الاتحاد الأوروبي يوفد مبعوثاً إلى السودان والخرطوم تطلب إسقاط الديون

الأمم المتحدة تتحدث عن «زخم جديد» لحقوق الإنسان

TT

الاتحاد الأوروبي يوفد مبعوثاً إلى السودان والخرطوم تطلب إسقاط الديون

يصل الخرطوم، غداً (الخميس)، وفد من الاتحاد الأوروبي، برئاسة وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد، لبحث التطورات في السودان، وسبل تقديم الدعم من المجتمع الدولي لهذا البلد، مع بداية خطواته نحو المرحلة الانتقالية المقبلة، ضمن جولة في دول المنطقة. وطلبت الخرطوم، أمس، من المجتمع الدولي إعفاء ديونها البالغة 52 مليار دولار، بعد التغيير الذي حدث.
وفي بيان صدر في بروكسل، أمس، عن مكتب منسقة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني، قيل إن الوزير الفنلندي سيقوم بالزيارة بناء على تفويض من منسقة السياسة الخارجية الأوروبية. وتأتي جولة «المبعوث الأوروبي» بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير. ويعتبر الاتحاد الأوروبي نفسه منخرطاً بشكل كامل في الوضع في السودان، إلى جانب الأطراف السودانية. ودعا البيان «الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة إلى لعب دور بناء، ودعم الانتقال السلمي» في السودان. ويبحث الاتحاد الأوروبي عن أفضل الطرق لدعم السودان في طريقه نحو الديمقراطية والاستقرار واحترام حقوق الإنسان.
ومن المقرر أن يزور الوزير الفنلندي، اليوم (الأربعاء)، العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قبل أن يتوجه إلى السودان في اليوم التالي. وتشمل زيارة هافيستو كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
واختتم البيان بالإشارة إلى أن الوزير الفنلندي يمتلك خبرة ومعرفة واسعة في الشأن السوداني، كونه شغل منصب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للسودان لتنسيق عمليات حفظ السلام في إقليم دارفور (2005 - 2007)، وكذلك منصب المستشار الخاص لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة للسلام في دارفور عام 2007.
ومن جهة ثانية، أمل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أندرو غيلمور في أن يؤدي الاتفاق الجديد الذي جرى التوصل إليه الأسبوع الماضي في السودان إلى «زخم جديد» لحماية حقوق الإنسان في البلاد، بما يسمح بزيارة لبعثة أممية في الأسابيع المقبلة بهدف مواصلة المناقشات حول افتتاح مكتب تابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الخرطوم.
وكان غيلمور يتحدث خلال الدورة الحادية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إذ شجع كل الأطراف على «مواصلة حل أي قضية عالقة من خلال الحوار»، مرحباً باتفاق الأسبوع الماضي، لما يتضمنه من «التزام بإجراء تحقيق مستقل في أعمال العنف المرتكبة ضد المتظاهرين المسالمين». وأوضح أن إنشاء مكتب حقوق إنسان في السودان تأجل في ضوء الأحداث الأخيرة في البلاد، وذلك بعدما طلب الوفد السوداني تأجيل زيارة بعثة مجلس حقوق الإنسان إلى البلاد 3 مرات، في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) ومايو (أيار) تباعاً.
وأوضح غيلمور أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اقترحت على حكومة السودان في يناير (كانون الثاني) الماضي إنشاء مكتب تابع للمفوضية في الخرطوم للعمل في مجالات التعاون التقني، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. ولكن الأحداث المتعلقة بالاحتجاجات الأخيرة في السودان، وما صحبها من تطورات على الساحة السياسية والأمنية في البلاد، دفع الحكومة السودانية إلى طلب تأجيل الزيارة، مما أدى تالياً إلى إرجاء جهود إنشاء المكتب. وأضاف أنه «في أعقاب إقالة الرئيس (عمر حسن أحمد) البشير من منصبه في 12 أبريل (نيسان)، أكدت المفوضة السامية أن الأزمة في السودان لها جذورها في مظالم حقوق الإنسان، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية التي لم يتم الوفاء بها، وبالتالي يجب أن يرتكز الحل أيضاً على حقوق الإنسان».
ومن جهة ثانية، طالب المستشار العام للاتفاقيات الدولية بوزارة العدل السودانية، وممثل الحكومة السودانية في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف، المجتمع الدولي بإعفاء بلاده من ديونها الخارجية، وإنهاء العقوبات المفروضة عليها، وذلك لتحقيق انطلاقة جديدة بعد التوصل لحكومة انتقالية تضم أعضاء من المجلس العسكري والمعارضة.
وحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإن أسامة حميدة أكد أن بلاده أصبحت في أعقاب «الثورة المجيدة» التي قام بها الشعب في الطريق لمستقبل جديد، وقال إنه قد آن الأوان لإنهاء العقوبات المفروضة على السودان «وإعفائنا من الديون الخارجية».
وبلغت ديون السودان، وفقاً لتقرير لصندوق النقد الدولي، نحو 52 مليار دولار أواخر عام 2016. وأعلن حميدة أن المدعي العام السوداني سيتقدم في غضون أيام بتقرير بشأن الأحداث الدامية التي وقعت في الثالث من يونيو (حزيران) عند فض الاعتصام الشعبي أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني. وأشار المسؤول السوداني إلى أنه سيتم بالتوازي مع ذلك تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في جميع الأحداث التي وقعت منذ 11 أبريل (نيسان) الماضي.
ولكن منظمة «ديفند ديفندرز»، المعنية بالدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان، تطالب بأن يتولى هذه التحقيقات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «حيث يجب على المجلس ألا يتنصل من مسؤوليته»، حسب إيستيلا كاباشفيتسي، من المنظمة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.