رائد المالكي.. مصور فوتوغرافي سعودي يحقق لقب «فنان عالمي»

التصوير هوايته.. والصورة في نظره أبلغ من ألف كلمة

تناغم من أعمال رائد المالكي (يسار)
تناغم من أعمال رائد المالكي (يسار)
TT

رائد المالكي.. مصور فوتوغرافي سعودي يحقق لقب «فنان عالمي»

تناغم من أعمال رائد المالكي (يسار)
تناغم من أعمال رائد المالكي (يسار)

لأن الوقت لا ينتظر أحدا ولأنه لا يكرر ذاته، استغل رائد عبد الله المالكي، المصور الفوتوغرافي السعودي، كل لحظة لتصوير مشاهد مُهمة.
وبحسب قوله فهو لا يترك دقيقة واحدة قد تجعله يخسر بسببها مَشهدا لن يتكرر.
المالكي، الذي حصل أخيرا على جائزة «فنان عالمي»، من مواليد مدينة الطائف، حصل على بكالوريوس تربية بدنية من جامعة أم القرى. موظف في وزارة التربية والتعليم. أحب التصوير فأصبح هوايته المفضلة واستحق لقب المصور الفوتوغرافي بجدارة. وهو عضو في كثير من أندية التصوير الفوتوغرافي المحلية والعالمية، وأهمها المنظمة الدولية للتصوير الفوتوغرافي (FIAP)، والجمعية الأميركية للتصوير الضوئي (PSA). شارك في كثير من المعارض الفوتوغرافية المحلية والعالمية وحصل على جوائز عدة.
وأخيرا، حقق المالكي معايير الحصول على لقب «فنان عالمي»، من الاتحاد الدولي للتصوير الفوتوغرافي «الفياب»، حيث تسلم شهادة اللقب والشارة من ممثل الاتحاد في السعودية الفنان عيسى عنقاوي، الذي كان له الدور الكبير في الإشراف والمتابعة الشخصية على المصورين، منذ انتسابهم للاتحاد للسعي في إرشادهم للحصول على الألقاب.
ويمنح هذا اللقب للمصورين بعد قبول أعمالهم في المسابقات الدولية المعترف بها، من قبل الاتحاد الدولي لفن التصوير، وذلك بعد إخضاعها إلى عدة اشتراطات؛ منها الحصول على قبول 15 عملاً مختلفاً أربعين مرة، في 15 صالونا مختلفا في ثمانية دول، على أن تكون منها أربعة أعمال طبعت وقبلت في إحدى تلك المسابقات، وذلك بعد مرور عام على أول مشاركة.
وأكّد المالكي لـ«الشرق الأوسط» أنّ محبّته للتصوير وإيمانه بمقولة «الصورة أبلغ من ألف كلمة» هي الدّافع الأساس لجعله يتعلّق بهذه المهنة. معتبرا أنّ الصورة توقف لحظة من الزمن، وتجعل الإنسان يتذكر ما يسعده فيما بعد، وما تعنيه الصورة للمصور من رسالة سامية يجب أن يوصلها بالشكل الصحيح. كما أكّد أنّ المجتمع في بداية رحلته بهذه المهنة لم يتقبل التصوير بجانب النظرة الدونية للمصور. لكن الوضع تغيّر الآن كلياً وأصبح المنتقد سابقاً داعما في مسيرة الضوء. معتبرا أنّ الافتقار لمعاهد متخصصة، يجعل التطوير تجربة تعليمية ذاتية، وقد يكون هذا التعليم خاطئا أو يعتمد على نظريات عقيمة لا تطور من فكر المصور. وهناك افتقار للدورات التي تجتهد بعض الجهات المعنية بها، فتأتي في وقت معين وتختفي طوال السنة. وهي أحوج ما يبحث عنه المصور.
شهد المالكي ثلاث محطات مهمة في مسيرته الفوتوغرافية، الأولى كانت لدى حصوله على جائزة محلية من نادي مكة الأدبي. الأمر الذي دفعه للتعلّق الشديد بالتصوير. ودفع للاجتهاد لاقتناء كاميرا أكثر احترافية. والثانية عندما نال جائزة عالمية، التي جدّدت ثقته بالنفس وجعلته يحصد بعد ذلك الكثير من الجوائز. أمّا المحطة الثالثة فهي حيازته أول الألقاب العالمية.
لا ينظر المالكي الى الفوز بصفته هدفا، بل هو يبحث عن صورة تبقى في ذاكرة المشاهدين، ويطمح بترك بصمة خاصة له.
ولم ينس المالكي إلى أي مدى كان للفنان عيسى عنقاوي أثر في نجاحه، وشكر له جميع الخدمات التي يقدّمها للفوتوغرافيين، خصوصاً عمله التطوعي المتعلق بـ(فياب). وجهده في خدمة الصغير والكبير من الفنانين السعوديين.
وبعد تعيينه مستشاراً لقسم التصوير الضوئي في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، أصبح يبذل جهوداً مضاعفة من أجل إبراز الحركة الفوتوغرافية في وطننا الغالي.
أدخل فوز المالكي بجائزة «فنان عالمي»، كمية فرح لا توصف الى قلبه. خصوصاً وأنه حقق هدفاً كان يضعه اما ناظريه منذ سنتين. ولم تذهب جهوده سدى، والكم الهائل من الجهد المعنوي والمادي أثمر فرحة لا توصف بنجاحه. ويبتسم المالكي للانتصار. وهذا النجاح بداية انطلاقة لتحقيق الكثير من الأهداف المرجوة.

 



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».