العضلات المفتولة وصحة المراهقين

تحذيرات من مخاطر الحصول على جسم رياضي

العضلات المفتولة وصحة المراهقين
TT

العضلات المفتولة وصحة المراهقين

العضلات المفتولة وصحة المراهقين

من الطبيعي أن تشغل صورة الجسد Body Image حيزا كبيرا في تفكير المراهق حيث تمنحه هذه الصورة القبول الاجتماعي وبالتالي الثقة في النفس نظرا لتحقيقه «المقاييس المثالية» للهيئة الجسدية التي يسعى الجميع إلى الوصول إليها. وتكون هذه المقاييس بالطبع متغيرة تبعا لمقاييس عصرها وتتحكم فيها عدة عوامل مثل وسائل الإعلام والإعلانات والأفلام.
وكانت صورة الشاب الذي يتمتع بعضلات مفتولة ومظهر رياضي تمثل دائما نوعا من الجذب لمعظم المراهقين. ومع تقدم وسائل التدريب، والأدوية التي من شأنها أن تساهم في نمو العضلات، أصبح الوصول إلى هذه الصورة أمرا يسيرا، ولكنه بالطبع يمكن أن يحمل بعض المخاطر الطبية.

بناء العضلات
أحدث دراسة أميركية تم نشرها في نهاية شهر يونيو (حزيران) من العام الجاري في المجلة الدولية لاضطرابات الطعام International Journal of Eating Disorders أشارت إلى أن هناك نسبة تبلغ 22 في المائة من المراهقين الذكور و5 في المائة من الفتيات يتبعون طرقا غير صحية لبناء العضلات سواء بطرق طبيعية عن طريق أكل كميات كبيرة جدا مبالغ فيها بغرض نمو العضلات أو عن طريق الأدوية التي تزيد من حجم العضلات anabolic steroids وهي عبارة عن هرمون الذكورة. وكلتا الطريقتين تحمل مخاطر طبية، رغم اعتقاد المراهقين أنه طالما أن العقار مشتق من هرمون طبيعي موجود بالجسم وهو التستيرون فإنه يكون آمنا.
والحقيقة أن الدواء الذي يحتوي على الهرمون ليس هو الهرمون كما أن طريقة التصنيع والجرعات يمكن أن تجعله غير آمن، ويمكن في بعض الأحيان خاصة على المدى الطويل أن يؤدي إلى تلف تام في بعض أعضاء الجسم مثل الفشل الكلوي. وأوضحت الدراسة أنه في مجال اضطرابات الطعام كان معظم التركيز على الفتيات والنحافة وتناول كميات قليلة من الأكل أما الآن فإن نحو خمس المراهقين الذكور يعانون من هذه الاضطرابات أيضا ولكن بزيادة تناول الطعام كما أشارت الدراسة إلى أن الوصول إلى الصورة المثالية للجسد الرياضي التي أصبحت سائدة على مواقع التواصل هي السبب الأساسي في إقبال المراهقين على زيادة الوزن وحجم العضلات بأي وسيلة.
وشملت الدراسة نحو 15 ألف مراهق وشاب أميركي عبر الولايات المتحدة تمت مقابلتهم للمرة الأولى حينما كانت أعمارهم تتراوح بين 11 و18 عاما وتمت مقابلتهم مرة أخرى حينما كانت أعمارهم تتراوح بين 18 و24 عاما. وكانت هناك نسبة بلغت 7 في المائة منهم ذكروا أنهم تناولوا مكملات غذائية تساعد على زيادة وزن الجسم وبناء العضلات بينما رصدت نسبة بلغت 3 في المائة منهم ذكروا أنهم تناولوا هرمونات الذكورة لزيادة حجم العضلات. وبالنسبة للفتيات كانت هناك نسبة بلغت 1 في المائة فقط هن اللاتي استخدمن الأدوية والمكملات الغذائية على حد سواء.

أخطار صحية

من المعروف أن الأدوية التي تحتوي على هرمون الذكورة لها أخطار على المدى البعيد تتسبب في أمراض القلب واعتلال الكبد وربما الفشل الكلوي وأيضا لها أعراض جانبية على المدى القصير مثل القلق والتوتر وزيادة السلوك العدواني. وحينما يتم تناولها في عمر مبكر يمكن أن تؤدي إلى تأخر النمو الجسدي.
وحذرت الدراسة من خطر إمكانية شراء هذه الأدوية المكملة عن طريق الإنترنت حيث لا توجد رقابة على تلك المنتجات، وأنه ليس أي دواء يحتوي على مجموعة فيتامينات على الإنترنت يكون آمنا حيث إن هناك بعض المواد التي يمكن أن تكون مفيدة بالفعل ولكن بجرعة معينة وأنها تتفاعل مع مواد أخرى موجودة في نفس الدواء والذي يكون في الأغلب عبارة عن مجموعة من الفيتامينات والأملاح. والأمر نفسه ينطبق على الهرمونات بطبيعة الحال.
وقد وجد الباحثون أن الفتيان الذين يمارسون الرياضة بغرض زيادة الوزن وبناء العضلات كانت لديهم فرصة لحدوث اضطرابات الطعام بمقدار 142 في المائة أكثر من أقرانهم الآخرين بينما زادت النسبة في الفتيات اللاتي مارسن الرياضة لنفس السبب (زيادة الوزن والعضلات) بمقدار 248 في المائة عن الفتيات الأخريات. وأيضا توصل الباحثون إلى عدة عوامل أخرى تؤدي إلى زيادة تناول الطعام غير الرياضة مثل إحساس المراهق بأنه أقل من الوزن الطبيعي وذلك راجع أيضا إلى الصورة الذهنية عن الجسد المثالي. وأيضا كان تناول المواد الكحولية لدى الفتيان دافعا إلى ذلك، وفي المقابل كان الاكتئاب هو العامل للفتيات لتناول المزيد من الطعام. ولعب العامل العرقي دورا أيضا، حيث تبين أن المراهقين من أصل أفريقي أكثر تناولا للطعام بغرض زيادة الوزن.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة مراقبة أبنائهم بمعنى أن المراهق الذي يقضي في التدريبات الرياضية 4 أو 5 ساعات في تمرينات عنيفة جدا ولا يتناول طعاما كافيا، في الأغلب يتناول أدوية أو هرمونات تساعده على أداء هذه التمرينات. وهناك علامة أخرى يجب أن تلفت نظر الآباء وهي تجنب المراهق لجميع العناصر الغذائية التي تحتوي على الدهون أو الكربوهيدرات بشكل تام.
كما أوضح الباحثون أن الاعتدال في الموازنة بين تناول الطعام والرياضة هو الضامن للصحة الجيدة. وفي النهاية حذرت الدراسة المراهقين من اتباع طرق غير صحية للحصول على جسم متناسق ولافت للنظر، وشددت على أن جميع العناصر الغذائية مطلوبة بنسب معينة خاصة في مرحلة النمو. وأكدت على ضرورة عدم تناول أدوية لزيادة حجم العضلات إلا تحت إشراف طبى ولفترة معينة لتفادى الأعراض الجانبية وأنه حتى الفيتامينات المصنعة لها أضرار طبية.
- استشاري طب الأطفال



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال