«أهداف استراتيجية» على خط المواجهة بين الجيش الليبي وقوات «الوفاق»

TT

«أهداف استراتيجية» على خط المواجهة بين الجيش الليبي وقوات «الوفاق»

استعرت المعركة العسكرية في الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، عقب سيطرة القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، قبل أربعة أيام على بلدة غريان، التي كانت تعتبر أهم القواعد الرئيسية لـ«الجيش الوطني»، منذ دخولها، عند بدء المعركة في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي.
وتقع غريان، التي يمثل خروج «الجيش الوطني» منها ضربة موجعة له، على بعد 90 كيلومتراً جنوب العاصمة، في الجزء الشمالي الغربي للبلاد على قمة الجبل الغربي. ورغم أهمية غريان بالنسبة لقوات «الوفاق»، المدعومة دولياً. إلا أنها ليست البلدة الوحيدة التي يحتدم حولها الصراع العسكري، حيث تتبقى هناك أهداف استراتيجية على خط المواجهة بين القوتين المتقاتلين، من بينها مطار طرابلس الدولي، الذي يتبادلان السيطرة عليه من وقت لآخر.
وتعد غريان البلدة الأولى التي دخلتها قوات «الجيش الوطني»، سلمياً، قبل بدء هجومها على طرابلس، وفق اتفاق مع أكبر قوة مسلحة في البلدة كانت تابعة لحكومة «الوفاق»، إذ وافقت هذه القوة على دخول قوات «الجيش الوطني» سلمياً، مقابل الانضمام إليها وعدم ملاحقة عناصرها، وهو ما حصل.
ويلي غريان في الأهمية مدينة ترهونة، ثاني أكبر المدن الليبية التي تقاتل مع قوات «الجيش الوطني»، فضلاً عن انضواء اللواء السابع مشاة في ترهونة، المعروف بـ«كانيات»، في الحرب تحت قيادة المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي.
وتبعد ترهونة عن العاصمة نحو 88 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي، وتبدأ حدودها الجغرافية من منطقة وادي فم ملغة غرباً إلى بركات أوعيني، الواقعتين جغرافياً غرب مسلاتة التي تحد ترهونة شرقاً، ثم من سوق الجمعة شمالاً إلى وادي أوكرة المزاوغة والمرغنة، الذي يحد بني وليد.
وقبل بدء المعركة العسكرية على طرابلس، كان «اللواء السابع» يدين بالولاء للمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج. لكنه رأى مع بداية الحرب الفرصة سانحة للقضاء على الميلشيات المسلحة، التي سبق أن اشتبك معها طويلاً، وتأتي أهمية «اللواء السابع» بفضل ما يملكه من عتاد وتسليح كبير، مكنه من الصمود أمام الميلشيات الرئيسية في العاصمة لأسابيع.
وفي أحد المؤتمرات الصحافية للواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، قال إن «هناك معلومات تفيد بأن هناك عملاً عسكرياً ضد مدينة ترهونة قريباً من قبل قوات الوفاق. لكن أهالي ترهونة سيدافعون عنها».
ومنذ اندلاع معركة طرابلس، لفت صالح الفاندي، رئيس المجلس الاجتماعي لترهونة، إلى وقوف أهالي المدينة مع القوات المسلحة العربية، و«للقتال والموت في سبيل الوطن»، مشيراً إلى أن قوات الجيش التي تتمركز في مواقع عدة، مثل ترهونة وصبراتة «ليست قادمة للنهب ولا للسرقة، ولكن لتحرير البلاد من الميلشيات».
ويتبقى أمام أي من القوتين المتنازعتين إحكام السيطرة على بلدتي الأصابعة ومزدة، علماً بأن الأولى تبعد 25 كيلومتراً جنوب غربي غريان، وتقع في جبل نفوسة الغربي، وتبعد عن طرابلس نحو 120 كيلومتراً. لكن سعد الشرتاع، عميد بلدية الأصابعة، قال إنه لا توجد قوة رئيسة تابعة لـ«الجيش الوطني» في الأصابعة.
وأضاف الشرتاع، في تصريحات محلية، أن أغلب مسلحي قوات الجيش انسحبوا باتجاه جنوب غريان، ومنطقة العربان، لافتاً إلى أن مسلحي قوات «الجيش الوطني» سيواجهون صعوبة في حالة البقاء داخل الأصابعة «لأنها منطقة مفتوحة».
ويسيطر «الجيش الوطني» على مناطق عدة بالمحيط الجنوبي لطرابلس، لكن تظل هناك أهداف استراتيجية، لكونها تمثل نقاط ارتكاز مهمة للقوات، من بينها مزدة وسوق الخميس جنوب طرابلس، بالإضافة إلى منطقة الساعدية والزهراء غرب العاصمة.
ويرى متابعون ليبيون أنه إذا كان «الجيش الوطني» فقد بعض خطوط الإمداد بخروجه من غريان، التي كان يعول عليها في دخول العاصمة، فإن أمامه خط إمداد رئيسياً يربط بني وليد (180 كيلومتراً جنوب غرب) بترهونة.
وتسببت المعارك منذ اندلاعها في سقوط 739 قتيلاً على الأقل، وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح، فيما وصل عدد النازحين إلى 94 ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.