الأسواق الليلية تمنح مذاقاً أصيلاً لتايوان

العاصمة تايبيه تضم 14 سوقاً

الأسواق الليلية تمنح مذاقاً أصيلاً لتايوان
TT

الأسواق الليلية تمنح مذاقاً أصيلاً لتايوان

الأسواق الليلية تمنح مذاقاً أصيلاً لتايوان

رائحة «جبن التوفو المختمر» تكفي للاستحواذ عليك في سوق «روهي ستريت» الليلية الصاخبة في تايبيه، المضاءة بشكل ساطع، مثل النهار، تجد كل شيء معروضاً للبيع، من الروبيان المقلي إلى الأحذية الرياضية.
في أحد الأكشاك يبيع يي - هسين تشين (28 عاماً)، وهو اختصاصي اجتماعي يتطوع لمساعدة المشردين، الدجاج بالكاري والتمبورا، مع توجيه الأرباح إلى مشروع من أجل الأشخاص الذين ليس لديهم مكان للعيش فيه.
من المثير للاندهاش سماع أن هناك أشخاصاً بلا مأوى في عاصمة تايوان، وهي مدينة مليئة بالمباني العصرية ونظيفة للغاية.
وتقول المرشدة السياحية ميشيل تشيو: «بالنسبة لنا، تعني الأسواق الليلية التواصل الاجتماعي والترفيه والتجول، والاطلاع على الأزياء الجديدة وتناول الطعام والشراب». وقد يخيب أمل بعض السائحين الذين لديهم توقعات أكثر غرابة، ويقول هؤلاء: «نحن لا نطبخ الحشرات، بما في ذلك الجراد».
ولكن هناك الثعابين. وتُعرف سوق هواشي ستريت السياحية الليلية، التي يطلق عليها أحياناً «حارة الثعابين»، بهذه الثعابين، على الرغم من أن لقبها يعكس ما كانت عليه في الماضي أكثر مما تعكس حالها الآن.
وتبدأ الزيارة بتناول مشروب بارد. وتقول النادلة الودودة إلسا وهي تمسك بكأس يحتوي على سائل أحمر: «دماء الكوبرا بالعسل».
ووفقاً لها، يجب أن تشرب نصف المزيج، ثم تملأ الكأس مرة أخرى من خمس زجاجات صغيرة موضوعة بجانب هذه الكأس، وتحتوي هذه الزجاجات على سوائل تتدرج في اللون من البني إلى الشفاف. ويمثل صوت إلسا الأجش وهي تنطق باللغة الإنجليزية ميزة لها.
ويبقى من الخبايا اختيار المزيج الذي يجب أن تشربه وما هو صالح للأكل، هل هو الشيء المطاطي، أم العنبر البيضاوي بحجم البندق. وتقول إلسا: «لا تمضغ هذه العناصر الأخيرة، فقط ابتلعها، إنها جيدة لصحتك».
وبعد المُتع المتعلقة بالطهي، هناك متعة أخرى للجسم والروح.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن في حارة الثعابين، توجد استوديوهات التدليك المتتابعة، وهي لا ترتبط بسمعة السوق السابقة كمنطقة ضوء أحمر.
أحد المدلكين المحترفين، جوزيف، الذي يبدو أقرب لمدرس في مدرسة ثانوية، قد أتقن «قبضة البيانو»، ويقوم بحفر أصابعه بعمق في جسد عملائه، دافعاً إياهم إلى حافة الألم. لكن النتيجة هي الشعور بالاسترخاء العميق.
ويتحول نصف تايبيه إلى أسواق ليلية عندما يكون الطقس جيداً؛ حيث توجد 14 سوقاً في مواقع مختلفة تماماً في جميع أنحاء المدينة. ويمكن الوصول إلى معظمها على خط المترو السريع والكفء في تايبيه.
ومن بين هذه الأسواق سوق شيلين الليلية في قاعة سوق شيلين، حيث يوجد كشك كبير للروبيان. ويرمي صاحب الكشك بالروبيان الحي في دلوه، ثم يضعه على الشواية، حيث ينتفض الروبيان حتى يفارق الحياة وينضج - وبقدر ما يحبون السلام ويتحلون بالرزانة في الحياة اليومية، فإن التايوانيين لا يبدون أي رحمة في فن الطهي.
إنهم يحبون المأكولات البحرية الطازجة، الطازجة للغاية.
أما الرعاة، فهم مزيج من الأشخاص الذين يرتدون سترات وبزات وشباشب. ويجلس بعض هؤلاء الرعاة على المقاعد للاستمتاع بتناول طعامهم، بينما يتناول الآخرون الطعام أثناء التنقل.
وتقول تشيو: «عادة ما تقام الأسواق الليلية بجانب المعابد، لأن هذا هو المكان الذي سيتجمع فيه الناس على أي حال». تظل الأسواق مفتوحة من غروب الشمس تقريباً حتى منتصف الليل.
ولكن ليس هناك تصارع، الجو ودود ومحترم. أصحاب الأكشاك متعقلون، ويشعر الزوار بالأمان التام.
وفي سوق جاردن نايت في تاينان، وهي مدينة تقع في جنوب جزيرة تايوان، لا يكاد يوجد أي أوروبي. هناك أجواء ممتعة مقبولة ومحببة بين العائلات.
ويمكن للأطفال صيد أسماك من الألعاب البلاستيكية في الأحواض الاصطناعية أو اللعب على ألعاب الأروقة - وبالمثل العديد من البالغين. الشيء المفقود هو ركوب الخيل، على الرغم من وجود ألعاب مثل رمي الحلقات على الزجاجات وإطلاق السهام في البالونات.
وتحظى سوق رويفنج الليلية في مدينة كاوهسيونج جنوب البلاد بشعبية أيضاً. لقد تم تأسيسها على شكل شبكة بجوار شارع نشط للغاية - على الرغم من عدم وجود صفير أو صخب - ويمكنك بسهولة قضاء عطلة كاملة تتجول بين صفوف الأكشاك لتذوق عينات من الطعام.
تتخلل رائحة الطهي الحلو والحامض واللحوم والفطر والقرفة الهواء، وهناك النقانق وأقدام الدجاج والفطائر مع البصل الأخضر وكذلك المخابز والأكشاك التي تبيع الأيس كريم.
وليس فقط الأسواق الليلية هي التي تجعل تايوان تستحق الزيارة. هناك الكثير من عوامل الجذب خلال النهار منتشرة في جميع أنحاء الجزيرة ذات الكثافة السكانية العالية.
ولكن في الأسواق يمكن للزوار تجربة شيء تايواني أصلي واكتساب فهم لثقافتهم - طريقة حياتهم، وشعورهم المجتمعي، ومرحهم واستمتاعهم بالطعام. ويمكنك القول، في الواقع، إن الأسواق هي مفتاح فهم العقلية التايوانية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».