بسبب التلوث... أهالي غزة يُقبلون على بحرها بحذرٍ شديد

وزارة الصحة منعت السباحة في أجزاءٍ منه

بسبب التلوث... أهالي غزة يُقبلون على بحرها بحذرٍ شديد
TT

بسبب التلوث... أهالي غزة يُقبلون على بحرها بحذرٍ شديد

بسبب التلوث... أهالي غزة يُقبلون على بحرها بحذرٍ شديد

ما إن تبدأ أشعة الشمس في قطاع غزة بلملمة خيوطها عند ساعات مساء يوم الخميس من كلّ أسبوع، حتّى ينطلق الخمسيني عبد الكريم محمود برفقة عائلته المكونة من تسعة أفراد لشاطئ بحر منطقة «الشيخ عجلين» الواقعة غرب مدينة غزة.
منذ سنواتٍ طويلة اعتاد محمود على قضاء عطلة نهاية الأسبوع في الهواء الطلق مستمتعاً بمشاهد الطبيعة وصفاء السماء والماء. لكنّ الحال اختلف معه العام الجاري، وتحوّلت رحلته الأسبوعية من «نزهة فرح» إلى مصيبة ومرض، بعدما تعرض حفيده واثنان من أبنائه للإصابة بأمراضٍ جلدية ونزلات معوية حادة، بسبب استحمامهم في مياه البحر الملوث وفقاً لما أخبره الأطباء في مجمع الشفاء الطبي.
وكشفت دراسات عديدة أجريت مؤخراً عن نسبِ تلوثٍ عالية في بحر غزة، الأمر الذي دفع وزارة الصحة لتحذير المواطنين من الاقتراب لمياه البحر أو استخدامها لأي غرضٍ آدمي. وظهر على خريطة نشرتها الوزارة قبل عدّة أيام، علامة حمراء غطت معظم مناطق الشاطئ الممتد من الشمال للجنوب، في إشارة وتنبيه لخطر السباحة فيها.
يقول محمود في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت بعد تلك الحادثة البحث عن مكانٍ بديل لقضاء العطلة برفقة أسرتي، لكنّ البدائل جميعها غير مناسبة، إمّا لأنّها مرتفعة الثمن أو لأنّ طبيعتها غير مقاربة للجو الذي ممكن أن يعشيه الإنسان إذا ما قضى وقتاً متأملاً في البحر وموجه». ويضيف: «بحثت عن مكانٍ في البحر يكون بعيداً عن التلوث، فلم أجد للأسف، فاللون الأسود استوطن المياه حتّى أنّه انعكس على رمال الشاطئ التي أصبحت ذات رائحة كريهة ولون داكن»، موضحاً أنّه قرر أخيراً أن يُبقي على البحر مزاراً للعائلة، مع الاحتراز والتنبيه على أفراد أسرته وإبقائهم بعيدين عن المياه بمسافة لا تقل عن 100 متر.
والأصل في مشكلة تلوث البحر، يعود إلى المياه العادمة التي بدأت بلديات قطاع غزة قبل عدّة سنوات بضخها إلى البحر بكميات كبيرة تصل يومياً إلى أكثر من 120 ألف متر مكعب، وهي مليئة بالملوثات الميكروبولوجية والكيماوية.
وتبرر البلديات ذلك بعدم قدرتها على توفير الكهرباء اللازمة لتشغيل محطات المعالجة التي يجب أن تمرّ فيها «مياه المجاري» للتكرير قبل أن تصل للبحر وتختلط بمياهه وفقاً لما جاء في تحقيق أعده الصحافي محمد الجمل.
حالة أخرى مماثلة عاشتها أسرة السيدة أماني موسى (47 عاماً)، التي حدثتنا أثناء وجودها على مقربة من الشاطئ عن محاولاتها الحثيثة بإقناع أبنائها الخمسة بضرورة عدم الاقتراب من البحر هذا العام خوفاً عليهم.
وتشير إلى أنّها لم تتمكن من إلزامهم برغبتها رغم إدراكهم جميعاً لخطورة التلوث، وتُرجع السبب في ذلك إلى أنّ البحر هو المتنفس الوحيد ولا يمكن تخيّل غزة بدونه حتّى وهو ملوث.
وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنّها قررت أنّ تصطحبهم بنفسها عدّة مرات خلال الصيف حتّى تبقى مطمئنة ومراقبة لتحركاتهم، موضحة أنّ البحر بالنسبة لها هو الحياة لها ولكلّ أهل غزة، ونشأتها منذ الطفولة كانت بين أمواجه التي لطالما تراطمت بمركب والدها الذي رافقته عليه أياماً طويلة حين كان يعمل صياداً في البحر قبل أكثر من عشرين عاماً.
على جهة مقابلة للسيدة أماني موسى، كان يجلس مجموعة من الشباب الذين اتفقوا مع ما قالته في معنى البحر بالنسبة لهم، وما يشكلّه لأهل غزة من مصدر حبٍ للحياة، وذكر أحدهم وهو إيهاب المغربي (20 عاماً)، أنّه لا يتخيل حياته من دون زيارة البحر مرتين أسبوعياً على أقل تقدير، مبدياً ألمه الشديد على الحال الذي وصل له وشكله الذي صار منفراً للكثير من المصطافين.
بحسرة شديدة تحدث المغربي لـ«الشرق الأوسط» عن السنوات السابقة التي كان يبقى فيها داخل البحر لساعاتٍ طويلة دون أن يصاب بأي مكروه، منوهاً بأنّه حاول السباحة خلال هذا الموسم عدّة مرات رغم معرفته المسبقة بإمكانية الإصابة بالأمراض الجلدية.
ويعيش في قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360 كلم مربع، قرابة المليوني نسمة، يعانون من الحصار الإسرائيلي الذي فُرض عليهم قبل نحو 12 عاماً، وتسبب في نشوء عدد من الأزمات بجوانب حياتية مختلفة كان أهمها الكهرباء التي لا تتجاوز مدّة وصلها للبيوت في أحسن الأحوال الثمان ساعاتٍ يومياً، الأمر الذي دفعهم للهروب من ضيق العيش نحو البحر وأماكن الترفيه الأخرى.


مقالات ذات صلة

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

الاقتصاد إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات للتصحر.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».