تنديد يمني باستمرار تدفق الأسلحة الإيرانية للحوثيين

بعد استعراض جماعة الانقلاب صواريخ وطائرات مسيّرة في صنعاء

TT

تنديد يمني باستمرار تدفق الأسلحة الإيرانية للحوثيين

ندّدت الحكومة اليمنية باستمرار تدفق الأسلحة الإيرانية المهرّبة إلى الميليشيات الحوثية، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم في وجه النظام الإيراني الذي يستهدف اليمنيين، ويساهم في تقويض جهود الحل السياسي.
وجاء التنديد الحكومي اليمني في تصريحات رسمية لوزير الإعلام في الحكومة الشرعية، معمر الإرياني، بالتزامن مع إعلان قادة جماعة الحوثيين في صنعاء عن امتلاك صواريخ وطائرات مسيّرة جديدة، يرجح أنها إيرانية المنشأ، ووصلت إلى الجماعة عن طريق تهريبها مجزأة وإعادة تركيبها بواسطة خبراء من إيران و«حزب الله» اللبناني.
وقال الإرياني: «إن نظام إيران مستمر في تزويد الميليشيات الحوثية بالأسلحة المهربة والتكنولوجيا العسكرية المستخدمة في عملياتها الإرهابية التي تستهدف المدنيين، وتساهم في تقويض جهود حل الأزمة بطريقة سلمية».
وكشف الوزير اليمني عن أن مقارنة معرض الميليشيات الحوثية الذي أعلنته الأحد بالقطع ذاتها التي عرضها «الحرس الثوري» الإيراني في معرض افتتحه مطلع عام 2019، يقدم أدلة وبراهين واضحة على مصدر الأسلحة الحوثية المستخدمة في قتل الشعب اليمني، واستهداف الأعيان المدنية في الجارة السعودية وتهديد الملاحة الدولية.
وأشار الإرياني إلى أن استمرار تزويد نظام طهران للميليشيات الحوثية بالتكنولوجيا العسكرية والأسلحة النوعية، من صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، وخبراء في صناعة وزراعة الألغام والعبوات الناسفة، تحدٍّ واضح وصريح للإرادة الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرار 2216، والقرار 2140، اللذان نصا على حظر توريد كافة أنواع الأسلحة.
وجدّد وزير الإعلام اليمني مطالبة المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، باتخاذ خطوات أكثر جدية لوقف الانتهاكات الإيرانية السافرة لحظر توريد الأسلحة للميليشيات الحوثية. وقال إن «ذلك ساهم في إطالة أمد الحرب وتفاقم الأوضاع والمعاناة الإنسانية، وازدياد عدد الضحايا بين المدنيين، والاعتداء على دول الجوار، وتهديد الأمن الإقليمي والدولي».
وأظهرت وسائل إعلام موالية للجماعة الحوثية، الأحد الماضي، مقاطع مصورة لكبار قادتها في صنعاء، وهم يستعرضون أنواعاً جديدة من الصواريخ والطائرات المسيّرة في مكان سري بصنعاء، يرجح أنه في أحد الأقبية التي أنشأتها الميليشيات. وبيّنت الصور وجود رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، والرجل الثاني في الجماعة عبد الكريم الحوثي، والرجل الثالث فيها محمد علي الحوثي، إضافة إلى رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور، ورئيس البرلمان السابق يحيى الراعي، الخاضع في صنعاء لسلطة الميليشيات.
وفي حين زعمت الجماعة أن المعرض يحتوي على «صاروخ قدس1 المجنح»، و«طائرة صماد 3 المسيرة»، و«طائرة صماد 1 المسيرة الاستطلاعية»، و«طائرة قاصف 2k المسيرة»، أكد مراقبون أنها أسلحة تحاكي ما هو موجود عند النظام الإيراني، ما يعني وصولها إلى اليمن عن طريق التهريب وإعادة تركيبها.
وتزعم الميليشيات الموالية لإيران أنها استطاعت تصنيع هذه الأسلحة، على الرغم من تأكيد القيادات العسكرية السابقة في الجيش اليمني عدم وجود مثل هذه الأسلحة ضمن نظام التسليح الذي كان قائماً قبل انقلاب الحوثيين على الشرعية أواخر 2014، وقيامهم بنهب مخازن الجيش.
وتوعّدت الجماعة في تصريحات على لسان قادتها، بأنها ستستمر في تنفيذ الهجمات الإرهابية على الأعيان المدنية في السعودية، وعلى المناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية.
في سياق متصل، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء، بأن رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، استدعى تاجر السلاح المعروف فارس مناع، المعين وزيراً للدولة في حكومة الانقلاب، وطلب منه تكثيف جهود عمليات تهريب الأسلحة التي ينفذها إلى مناطق سيطرة الجماعة، من خلال الشبكات الإقليمية والمحلية التي يديرها.
وتتهم مصادر عسكرية وسياسية يمنية القيادي في الجماعة المنتمي إلى محافظة صعدة فارس مناع، بأنه واحد من أهم تجار الأسلحة الذين تعتمد عليهم الجماعة الحوثية في تهريب الأسلحة الإيرانية، منذ بداية تمردها على الدولة اليمنية في 2004، ومصرع مؤسسها حسين الحوثي.
وكثفت الميليشيات الموالية لإيران في الآونة الأخيرة من هجماتها الإرهابية على مدن ومطارات جنوب السعودية، في سياق تنفيذ أجندة طهران التي تريد أن تخفف الضغط الدولي عليها، لا سيما بعد فرض العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيراني. وغالباً ما تتصدّى الدفاعات الجوية السعودية للهجمات الحوثية، عن طريق منظومات الدفاع المتنوعة التي تمتلكها المملكة، وهو ما يجعل هذه العمليات الإرهابية محدودة التأثير.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم