تواجه شركات الشحن العالمية مزيداً من التحديات، التي تحتاج إلى مرونة في القرارات وتغييرات في الخطط المستقبلية، بيد أن الأمر يطول حركة الملاحة البحرية وأسعار أسهمها بشكل مباشر، وذلك بعد الحوادث التي تعرضت لها في منطقة الخليج، والتي قد تفضي لنزاع بين إيران وقوى عالمية كبرى.
جاءت التطورات الأخيرة لتضاف إلى الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، التي أثرت بشكل مباشر على إيرادات شركات الشحن العالمية.
ومن شأن تباطؤ حركة التجارة العالمية، خفض أرباح شركات الشحن، وتهديد مستقبلها. وهو ما ظهر في إصرار شركة «سي إم إيه سي جي إم» مواصلتها العمل في منطقة الخليج، حتى مع تصاعد المخاوف من النزاع المحتمل بين إيران وقوى عالمية كبرى.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة ورئيسها التنفيذي رودولف سعادة، خلال مؤتمر للأعمال في «أوكس - أون - بروفونس»، «مستمرون في الذهاب إلى هناك». ولدى سؤاله عما إذا كانت «سي إم إيه سي جي إم» كثفت الإجراءات الأمنية للسفن التي تمر عبر الخليج، قال سعادة: «لا، لأن إجراءاتنا الحالية مشددة بما فيه الكفاية بالفعل».
وتصاعد التوتر في الخليج بعد أن تعرضت عدة سفن لأعمال «تخريبية»، حسبما أعلنت الرياض وأبوظبي، في 13 مايو (أيار) الماضي، عن تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لـ«هجوم تخريبي» قبالة السواحل الإماراتية.
وقبلها بيوم أعلنت الإمارات العربية المتحدة أنّ أربع سفن شحن تجارية من عدة جنسيات تعرّضت لـ«عمليات تخريبية» في مياهها قبالة إيران، في شرق إمارة الفجيرة من دون تحديد المنفذين، واصفة الحادث بأنه «خطير».
كانت إيران قد هدّدت عدة مرات بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، حال حصول أي مواجهة عسكرية في الخليج.
تلا ذلك هجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان الشهر الماضي، تسببت في زيادة أسعار النفط وأثارت المخاوف بشأن حدوث مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.
ارتفاع أسعار الملاحة البحرية
رفعت هذه التوترات أسعار الشحن الملاحي، وأعلنت العديد من الشركات العالمية رفع أسعارها بعد زيادة الاضطرابات، وانضمت شركة «إيه بي مولر - ميرسك» إلى شركات شحن حاويات كبيرة أخرى رفعت أسعار إرسال الحاويات إلى منطقة الخليج، بسبب ارتفاع مخاطر نشوب صراع مسلح في المنطقة.
وقالت شركة «ميرسك»، ومقرها كوبنهاغن، في بيان، «نظراً للتصاعد غير المتوقع، والمهم للغاية، في الآونة الأخيرة، في العوامل الرئيسية التي تؤثر على التكاليف التشغيلية للشحن في منطقة الخليج... فإن (ميرسك) ستفرض رسوماً طارئة للمخاطر عالمياً تُطبق على كل الشحنات إلى منطقة الخليج ومنها».
وذكرت «ميرسك»، وهي أكبر شركة شحن حاويات في العالم، أنها ستفرض رسوماً إضافية بقيمة 42 دولاراً على كل حاوية قياس 20 قدماً للشحنات المتجهة إلى بعض الموانئ في السعودية والبحرين وقطر والإمارات والكويت والعراق وسلطنة عمان.
وكانت «شركة البحر المتوسط للشحن» (إم إس سي)، ومقرها سويسرا، وشركة «سي إم إيه سي جي إم»، ومقرها فرنسا، وشركة «إيه بي إل»، وهي وحدة شحن الحاويات التابعة لـ«نيبتون أورينت لاينز» السنغافورية، ومجموعة «هاباج - لويد» الألمانية للحاويات قد أبلغت عملاءها في وقت سابق أنها ستزيد أسعار خدماتها.
كانت أكبر شركة شحن حاويات في العالم قد حذرت من أن توترات التجارة وتباطؤ الاقتصاد يسببان تباطؤاً في نمو نشاط الشحن العالمي.
وخفضت «ميرسك»، التي يُنظر إليها مؤشراً على اتجاهات التجارة العالمية، توقعاتها لنمو حركة شحن الحاويات عالمياً، العام الحالي، بسبب النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وتوترات منطقة الخليج.
وقال سورين سكو الرئيس التنفيذي للشركة، في إشارة إلى النطاق المتوقع الذي قدمته الشركة قبل ثلاثة أشهر، «تصعيد الحرب التجارية في الآونة الأخيرة الناجم عن زيادة الرسوم الجمركية والتهديدات بفرض رسوم جمركية إضافية يصل بنمو تجارة الحاويات عالمياً إلى النطاق الأدنى من نسبة تتراوح بين واحد وثلاثة في المائة».
وقالت الشركة إن الحرب التجارية ضغطت على أحجام التجارة بين آسيا وأميركا الشمالية، في أول ثلاثة أشهر من العام.
وأضاف أن الرسوم الجمركية الجديدة قد تقلص النمو المتوقع في أحجام الحاويات عالمياً، بما يصل إلى نقطة مئوية.
وفي 10 مايو (أيار) الماضي، دخلت زيادة أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرسوم الجمركية على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 في المائة، حيز التنفيذ، ما يفاقم التوتر بين الولايات المتحدة والصين في الوقت الذي يجري فيه الطرفان محادثات لمحاولة إنقاذ اتفاق تجاري.
وفرضت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية الرسوم الجمركية الجديدة بقيمة 25 في المائة على الشحنات المستهدفة بالزيادة المقبلة من الصين إلى الولايات المتحدة.
غير أن هدنة بين البلدين، قائمة حالياً بعد قمة العشرين، من شأنها أن توقف أي زيادات أو فرض رسوم جديدة بينهما، أن يحسن توقعات شركات الشحن والملاحة البحرية دولياً.