موسكو تستقبل بيدرسن باستعداد لـحسم «الدستورية» وتحفظ عن «المجموعة الموسعة»

TT

موسكو تستقبل بيدرسن باستعداد لـحسم «الدستورية» وتحفظ عن «المجموعة الموسعة»

يجري وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم، جلسة محادثات مع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن ينتظر أن تركز على تجاوز النقاط الخلافية العالقة حول تشكيل اللجنة الدستورية وإطلاق عملها. وأطلقت موسكو إشارات دلت إلى اقتراب الأطراف من تسوية هذا الملف، ورأت أوساط روسية أنه سيكون «الموضوع الأبرز» للزيارة. لكن في المقابل، لم تبرز تصريحات المسؤولين الروس توجها لدعم خطط المبعوث الأممي حيال مساعي إحياء «مسار جنيف» وفتح حوار دولي موسع حول آفاق التسوية السياسية في سوريا.
واستبقت موسكو الزيارة بإعلان عزمها مناقشة «التفاصيل القليلة العالقة» في ملف تشكيل الدستورية وفقا لتعليق نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، الذي أكد على استعداد بلاده «لأن تبدأ اللجنة عملها بأسرع ما يمكن. ومن المهم تنسيق التفاصيل الباقية، ونحن قريبون من ذلك».
وكانت مصادر روسية أشارت في وقت سابق إلى أن موسكو بذلت جهودا لإقناع دمشق بتسوية الخلافات المتعلقة بستة أسماء في لائحة «المجتمع المدني» كانت محور خلافات. لكن لم تعلن موسكو أو دمشق رسميا عن تقدم في هذا المجال، بانتظار «النقاشات التفصيلية مع بيدرسن» وفقا للمصادر التي أشارت إلى أن تحفظات دمشق لا تقتصر على تشكيلة اللجنة، وتمتد إلى مكان وآليات عملها المقترحة من جانب الأمم المتحدة.
وكانت موسكو فشلت في تحقيق تقدم في هذا المجال خلال جولة المفاوضات الماضية في «مسار أستانة» وتأمل الدبلوماسية الروسية في أن تحمل محادثات بيدرسن الحالية في موسكو، وزيارته إلى دمشق في غضون أيام، تحولات حاسمة في هذا المجال، ولم تخف أوساط دبلوماسية أملها في أن يتم إطلاق عمل اللجنة وعقد أولى جلساتها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على أبعد تقدير.
وتشير تعليقات دبلوماسيين روس إلى أن هذا الملف غدا «الأقرب إلى التسوية» في حين ما زال عدد من الملفات الأساسية عالقا، و«بعضها يشكل نقاطا خلافية مع المبعوث الدولي» وفقا لتعليق مصدر روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط».
قال المصدر بأن بيدرسن يصر على ضرورة التقدم بـ«خطوات عملية ملموسة» لتحسين مناخ الثقة بين الأطراف، بالتوازي مع إطلاق عمل الدستورية، منها تسوية مشكلة إطلاق السجناء، وتحسين الأوضاع الإنسانية. لكن الأهم من ذلك، أن موسكو لم تظهر حماسة لفكرة بيدرسن بتهيئة الظروف لعقد اجتماع دولي موسع تحضره أطراف عملية أستانة و«المجموعة المصغرة» والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بهدف الحصول على إعلان دولي واضح يدعم جهوده في إحياء «مسار جنيف». وكان بيدرسن أعلن قبل أسبوع أنه «يريد أن يسمع من الأطراف التزاما كاملا بعملية جنيف».
لا تبدو موسكو متحمسة لهذا المدخل، وهي تفضل أن يتحرك المبعوث الدولي على ملفات «مرتبطة بالوضع على الأرض» وفقا لتعبير الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي حددت بهذه العبارة الملفات التي تريد موسكو مناقشتها مع المبعوث الأممي. وبالنسبة إلى موسكو فإن مناقشة «الوضع على الأرض» تعني تأكيد دعم العمليات الهادفة إلى «تقويض ما تبقى من بؤر إرهابية» وعدم وضع «عراقيل» من خلال التحذيرات المتواصلة من تردي الوضع الإنساني في إدلب وغيرها من المناطق التي تتطاولها العمليات العسكرية. أيضا تعني العبارة بشكل مباشر أن موسكو تتطلع إلى دعم جدي ومباشر من جانب الأمم المتحدة لمبادرتها حول إعادة اللاجئين، وتوفير الظروف الملائمة لذلك على الأرض عبر إعادة إعمار البنى التحتية».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشار إلى هذه المسألة خلال مشاركته في اجتماعات جرت على هامش قمة أوساكا أخيرا، فهو رأى أن الأولوية لـ«القضاء على بؤر الإرهاب، وإنعاش الاقتصاد». بهذا المعنى لا ترى موسكو أن مسعى بيدرسن لإعادة الحديث عن إحياء عملية سياسية تقوم على أساس بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، سيكون له أفق للتنفيذ. وهي وجهت انتقادات عديدة خلال الفترة الماضية إلى الأمم المتحدة وبلدان غربية كونها «تحاول عبر الحديث عن عملية سياسية عرقلة الملفات الأساسية مثل عودة اللاجئين وإعادة الإعمار».
لا تخفي أوساط في موسكو قناعة بأن «الوقائع على الأرض تجاوزت جنيف» وأن «الإنجاز الأهم للتدخل الروسي في سوريا كان في حسم المعركة لصالح الحكومة الشرعية» بمعنى أنه لم يبق ما يتم التفاوض عليه مع أطراف «متمردة وترفض الحل السلمي».
في مقابل هذه النقطة الخلافية الكبرى بين موسكو والمواقف التي يطرحها بيدرسن، حول شكل وآفاق التسوية السياسية في سوريا، ثمة نقطة اتفاق مهمة، بأن الوقت حان لفتح حوار معمق مع واشنطن من أجل الوصول إلى «فهم روسي أميركي أوسع» على شكل التسوية المطلوبة في سوريا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.