها تبقى فسحة الأمل الوحيدة التي تلوّن صيفهم فيلحقون بها مهما بلغت المسافات بينهم وبينها.
وفي صيف 2019، تزدان مناطق لبنانية كثيرة بحفلات فنية يحييها نجوم عرب وأجانب ومحليون. وبعيد انطلاق القسم الأول من المهرجانات الكبرى في لبنان منذ بداية الشهر الحالي (يوليو/تموز) في بعلبك وبيبلوس وأعياد بيروت وبيت الدين وصور وغيرها، إلا أن افتتاح مهرجانات أخرى في شهر أغسطس (آب) المقبل تبشّر بأن الآتي لا يقل أهمية عمّا سبقه. ولأن عيد الأضحى المبارك يصادف موعده هذه السنة في 11 أغسطس ولغاية 13 منه، فإنّ المناسبة تحوّلت إلى اثنتين تنبض بها بعض المناطق بحفلات المهرجانات والعيد معاً.
وتعدّ مهرجانات إهمج البلدة الواقعة في محيط منطقة جبيل الساحلية واحدة من أبرز النشاطات المنتظرة من قبل اللبنانيين. فهي تنطلق في 15 أغسطس المقبل، وتحمل في برنامجها أسماء نجوم محبوبين، أمثال الفنانة يارا، والموسيقي غي مانوكيان اللذين يجتمعان لأول مرة في حفلة واحدة (في 15 أغسطس)، ومن المنتظر أن تحمل مشهدية جميلة تجمع ما بين أعمال الأولى ومعزوفات الثاني. في حين تتوزع باقي أيام المهرجان المذكور، أي في 16 و17 و18 الشهر نفسه، على حفلات يحييها كل من كارول سماحة، وناصيف زيتون، ومعين شريف.
أمّا مهرجانات بلدية كفردبيان المعروفة بـ«فقرا كفردبيان الدُّولية» فتنطلق في 26 الحالي مع المغنية الفرنسية إيلين سيغارا ليتبعها غسان صليبا في حفلة يقيمها في 28 الحالي. وفي 2 أغسطس المقبل تختتم هذه المهرجانات فعالياتها مع المطرب التونسي صابر الرباعي الذي ينتظره الآلاف من معجبيه في لبنان لتمضية سهرة طربية أصيلة معه.
بلدة حمانا من جهتها، تنظم مهرجاناً فنياً تستهله في 27 الحالي مع حفلة للفنان اللبناني غسان صليبا وليتخلّله إطلالات لموسيقيين وفنانين آخرين أمثال يارا قرقماز والـ«دي جي» رودج. أما الختام فسيكون في 28 منه مع عرض فكاهي للمقدم التلفزيوني هشام حداد يتبعه حفل غنائي لفريق الفرسان الأربعة المعروف بأغانيه الحماسية الجميلة.
وكعادتها كل عام تنظم مدينة صيدا الجنوبية «مهرجانات صيدا السياحية» على مدرج الملعب البلدي. وتتوج المدينة مع هذا الحدث أربع سنوات من عمر انطلاقتها بمبادرة من النائب بهية الحريري. وبعد حفلات افتتحت معها موسم الصيف في 7 و8 و15 و16 الحالي، فإن أهاليها على موعد مع مجموعة حفلات غنائية أخرى أبرزها في 22 أغسطس المقبل تحييها الفنانة سارة الهاني. وستكون بمثابة تحية تكريمية لذكرى الراحلة وردة الجزائرية وتتضمن مجموعة من أجمل أغانيها المعروفة. فيما يطل وائل كفوري على المسرح نفسه في 23 أغسطس. أما الختام فسيكون في 25 أغسطس مع عروض موسيقية منوعة بعنوان «صيدا سانسيت» يشارك فيها كل من رودج وعزيزة وألبير بويوجيان.
ودائماً وفي منطقة الجنوب تنظم بلدية مدينة جزين مهرجاناً فنياً ليشمل برنامجاً للكبار والصغار معاً. وسيكون نجمه الأبرز الفنان مارسيل خليفة، حيث يحيي سهرة موسيقية غنائية في 16 أغسطس في منطقة الصوان. كما يطل في المهرجان كل من زياد الرحباني وفريق «الفرسان الأربعة» في 9 و14 من الشهر نفسه. وسيتخلل مهرجانات جزين معارض للمونة اللبنانية وألعاب ترفيهية خاصة بالأولاد.
وتزخر منطقة الشمال بمجموعة من المهرجانات الفنية تتقدمها «إهدنيات» الذي يفتتح فعالياته في 26 الحالي مع كاظم الساهر. فهو اتخذ منها محطة سنوية يطل من على خشبتها وينتظرها عشاق أغانيه الرومانسية تماماً كما في مهرجانات بيت الدين الدولية، ويقدم فيها 3 حفلات متتالية في 26 و27 و28 يوليو الحالي. ومن بعده سيكون اللبنانيون على موعد في 4 أغسطس مع الموسيقي ميشال فاضل ضمن عرض فني يشاركه فيه نحو 100 موسيقي من أوركسترا كييف الفيلهارمونية وتحمل مزيجاً من الموسيقى الشرقية والغربية. وفي 10 أغسطس أيضاً يقف على خشبة مسرح مهرجانات «اهدنيات» المغني الفرنسي المخضرم جيرار لينورمان في حفل مميّز. ويؤدي خلاله أجمل أغانيه الفرنسية بعدما عمل على تجديد باقة منها في عام 2011 مثل La Ballade des Gens Heureux، Voici les Clefs، Michèle في ألبوم بعنوان «Duo de mes chansons» بالتعاون مع فنانين معاصرين، مثل زاز وتينا ارينا وغيرهما، وسيؤديها على مسرح إهدنيات هذه السنة.
أما مهرجانات القبيات الفنية في منطقة عكار، فتفتتح برنامجها في 9 أغسطس مع الفنان ملحم زين في حين يطل على خشبة مسرحها في 10 و11 منه كل من ناصيف زيتون ووائل كفوري.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».