مارسيل خليفة في بعلبك... تدريبات واستعدادات لافتتاح المهرجانات

الفنان مارسيل خليفة
الفنان مارسيل خليفة
TT

مارسيل خليفة في بعلبك... تدريبات واستعدادات لافتتاح المهرجانات

الفنان مارسيل خليفة
الفنان مارسيل خليفة

بدأ الفنان مارسيل خليفة تدريباته في مدينة الشمس، مع الفرقة الموسيقية والكورال المصاحب له، استعداداً لإحياء الحفل الكبير يوم الجمعة، الخامس من الشهر الحالي، الذي به ستفتتح «مهرجانات بعلبك الدولية» لهذا العام.
والحفل يقدم فيه خليفة باقة من أرشيفه تصاحبه عزفاً «الأوركسترا الفيلهارمونية» بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، إلى جانب جوقة «جامعة اللويزة» بقيادة خليل رحمة. وهي ليست المرة الأولى الذي تستضيفه فيها مهرجانات بعلبك. ففي عام 2013. اضطرت لجنة المهرجانات إلى نقل الحفلات بسبب الأوضاع الأمنية، وقدم مارسيل خليفة أمسيته يومها في بيروت، وفي عام 2015، شارك في عمل «إلك يا بعلبك»، الذي جمع كبار الملحنين، والأدباء والعازفين والمغنين اللبنانيين الذين تغنوا ببعلبك تكريماً لها، وقبلها كان مارسيل قد شارك في هذه المهرجانات من خلال مسرحية (الأندلس المجد الضائع) وعبر موسيقى كتبها لفرقة كركلاّ.
ولخليفة باع طويل مع بعلبك، فقد حلم صغيراً وهو يتابع أخبار الفنانين يعتلون مسرح قلعتها بأن يكون في يوم من الأيام في مصافهم: «كنت أعد سنواتي على الأصابع، وأرتبها على هوى الموسيقى. استعجل عاماً آخر كي أكبر أكثر وآتي إلى مهرجان بعلبك. ولم تكن الطريق واضحة لصغير مثلي في ذلك الزمن فأستمع إلى الليالي اللبنانية تنقلها إذاعة لبنان الرسميّة والوحيدة آنذاك».
لم تكن الحياة سهلة في بلاد الأرز «الحروب الصغيرة والكبيرة التي عصفت كانت صعبة وكان زمن الآلام لا يوزن بالأيام». لكن الموسيقى لم تتوقف وأحلام مارسيل خليفة لا تنضب، بل تزداد تدفقاً: «أتت الأغنيات العاشقات ينتحرن على شرفة وتر تنقره الأصابع في جنون أناشيد الخبز والورد. وطالت تلك الحروب وتكاثرت ونحن نحب الحياة أكثر كما قال درويش حين نرى الموت في كل مكان». ويقول: «قد أنسى قدمي في الطريق إلى بعلبك ورائحة العرايس البعلبكية لكنّني لا أنسى محبة الناس الذين منحونا شريعة القلب. ولي من الشغف ما يشفع كي أحرّر وثبة القلب مما يؤجلها».
كل شيء في افتتاح مهرجان بعلبك الجمعة 5 يوليو (تموز)، سيكون حسب رأيه «أعذب من أعذبه. ما من شيء غير الخيال بقادر على إعادة تركيب الزمن المنكسر إلّا الموسيقى والأغنية والقصيدة التي دربتنا على الحب. سنلهو ونعبث بالموسيقى والغناء. فتعالوا نتخيّل آلهة بعلبك حين تلهو».
عن البرنامج يقول خليفة: «ستتكلم الموسيقى وتسكت الكلمات وينحني الشعر وترقص الإيقاعات على أعمال جديدة منها افتتاحية لبعلبك وختام وأغاني وموسيقى جديدة وكلاسيكيات يحبها الناس من أعمال ترسخت في الذاكرة رفقة عودي وصوتي».
وعن اختياره لعنوان تصبحون على وطن يرى أنّ «الأحلام تدفعنا إلى مهرجان بعلبك وبلادنا تدفعنا إلى بئر الخيبة ولكن سنجري الحنين والذكريات إلى أول الموسيقى وأول الغناء. لماذا تصبحون على وطن لأنّه لم يكن لنا وطن في يوم من الأيام منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا».
ويتابع خليفة: «سأصل ليلة 5 تموز إلى بعلبك على صهوة حلمي المبلّل برذاذ الطفولة وعيناي تمسحان القلعة وسحرها الخُرافيّ، كم يعوزنا الأكسجين! وكم يعوزنا الغناء والموسيقى! وكم يعوزنا المهرجان! لا نملك في ليلة 5 تموز إلّا مفردة يتيمة: حُبْ. هل نريد أن نقنع أنفسنا بالمستحيل؟ هل نريد أن نقنع أنفسنا بأننا سنكوّن وطناً؟».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».