«التخطيط المغربي» يدعو الحكومة لاستعمال التضخم لتحفيز النمو وتسديد الديون

حذر من ربط رهان التصنيع بعمليات إعادة توطين أنشطة الشركات المتعددة الجنسية

TT

«التخطيط المغربي» يدعو الحكومة لاستعمال التضخم لتحفيز النمو وتسديد الديون

توقع أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط (بمثابة وزير تخطيط) في المغرب، انخفاض معدل نمو الاقتصاد المغربي إلى 2.7 في المائة خلال السنة الحالية، متراجعاً من مستوى 3 في المائة في العام الماضي، بسبب انخفاض القيمة المضافة للقطاع الزراعي بنحو ناقص 2.1 في المائة نتيجة شح الأمطار خلال موسم الشتاء الماضي.
وتوقع لحليمي، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس خلال تقديمه للموازنة التوقعية في الدار البيضاء، ارتفاع معدل البطالة إلى نحو 1 في المائة نتيجة تراجع النشاط الزراعي، وذلك رغم تحسن نمو الأنشطة غير الزراعية، والذي يتوقع أن يرتفع إلى 3.2 في المائة هذه السنة مقابل 2.8 في المائة في العام الماضي.
وأشار المندوب السامي إلى أن قطاع صناعة السيارات المغربي سيعرف تراجعاً بنحو 6 في المائة بسبب أزمة السوق العالمية للسيارات. وأوضح أن هذا القطاع الذي يحظى تطويره بدعم كبير من الحكومة حقق إنجازاً ملحوظاً على مستوى الصادرات؛ إذ أصبح القطاع المصدر الأول في البلاد بحصة تناهز 20 في المائة من إجمالي صادرات المغرب، غير أن مساهمته من حيث القيمة المضافة ليست من نفس المستوى والأهمية.
وقال لحليمي، إن هذا القطاع يرتبط بمنظومات صناعية دولية وقرارها يوجد في المركز؛ لذلك لا يجب المراهنة عليها كثيراً في مجال التصنيع. وأشار على الخصوص إلى صناعة الطائرات التي عرفت أخيراً انسحاب الشركة الكندية العملاقة «بومبارديه» من المغرب. وقال إن صناعات الطائرات العالمية أغلقت الكثير من مواقع إعادة توطين بعض أنشطتها الإنتاجية عبر العالم بسبب التطورات التكنولوجية وتقدم الطباعة ثلاثية الأبعاد والاستعمال المتزايد للروبوت في مجال تصنيع المكونات.
في هذا السياق، دعا لحليمي الحكومة المغربية إلى إعادة النظر في استراتيجية التكوين المهني، منتقداً ربطها بحاجيات إعادة توطين إنتاج الشركات المتعددة الجنسية. وقال إن التكوين المهني يجب أن يوجه نحو تكون عام ومرن، مع إعطاء الأولوية لتطوير قدرات التحليل والبرمجة والمعارف المرتبطة باستعمال النظم المعلوماتية، وبالتالي تخريج شباب قادرين على مسايرة التغيرات وعلى التشغيل في سياقات متنوعة ومختلفة.
كما طالب لحليمي من الحكومة انتهاج سياسة مالية توسعية لدعم النمو الاقتصادي، واستغلال إمكانية تسديد الدين الحكومي عبر آلية التضخم، مشيراً إلى أن أغلب الاقتصاديات الصاعدة تعرف معدلات تضخم تفوق 7 في المائة، في حين أن معدل التضخم في المغرب يقل عن 1 في المائة. كما أشار إلى أن أميركا وأوروبا اعتمدتا أسعار فائدة سلبية بهدف إذكاء التضخم والاستفادة من ذلك في تحفيز النمو الاقتصادي.
وانتقد لحليمي تركيز سياسة الحكومة في مجال تشجيع الاستثمار حول دعم الاستثمار الأجنبي والشركات الكبرى. ودعا إلى الاعتناء بشكل أكبر بالشركات الصغرى والمتوسطة، وتمكينها على غرار الشركات الكبرى، من الاستفادة من العقار العمومي ودعم الاستثمارات الذي توفره الحكومة. وطالب بفتح حوار وطني ديمقراطي من أجل مخطط توجيهي استراتيجي للتنمية.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).