عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: أرجّح ترشح السيسي للرئاسة

رئيس لجنة الخمسين المصرية قال إنه كان يفضل أن ينص الدستور على إنشاء «مجلس شيوخ»

عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: أرجّح ترشح السيسي للرئاسة
TT

عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: أرجّح ترشح السيسي للرئاسة

عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: أرجّح ترشح السيسي للرئاسة

لمصر تاريخ طويل من الدساتير والإعلانات الدستورية ارتبطت بأسماء حكام وسياسيين وفقهاء دستوريين، وعهود سياسية، بدءا من إصدار محمد علي اللائحة الأساسية للمجلس العالي في عام 1825، ولائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه في عام 1866 خلال حكم الخديوي إسماعيل، ثم دستور 1923 وبعده دستور 1930، الذي عمل به خمس سنوات فقط ليعود الدستور السابق طوال فترة الملكية. وأعقب ذلك دساتير مؤقتة بعد عام 1952، ودستور عام 1971 الذي أدخلت عليه تعديلات وألغي بعد عام 2011، لتشهد مصر دستور عام 2012 الذي كان عمره قصيرا وارتبط بحكم جماعة الإخوان المسلمين، والآن دستور عام 2014 الذي ذهب المصريون للاستفتاء عليه خلال اليومين الماضيين.
وكما ارتبطت الدساتير السابقة بشخصيات وسياسيين، فإن المؤرخين سيربطون دستور عام 2014 بعمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور المكون من 247 مادة على مدار نحو ثلاثة أشهر، والذي يحتل صدارة الاهتمام بطبيعة الحال خلال الفترة الحالية.
«الشرق الأوسط» التقت موسى في مكتبه في مقر مجلس الشورى السابق وسط القاهرة، وذلك بعد عودته من الإدلاء بصوته في اليوم الأول للاستفتاء. وهو يقول إنه رأى حماسا في التصويت، واهتماما غير مسبوق من كل فئات المصريين بالدستور الجديد. ويصفه بأنه دستور «الجمهورية الثالثة»، في إشارة إلى أن الجمهورية الثانية كانت «جمهورية الإخوان» قصيرة العمر.
ولا يخفي موسى دعمه لترشح الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري للرئاسة، في ضوء أن الشعب يريده. ويعتقد موسى أن الفريق السيسي في طريقه إلى اتخاذ قراره في هذا الاتجاه، ويدعو إلى تجنب الاهتمام بالخارج، فالقرار يجب أن يكون داخليا، مؤكدا: «نحن نحتاج إلى أن نستثمر في الشخص الذي وثق فيه الناس ونشجعه».
وعن السيناريو المطروح في حال اتخاذ الفريق السيسي قراره، قال إنه «سيناريو طبيعي. فهو سيتعين عليه أن يترشح كمدني وليس كقائد عام للقوات المسلحة، وهذا يحتاج أن يتخلى عن منصبه العسكري عند الترشح».
موسى أيضا كان يتمنى أن يتضمن الدستور إنشاء مجلس شيوخ، لكنه أفاد أنه لم يستطع إقناع أعضاء لجنة الخمسين بذلك التوجه.
وإلى نص الحوار..

> مصر كانت في لحظة مفصلية خلال الاستفتاء على الدستور الذي رأست لجنة إعداده على مدار شهور.. ما هو شعورك وتعليقك على هذه اللحظة؟
- أدليت بصوتي صباح اليوم الأول، وتحدثت مع أناس كثيرين على اتساع مصر أسألهم عن الأوضاع ومدى الإقبال. وواضح أنه كان هناك زخم للمشاركة في هذا الاستفتاء على أساس أن هذا أضعف الإيمان حتى يساهم كل مصري في عملية إعادة بناء مصر. هناك إقبال كبير بقدر ما إنه كانت هناك بعض المحاولات لتعويق أو تعطيل المشاركة، لكن رأيت مراكز الاستفتاء ممتلئة والصفوف الطويلة من المواطنين تنتظر الإدلاء بأصواتها بما يجعلنا نتوقع أن تبلغ نسبة المشاركة أكثر من خمسين في المائة من عدد الناخبين. كان هناك حماس على الذهاب إلى لجان الاستفتاء، والجو العام في المجتمع هو الموافقة على الدستور.
والملاحظ أن العدد في كل الاستفتاءات والاقتراعات التي جرت في السنوات الثلاث الماضية لم يزد عن خمسين في المائة (ممن لهم حق التصويت).
> هل تعتقد أن المصريين العاديين قرأوا مواد الدستور؟
- نعم، أولا أهم ملاحظة هي أنه كان هناك اهتمام بين الجميع بالدستور، الفقير والغني، جميع فئات المجتمع كانت مهتمة جدا بدرجة غير مسبوقة ولم تحدث من قبل، وهذا عكسته التساؤلات والمناقشات، وأنا قمت بجولات كثيرة في المحافظات كان هناك خلالها إقبال على المناقشة، وطرح الكثير من التساؤلات وبعض الانتقادات. الاهتمام كان استثنائيا، ونحن طبعنا ما يصل إلى مليونين أو ثلاثة ملايين نسخة من الدستور وزعت وصورت، وآخرين نشروها، ونظمنا خدمة هاتفية يستطيع من خلالها المتصل الاستماع إلى مواد الدستور وشروحاتها، بخلاف برامج كثيرة تلفزيونية وإذاعية وندوات نظمناها.
ولاحظنا أنه مثلا على مستوى الفلاحين، كان هناك اهتمام كبير جدا، لأنه أصبحت هناك نصوص تعطيهم حقوقا معينة. فهي ليست نصوصا انتخابية فقط، لكنها نصوص تعني دخلا إضافيا للفلاح. نفس الشيء بالنسبة إلى العمال، كذلك بالنسبة إلى المعاقين، وأصبح هناك للمرة الأولى مواد تتعلق بالمعاقين في مصر.. المسنون والعاطلون والفقراء، كل هؤلاء كانت لهم نصوص في الدستور، اهتم بهم وأعطاهم حقوقا ومزايا.
ثم تعامل الدستور مع موضوع التعليم بالتفصيل، وموضوع الصحة والرعاية الصحية، والزراعة، والصناعة، والسياحة، إلى آخره.. حتى الصيادون كان لهم نص في الدستور، هذا كله جعل كل الفئات تهتم بما يتعلق بها، وفي الوقت ذاته بالمواد الأخرى، فإذا كنت صيادا ستهتم بالتعليم لأن هذا يتعلق بأطفالك، وأيضا الصحة لأنها تتعلق بصحة أسرتك.
الحقيقة أن إعداد الدستور لم يكن مثار اهتمام وحماس معين، وبحث وتساؤلات، إنما أيضا عملية تعليمية وتثقيفية. وأنا أتصور أنه من الآن فصاعدا لن يتسامح المواطنون من أي مستوى مع أي خرق للدستور.
ثم إنه في هذا الدستور هناك باب مهم جدا اسمه الإدارة المحلية، تحدثنا فيه عن اللامركزية، وعن الـ54 ألف مقعد انتخابي على مستوى الدولة كلها في المجالس القروية والمحلية والمحافظات، فهناك فرصة عظيمة لـ54 ألف كرسي منتخب، المرأة يجب أن تأخذ منها خمسة وعشرين في المائة، والشباب خمسة وعشرين في المائة، والعمال والفلاحون خمسين في المائة.
هذه النسب عندما تتداخل في بعضها تعني أن العمال والفلاحين سيكون بينهم نسبة كبيرة للمرأة والشباب، ونسبة كبيرة من المسيحيين، وجاء النص أيضا على أن تكون هناك نسبة للمعوقين.
> الإخوان قالوا إن المساواة بين المرأة والرجل في الدستور مخالفة للشريعة؟
- هم يقولون، وكذلك أصحاب النوايا السيئة في تفسيرهم، إن المساواة تعني أن يكون للمرأة حق الزواج من أربعة، وإن الميراث متساو.. إلى آخره. نص المساواة بين الرجل والمرأة هو في إطار الحقوق المنصوص عليها في الدستور، وأهمها أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع.
كلامهم غير صحيح، لكن هذا الدستور يلزم الدولة بأن المرأة يمكن أن تجلس على منصة القضاء.
> والرئاسة؟
- المسألة مفتوحة، فالنص يقول عن الطرف الآخر في المنصب الرئاسي، الزوجة أو الزوج، يعني أن الطرف الآخر من المنصب الرئاسي لا يقول الزوجة، أي إننا لا نفترض أنه من الضروري أن يكون الرئيس رجلا.
> ومسألة تمكين المرأة في مجلس النواب؟
- أولا، لا يمكن أن تكون المرأة جزءا سالبا تماما، لا بد للمرأة أن تناضل. وقد حصلت على (نسبة) 25 في المائة في المحليات. يجب أن تناضل المرأة وتدخل الانتخابات، حتى لو سقطت عدة مرات. أنا أطالب المرأة بأن تأخذ بيدها عملية فرض تمثيلها عن طريق إقناع الناخب بها.
> بماذا تصف هذا الدستور، هل هو دستور الجمهورية الثانية، أم الثالثة مثلا؟
- الجمهورية الثالثة.
> لماذا؟
- لأن الجمهورية المبتسرة أو المختصرة قصيرة العمر هي جمهورية (الرئيس السابق محمد) مرسي، كانت الجمهورية الثانية، أو جمهورية الإخوان المسلمين. والثالثة هي جمهورية هذا الدستور، أما الأولى فنعرفها جميعا.
> بماذا تعرف الجمهورية الثالثة التي هي في طور التشكيل ويؤسس لها هذا الدستور؟
- جمهورية الديمقراطية، الدولة المدنية، الدولة العصرية، التي فيها من الحريات والحقوق ما يتوازى مع أفضل الدساتير الديمقراطية في العالم.
> حتى دستور عام 1923؟
- طبعا دستور 1923 هو دستور بدايات القرن العشرين، وهذا هو دستور القرن الواحد والعشرين. دستور 1923 كان يترجم الحريات طبقا لإطار كان يعيش فيه العالم في الربع الأول من القرن العشرين، وهذا (الدستور الجديد) يترجم الحياة في مصر وما نأمل فيه ونعمل على تحقيقه طبقا لمعطيات القرن الحادي والعشرين.
> لماذا اخترتم في الدستور الحالي التوسع في التفاصيل؟
- لأن البلد حصل فيه خلل كبير جدا. لو كنا في حالة عادية لم نكن لنحتاج إلى التفاصيل، لكن هناك أبوابا كان لا بد فيها من الدخول في التفاصيل، لدرجة أن الدستور أكد على أن يكون الإنفاق الحكومي على التعليم العادي أربعة في المائة من الدخل القومي، واثنين في المائة على التعليم العالي، وواحدا في المائة على البحث العلمي، وثلاثة في المائة على الرعاية الصحية. كان هذا مهما، لأنه لو كانت الأمور تسير سيرا عاديا في مصر، لم نكن لنضطر إلى ذلك. اضطررنا للدخول في التفاصيل لأن هناك خللا يحتاج إلى بعض التفاصيل لإعادة الأمور إلى نصابها.
> هناك تصريحات أدليت بها حول أنك كنت تفضل استمرار أو وجود مجلس الشورى؟
- لا، غير صحيح، أنا كنت أفضل إعادة مجلس الشيوخ، ويكون له سلطة برلمانية أصيلة؛ وليس شورى. كان لمجلس الشيوخ المصري دور كبير إلى أن توقف عام 1952 حين توقفت الديمقراطية البرلمانية.
في تاريخ مصر، حينما نوقشت مسودة القانون المدني المصري، أقره مجلس النواب في ظرف عشرة أيام، بينما ظل مجلس الشيوخ يناقشه ستة أشهر، مادة بمادة، واستدعي خبراء من الخارج. وحتى الآن في عام 2014، عندما يحكم القضاء يشير إلى المادة وإلى شروحاتها، وإلى ما قيل عنها في مضابط مجلس الشيوخ، بعد 70 سنة.
مجلس الشيوخ كان له دور كبير جدا في الحياة السياسية، مثلا أول فكر للإصلاح الزراعي كان في مجلس الشيوخ عام 1948. كانت هناك مسائل كبرى تناقش في مجلس الشيوخ، واليوم أصبح لدينا احتياج له لأن لدينا غابة من القوانين صدرت خلال الـ60 أو 70 عاما الماضية؛ كثير منها مشخصن، والكثير منها ركيك ومتكرر ومتناقض، ولا بد من إعادة نظر فيها. من يفعل هذا؟ لا بد من مجلس متيقظ، ولذلك أنا ضغطت كثيرا في اتجاه أن يكون هناك مجلس شيوخ، لكن امتثلت للديمقراطية. فعندما طرحنا في مناقشات لجنة الخمسين قضية غرفة أم غرفتين في العملية البرلمانية، انتصر الاتجاه الذي يريد غرفة واحدة. لأن الفكر الذي ساد أننا نريد أن نعيد مجلس الشوري، وفي مصر - في بعض الأحيان - هناك صعوبة، إذا سادت قناعة، في إثبات أنك لم تقل ذلك، وأنك تتحدث في شيء آخر.
> بالنسبة إلى مجلس الشيوخ، في الماضي كان هناك وضع طبقي معين يعكسه مجلس الشيوخ، ولم يعد موجودا اليوم؟
- «الباشاوات» كانوا أيضا أعضاء في مجلس النواب مع زعماء القبائل والعمد، مجلس الشيوخ كان له معيار مختلف من حيث السن والتعليم، وهذا ما نحتاجه هنا. أنت تحتاج درجة معينة في مجلس الشيوخ وتطلب فيه تعليما معينا حتى تكون المناقشات على مستوى معين وتضيف إلى المستوى الشعبي الأوسع الموجود في مجلس النواب، وهو أيضا في نفس الأهمية.
> الرؤية أن هذا دستور دائم، أم أنه ربما يتغير أو يعدل حسب المراحل المقبلة؟
- هو دستور دائم، إنما سيخضع لتعديلات مع تقدم المسيرة حتى يخضع للعصر ومتطلباته. أنا مثلا أتوقع أن التعديل الأول سيكون لصالح إنشاء مجلس الشيوخ، أتصور أن مصر عندما تكون في ظرف عشر سنوات مائة مليون نسمة ستحتاج إلى نصوص مختلفة. هذه سيكون مكانها تعديل النصوص. أنا لا أرى أي فائدة أو نجاعة في تغيير الدستور، إنما يمكن تعديل بعض مواده، مثل الدستور الأميركي الذي تجري فيه تعديلات أو إضافات كلما احتاج الأمر.
> الدستور خطوة أساسية في طريق المرحلة الانتقالية.. رؤيتك للمرحلة المقبلة؟
- الخطوة الثانية هي انتخاب الرئيس والبرلمان، الخطوة الثالثة هي إنهاء المرحلة الانتقالية، ثم تبدأ مرحلة كاملة مستقرة، أربع سنوات للرئيس، وخمس سنوات لمجلس النواب والحكومة، وهذا يعني أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الاستقرار.
> هل أنت متفائل بعبور هذه المراحل؟
- أنا متفائل فعلا، وأرى أن هناك فرصة جيدة جدا لمصر أن تعالج القصور الذي حدث لنا.
> لا يزال هناك جدل حول أيهما يسبق الآخر، انتخابات برلمانية أولا أم رئاسية؟
- أنا رأيي أن هذا ليس مهما، لأن الدستور يقول إن هذا كله يجب أن يجري خلال ستة أشهر.
> لكن يجب أن يحدث اختيار؟
- هذه متروكة لرئيس الجمهورية الحالي، أنا شخصيا أرى أن الانتخابات البرلمانية أولا، لماذا؟ لأن هناك رئيسا، أي أن المنصب غير شاغر. لكن إذا اخترنا انتخابات الرئاسة أولا، فلا مانع، لأن المسألة كلها تنتهي في ستة أشهر. فالفرق سيكون شهرين أو ثلاثة أشهر فقط بينهما.
> الانتخابات البرلمانية تحتاج إلى تنظيم وأن تكون الأحزاب والقوى السياسية جاهزة، هل حصل هذا في رأيك؟
- هذه مسؤوليتهم، وهناك خريطة طريق من يوليو (تموز) الماضي، وهم يعرفون ذلك. فإذا كانت الانتخابات البرلمانية ستجري قرب يونيو (حزيران) المقبل، فليرتبوا أنفسهم، وإلا متى ستكون الأحزاب جاهزة؟ بعد سنة، اثنتين، عشر سنوات، أو 15 سنة؟ فيعملون في إطار الديمقراطية ويرون ما هي الأخطاء ويصلحونها.
> إذا لم تكن تلك القوى مستعدة فهذا قد يعني أن ما حدث في البرلمان السابق يمكن أن يتكرر؟
- لا، لا.. هناك تغير في المناخ العام في مصر، ولا أعتقد أنه سيكون هناك ذلك الزخم الذي أخذه الإخوان سابقا، لأن الناس رأت ماذا حدث في الحكم الإخواني، والانهيار الذي كانت مصر تتعرض له؛ لذلك لن يتكرر ذلك. تستطيع أن تقول إنه لن تكون هناك أغلبية واضحة، فأنا أتنبأ بأن البرلمان المقبل سيكون برلمانا معلقا لا أغلبية فيه، ستكون هناك تحالفات وائتلافات وتحصل حركة ديمقراطية. لن تكون سهلة، لكن لا بد أن نمر بهذا. وهذا تطور.
> بالنسبة إلى المرشحين للرئاسة، ما رؤيتك؟
- أنا أرى أن الفريق السيسي يتجه لاتخاذ هذا القرار (الترشح)، وأرجح هذا.
> وما يقال عن ضغوط أو مواقف خارجية؟
- دعونا من هذا، موضوع اختيار رئيس جمهورية وبرلمان ومرشحين هذا موضوعنا نحن في مصر، وليس موضوعا خارجيا. ثم إن الضغوط الخارجية أدت إلى ماذا؟ أدت إلى ما حدث في سوريا والعراق، ولبنان يلحق بهما. هذا القرار يجب أن يكون قرارنا هنا حسب مصالحنا. وما يقال عن تدخلات خارجية أمر مؤقت، وإن كنا يجب أن نكون واعين لها، لكن أمورنا يجب أن نقرر فيها بأنفسنا، ولا نحتاج فيها إلى أي تأثير خارجي.
> هناك كلام كثير عن مؤامرات خارجية، أو تدخلات، وتبدو في بعض الأحيان تخيلات أكثر منها حقائق، ربما تكون هناك وجهات نظر خارجية نتيجة قراءة خاطئة للواقع؟
- دعنا من الكلام عن أنهم يتآمرون علينا، ونتكلم عما نعلمه جميعا. أليست مراكز البحث هذه هي التي تحدثت عن الفوضى الخلاقة، وعن الإسلام المتحدي أو الخصم الجديد؟ أليسوا هم الذين تحدثوا عن الإسلام السياسي، وعن الربيع العربي؟ وفي سوريا وهنا وهناك، ماذا فعل؟ هي مراكز البحث المتطرفة اليمينية وأضرت بنا أبلغ ضرر، الأفضل أن أقرر وفقا للواقع الموجود في بلدي هنا في مصر، لا أن أخضع لتحليلات «خواجات».. استفد منها إذا أردت، لكن الخضوع لها لا.
هم تنبأوا، ونحن أيضا. كثير من العرب والمصريين تنبأوا أيضا بأن الأمور ستتغير ولا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه، فرسموا خطة وكانت بشكل علمي. عندما تحدثوا عن الإسلام «العدو»، تحدثوا أيضا عن الإسلام «الصديق» ومثاله (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان. وهو صيغة ناجحة لإدارة دولة إسلامية؛ لو تركنا جانبا الخلافات الأخيرة. فماذا كان يمنع أن تأخذ مصر الصيغة الناجحة؟ لكن مع الأسف مصر أخذت الصيغة غير الناجحة، ولم يرتفع الإخوان المسلمون إلى مستوى التحدي، لم يأتوا بالتعريف الصحيح للتحدي الذي يواجهونه. و30 يونيو لم تكن شيئا قليلا في مصر، كان تغييرا لأمر واقع وتحديا لسياسات خارجية وضغوط، إلى آخره.
> كيف يمكن الخلاص من الحالة الحالية التي وضع الإخوان أنفسهم فيها؟
- ذلك في أيديهم. الحقيقة أن الدستور لم يقص أحدا، دستور 2012 كان فيه إقصاء للعهد الذي كان قبلهم، نحن في هذا الدستور اهتممنا بأن لا يكون هناك نص يقصي أحدا. إذن، أي مواطن إخواني أو غير إخواني الدستور أمامه يستطيع الاستفادة من كل المميزات. إذن لديهم فرصة، وهناك 54 ألف كرسي في المحليات، ولو كان هناك مجلسان سيكون هناك ألف كرسي. المسألة ليست مصالحة، لكن الدخول في العملية السياسية. إنما القتل والفوضى والعنف يعني أنهم يجعلون أنفسهم خارج المجتمع.
> هل شفي المجتمع المصري من مسألة الإخوان؟
- المسألة ليس «شفي»، المسألة أنهم أثبتوا أنهم لا يصلحون للحكم. عندما عارضت مرسي عارضته لأنه لم يكن قادرا على الحكم. لم يكن يقود حكما كفؤا يتماشى مع متطلبات البلد، والمطب التاريخي الذي نحن فيه؛ وليس لأنه إخوان مسلمون، أنا لم أعارضه لأنه إخوان، عارضته لأنه غير كفء أو مجموعته غير كفؤة.
> المعارضة كان فيها جزء من الخوف على هوية الدولة، فمثلا الناس تعودت أن يخرج رئيس الجمهورية ويقول أيها الإخوة المواطنون، وليس «أهلي وعشيرتي»؟
- المسألة من البداية خطأ، عندما يقول مواطنون فهو يخاطبنا كلنا، عندما يقول «أهلي وعشيرتي».. نحن لسنا عشيرة.
> الوفود الأجنبية التي تزور مصر، هل تشعر أن هناك تغيرا في النظرة إلى الواقع من 30 يونيو حتى الآن؟
- نعم، إنما لا تزال هناك تخفظات. ونحن يجب أن نعمل أكثر للحصول على التأييد والدعم الدوليين، فيقولون إن المصريين كان لديهم حق فيما فعلوه. نحن علينا أن نوضح ونشرح، وأول شيء هو الدستور، وهو واضح ومترجم. وأنا أرى أن هناك ارتياحا خارجيا له؛ ربما يكون غير كامل، لكنه جيد.
> هناك اعتراف خارجي بأن هناك شعبية جارفة للسيسي، وشعبية للتغيير الذي حدث، لكن لا تزال هناك رؤية بأن هذا مجتمع منقسم؟
- المجتمع المصري فيه انقسامات لكنه ليس منقسما، مثل موضوع الإخوان والتيار الديني الذي لا يترجم المزاج المصري العام. وهو مزاج يحترم الدين، لكنه لا يريد أن يخنقه أحد باسم الدين. وإذا عدنا لدستور 2012، فلقد كان دستورا يهدف إلى إقامة أشياء أشبه بالكيانات التي تراقب سلوكيات الناس، المجتمع المصري لا يمكن أن يقبل بهذا، يجب أن يكون الدين ميزة في تسامحه وفتح الآفاق، وليس تضييق الأمر على الناس.
المسألة ليست النصف بالنصف، فالخلاف بين أغلبية كبيرة وأقلية، والدستور عندما يعتمد بأغلبية كبيرة سيكون هو القاعدة المستقرة التي على أساسها يعمل الرئيس والحكومة ومجلس النواب، الدستور سيضع هذه الأمور في حجمها الطبيعي.
> لو استجاب الفريق السيسي للمطالب الشعبية، ما السيناريو الذي يمكن أن يحدث؟
- سيناريو عادي جدا، يجب أن يترشح.
> هل يعني ذلك التخلي عن منصبه العسكري أولا؟
- طبعا، وربما تجد بعض آراء تتحدث عن رئيس توافقي، لكن الضروري هو أن يكون منتخبا. وحتى يحدث ذلك يجب أن يكون مدنيا، ولذلك يجب أن يترك منصبه. وهذا حدث للجنرال أيزنهاور الذي ترك منصبه وأصبح رئيسا في أميركا. هناك وضع معين وفترة معينة، إنما الفريق السيسي سيترشح كمدني، وليس بصفته القائد العام.
نحن في مرحلة نحتاج فيها إلى الثقة، أن يكون الناس واثقين فيمن سيقودهم، وطالما أن الشعب أراد ولديه ثقة في شخص، أنا أرجح أنه (الفريق السيسي) سيترشح. مصلحة مصر فيما يتحدث فيه الشعب، هناك من انتقد موقفي هذا، لكن نحن نحتاج إلى أن يطمئن الشعب إلى شخص وطني يريده، نضمن أنه لن يقود البلاد إلى الهاوية، بالعكس يقود البلاد إلى ما هو أفضل. فالشعب متوجه إلى هذا، ونحن نحتاج إلى الاستثمار في هذه الثقة الموجهة إلى شخص بعينه في أننا نشجع هذا الشخص أن يتصرف ويقود ويعمل على إنقاذ البلد. الشعب وضع ثقته فيه، لماذا؟ لإنقاذ البلد وإصلاحه. وهناك دستور الآن، كتاب تستطيع أن تأخذ منه ما تريد.
> وهل لديك ثقة أن المجتمع لن يعود إلى الحكم الشمولي؟
- ضروري أن نعمل جميعا على أن لا يعود الحكم المطلق الشمولي. الذي نتحدث ونبدأ فيه اليوم هو نظام ديمقراطي، نريد انتخاب الفريق السيسي إذا كان مرشحا على أساس الديمقراطية، ولمدة أربع سنوات، وحتى يأخذ فترة جديدة لا بد أن يدخل الانتخابات مجددا، وهما فترتان فقط (المسموح بهما بحسب الدستور)، وسيكون على رأس حماة الدستور ومبادئه والحريات والمصالح والحقوق الواردة في الدستور.
> بعد كل ما حدث، ما رؤيتك للربيع العربي؟
- الحقيقة التعبير غير مضبوط، والأصح هو «التغيير» العربي، وهذا سوف يستمر، وسيدخل في غياهب وخنادق وغيره، لكنه لن يتوقف.
> ولكن تكلفته عالية؟
- أعرف ذلك، لكنه لن يتوقف. وعلى الحكومات القائمة أن تغير وتتماهى مع متطلبات المجتمعات والشباب. والمجتمعات العربية، مثل مصر، أصبح الشباب فيها أغلبية، وهو يحتاج إلى آفاق جديدة، يريد وظائف ومساكن وتكوين عائلات، ويريد أن يتنافس مع الشباب في إطار العولمة، ولديه لغة مختلفة عنا ويعرف ما يحدث في العالم، لا يمكن أن نتعامل مع الأجيال الحالية والمقبلة بنفس ما كنا نتعامل به منذ 20 عاما.. الدنيا تغيرت، والعرب سيتغيرون ومصر ستتغير. وفي خمس سنوات - وربما أقل - ستجد العالم العربي والشرق الأوسط شيئا مختلفا تماما.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.