بامبلونا الهادئة تتخلّى عن كل الضوابط أمام الثيران الهائجة

إصابة 5 أشخاص في سادس أيام المهرجان السنوي

تركض عبر شوارع المدينة الضيقة ستة ثيران ذات نزعة هجومية بينما يحاول الراكضون تفادي الإصابة بقرونها أو السقوط تحت حوافرها (إ.ب.أ)
تركض عبر شوارع المدينة الضيقة ستة ثيران ذات نزعة هجومية بينما يحاول الراكضون تفادي الإصابة بقرونها أو السقوط تحت حوافرها (إ.ب.أ)
TT

بامبلونا الهادئة تتخلّى عن كل الضوابط أمام الثيران الهائجة

تركض عبر شوارع المدينة الضيقة ستة ثيران ذات نزعة هجومية بينما يحاول الراكضون تفادي الإصابة بقرونها أو السقوط تحت حوافرها (إ.ب.أ)
تركض عبر شوارع المدينة الضيقة ستة ثيران ذات نزعة هجومية بينما يحاول الراكضون تفادي الإصابة بقرونها أو السقوط تحت حوافرها (إ.ب.أ)

في نهاية الأسبوع الأول من شهر يوليو (تموز)، من كل عام، تنطلق في مدينة بامبلونا الهادئة، عاصمة إقليم نافارّا الإسباني، أعياد «سان فيرمين» التي كان أرنست همنغواي يقول إنها «عيد الأعياد»، وبقي يواظب على حضورها إلى أن وافته المنيّة عشيّة استعداده للسفر مع شلّة من أصدقائه للمشاركة فيها.
أكثر من مليون شخص يتوافدون إلى بامبلونا في مثل هذه الأيام، يتدفقون في شوارعها وأزقتها أمام الثيران الهائجة المندفعة كالسيل الجارف، يتعرّض كثيرون بينهم لطعنات خطرة من قرونها الحادة ويجازفون بحياتهم تدفعهم تلك الرغبة الدفينة إلى الوقوف عند شفا الهاوية وملامسة الخطر. أمواج من الأحمر والأبيض تغمر المدينة تسعة أيام يتواصل ليلها بنهارها في عرس من الصخب والموسيقى يتكرر كل عام.
يقول مؤرخون إن أصل هذه الأعياد يعود إلى الاحتفالات الموسمية التي كان المزارعون يعرضون فيها منتوجاتهم وماشيتهم في القرن السادس عشر، فيما يرجّح آخرون أنها كانت في الأصل أعياداً دينية تعود إلى القرن الثالث عشر. لكن الاعتقاد الشائع بين أهل المدينة اليوم، هو أنها المتنفّس الذي توافق عليه سكّانها وسلطاتها العسكرية والدينية الصارمة مطالع القرن الماضي للتخفيف من الضغوط الاجتماعية التي كانوا يرزحون تحتها طوال العام.
يتوزّع الزوّار من كل أنحاء العالم في الشوارع والساحات والحدائق وعلى الشرفات، يراقبون اندفاع آلاف الشبّان أمام الثيران باتجاه حلبة المصارعة، ثم ينتشرون في رحابها، حيث يواصلون التحدّيات التي غالباً ما تؤدي إلى وقوع إصابات خطرة، وأحياناً مميتة، بين الذين ينتظرون هذا العيد كل سنة لاختبار قدرتهم على المجازفة وركوب المخاطر.
وبالأمس قال الصليب الأحمر إن ثوراً جرح رجلاً، وإن ما لا يقل عن أربعة أشخاص آخرين نقلوا للمستشفى للعلاج من إصابات لحقت بهم في اليوم السادس من مهرجان «سان فيرمين» لركض الثيران. تسعة أيام يقال إنها تساوي تسعة أعمار، يجري خلالها سيلٌ من الهذيان والفوضى في عروق المدينة التي تتخلّى عن كل الضوابط وتخرج عن كل الحدود قبل أن تعود إلى هدوئها المعتاد ورصانتها الموصوفة.
أعياد «سان فرمين» هي أيضاً موسم اقتصادي تعتمد عليه المدينة التي يتضاعف عدد سكانها خمس مرات، ويصل إيجار الغرفة في فنادقها إلى ما يزيد عن ألف دولار، فيما يستغلّ أصحاب المنازل المطلّة على الأزقة التي تتدافع فيها الجماهير أمام الثيران بأسعار خيالية.
الكاتب الأميركي أرنست همنغواي خلّد بامبلونا وأعيادها في روايته المهمة الأولى «وأشرقت الشمس»، التي وضعها في عام 1926 بعد زيارته الثالثة إلى المدينة التي زارها لأول مرة في عام 1923 عندما انتقل من باريس إلى إسبانيا سعياً وراء الإلهام والمغامرات التي كانت المحرّك الأساسي لحياته وإنتاجه الأدبي. وقد استمر في التردد عليها كل عام مع زوجتيه وأصدقائه، وأقام صداقات مع بعض مصارعي الثيران المشهورين آنذاك، كما شارك في الحرب الأهلية الإسبانية إلى جانب الجمهوريين. ولم تنقطع زيارات همنغواي إلى بامبلونا حتى وفاته في عام 1961 قبل أربعة أيام من انطلاق أعياد «سان فرمين».
منذ منتصف القرن الماضي يتردد أعداد كبيرة من الأميركيين على هذه الأعياد، متأثرين بلا شك بأعمال همنغواي وسيرته، لكن منذ سنوات بدأ يزداد عدد السيّاح الصينيين الذين يتوافدون للمشاركة في هذه الأعياد، ويدفعون مبالغ باهظة بدل الإقامة في الفنادق والمنازل المطلّة على مسارات اندفاع الثيران.
وقد شهدت انطلاقة الأعياد هذه السنة احتجاجات من الذين يندفعون أمام الثيران، لاعتبارهم أن هذه «مروّضة أكثر من اللازم ولا تشكّل ما يكفي من الخطر على الذين يتحدّونها». ويقول المسؤولون عن تنظيم هذه الأعياد في البلدية إنهم يحرصون على سلامة المشاركين في الأعياد بعد تكاثر الحوادث الخطرة في السنوات الماضية. كما أن الحركات المدافعة عن حقوق الحيوان التي تطالب بإلغاء حفلات مصارعة الثيران، التي تنشط كثيراً منذ سنوات، حيث نجحت في استصدار قوانين لمنعها في بعض الأقاليم، تجدد نشاطها في مثل هذه الأيام مطالبة بإلغاء مصارعة الثيران بعد اندفاعها في الشوارع ودخولها الحلبة في أعياد بامبلونا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.