تفتت اليسار الإسرائيلي يعيد لنتنياهو قسماً كبيراً من شعبيته

وفقاً لنتائج استطلاعين جديدين

TT

تفتت اليسار الإسرائيلي يعيد لنتنياهو قسماً كبيراً من شعبيته

في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي إلى أنه بمقدور أحزاب المعارضة في إسرائيل أن تهزم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وتسقط حكم اليمين المتطرف، بادر رئيس حزب العمل المنتخب حديثاً، وزير الدفاع الأسبق، عمير بيرتس، إلى الاتصال برؤساء أحزاب المعارضة من الوسط واليسار وبعض الأحزاب العربية، ساعياً إلى توحيد صفوفها أو رفع مستوى التنسيق فيما بينها، للتخلص من سلطة اليمين، لكن ردّ الفعل عليه جاء بارداً، ما يرجح استمرار تشتت القوى.
فقد اتضح أن حرباً على الكراسي تدور في صفوف هذا المعسكر، لا يقل لهيبها حرارة عن لهيب الحرب المماثلة في أحزاب اليمين. بيد أن حرباً كهذه في صفوف المعارضة تهدد بالتأثير أكبر على قدراتها في إحداث تغيير في السلطة. والمتغير الوحيد في المعركة هو الارتفاع المتواصل في قوة حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، بزعامة أفيغدور ليبرمان، الذي تبين الاستطلاعات أن نتنياهو لن يستطيع إقامة حكومة من دونه.
وكانت نتائج استطلاعين نشرت في الساعات الأخيرة في تل أبيب دلّت على بداية تراجع جديّ في قوة اليسار والوسط. فحسب الاستطلاع الذي أجرته «القناة 13» للتلفزيون، جاء أن معسكر اليمين، سيتغلب على معسكر اليسار - الوسط والعرب، وسيحصل على النتائج نفسها، التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة، أي 65 مقعداً، فيما سيحصل معسكر اليسار على 55 مقعداً. وأظهر الاستطلاع الذي نشرته «القناة 12» للتلفزيون، توزيعاً مختلفاً لأصوات كل حزب، ولكنه أشار إلى النتائج نفسها بالنسبة لعدد الأصوات التي حصل عليها كل معسكر (65 : 55) مقعداً.
غير أن هذه النتائج تحسب حزب ليبرمان كجزء من معسكر اليمين. وهذا يعني أن معسكر اليمين سيفوز، ويشكل حكومة، فقط إذا كان ليبرمان جزءاً من الائتلاف. عملياً، فإن نتنياهو لن يستطيع تشكيل حكومة من دون ليبرمان. وإذا قرر الأخير تأييد زعيم حزب الجنرالات المعارض، بيني غانتس، مثلاً، فإنه يستطيع تتويجه بسهولة. وبالنسبة لنتنياهو اليوم فإن نصراً كهذا هو شرّ من هزيمة.
ومع ذلك، فإن نتائج الاستطلاعين تبدو مقلقة لقوى المعارضة. ففي الأسبوع الماضي فقط بيّنت الاستطلاعات أن بمقدورها هزم نتنياهو وإسقاط حكومته، وذلك عندما دخل المعترك السياسي إيهود باراك، رئيس الوزراء الأسبق، فقد أعلن تأسيس حركة حزبية تجمع قوى المعارضة في كتلة واحدة أو اثنتين لضمان إسقاط نتنياهو. ولكن الهجوم الذي واجهته به أحزاب المعارضة كان أشد من هجوم اليمين عليه. وقد انعكس ذلك سلباً على الناخبين، فعادوا إلى اليمين.
ويتوقع المراقبون أن يستمر الهبوط في معسكر اليسار إذا واصلت أحزابه التشتت والتمزق، وواصلت الأحزاب العربية صراعها على المقاعد؛ حيث إنها لم تفلح في إعادة تحالفها المشترك حتى الآن بسبب الخلاف بينها على ترتيب اللائحة الانتخابية.
وقد أعلن عمير بيرتس، أمس (الخميس)، أنه بمجرد إعلان فوزه برئاسة حزب العمل مساء الثلاثاء، عقد صلحاً مع إيهود باراك، واجتمع مع رؤساء أحزاب المعارضة، بيني غانتس (حزب الجنرالات)، ونتسان هوروفتش (ميرتس)، وأيمن عودة، وأحمد الطيبي (الأحزاب العربية)، واقترح عليهم التعاون والتنسيق، حتى الوحدة في قائمة واحدة... «حتى لا نفوت فرصة إسقاط نتنياهو». ولكن جهوده لم تثمر شيئاً بعد.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.