الفستق... رحلة طويلة من أميركا اللاتينية إلى غرب أفريقيا والعالم

يُعتمد عليه كثيراً في الحميات الغذائية

الفستق... رحلة طويلة من أميركا اللاتينية إلى غرب أفريقيا والعالم
TT

الفستق... رحلة طويلة من أميركا اللاتينية إلى غرب أفريقيا والعالم

الفستق... رحلة طويلة من أميركا اللاتينية إلى غرب أفريقيا والعالم

يعرف الناس الفستق على أنه نوع من أنواع المكسرات إلى جانب البندق والكاجو واللوز والجوز وغيرها، إذ درج الناس في العالم العربي على تناوله محمصاً ومملحاً قبل استخداماته المطبخية والطبية الكثيرة ويوصى بأكله بكميات محدودة خلال اتباع الحميات الغذائية.
ولطالما كان الأطفال والشباب يتوقون إلى شرائه والاستمتاع به محمصاً وساخناً من براميل أو بسطات البائعين السودانيين والأفارقة الصغيرة على مفارق الطرق الشعبية المهمة والأسواق وأبواب صالات السينما والحدائق العامة أكان ذلك في عمان الأردنية أو شارع الرشيد البغدادي أو شارع الحمراء وكورنيش المنارة البيروتيين.
يطلق على الفستق أسماء كثيرة أشهرها: الفول السوداني، أو اللوز، أو لوز الحجة في بعض الدول الخليجية، لكن أشهر أسمائه هو «فستق العبيد» ويعود ذلك إلى ارتباط تاريخه بتاريخ العبيد في أثناء نقل نبتته من أميركا اللاتينية إلى أفريقيا.
على أي حال، الفستق أو الفول السوداني هو من النباتات الحَوْلية، ومن فصيلة البقوليات، ومن جنس الأراكيس، واسمه العلمي «أراكيس هيبوغايا» أو «الأراكيس الأرضي - Arachis hypogaea» وموطنه الأصلي المناطق الاستوائية من أميركا الجنوبية.
تنقسم الأصناف الحديثة من الأراكيس الأرضي إلى مجموعتين: «إما المنبطح وإما المنتصب، وهذا يتوقف على كيفية نمو النبات. تفضل العمليات التجارية إقامة أو تجميع الأصناف التي يمكن حصادها بواسطة الماكينة على نطاق صناعي، في حين أن الأصناف المنبطحة يتم حصادها يدوياً».
وتشير المعلومات المتوفرة عن تاريخه إلى أن البرتغاليين والإسبان أسهموا بانتشاره حول العالم، وأن البرتغاليين أنفسهم نقلوه من أميركا اللاتينية أو الجنوبية إلى غرب أفريقيا والسودان في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، ومن أفريقيا إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، «وانتشرت زراعته شرقاً فأصبح من المحاصيل المهمة في الصين والهند. ولم يدخل مصر إلا في أوائل القرن التاسع عشر من السودان»، حيث بدأ تعريفه بالفول السوداني، حسبما تؤكد الموسوعة الحرة. وقد زُرع واستُحصل بكثرة في سوريا منذ عشرينات القرن الماضي خصوصاً في مناطق حماة وحلب وحمص وبانياس وطرطوس وجبلة وحمص.
يقول البعض إن نبتة الفستق من النبتات الأليفة التي تُزرع بكثرة في الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل، وإن هذه الدول هي موطنه الأصلي، والبعض يركز على الأرجنتين والبعض الآخر يركز على البرازيل. إلا أنه من المؤكد أنه كان يُزرع منذ أكثر 3500 عام وأن العلماء عثروا على آثاره وحبوبه المتحجرة بين آثار شعوب الإنكا في بيرو.
وحسب إحصاءات عام 2016 فإن العالم ينتج ما لا يقل عن 45 مليون طن من الفستق في السنة وتأتي على رأس لائحة الدول المنتجة له وعلى نطاق تجاري واسع، الصين التي تنتج 38% من تلك الكمية، أي نحو 17 مليون طن، وتليها الهند بنسبة 16%، أي 7 ملايين طن تقريباً، ثم نيجيريا في أفريقيا بـ3 ملايين طن، والولايات المتحدة بـ2.6 مليون طن (ولايات: جورجيا - تكساس - ألباما)، والسودان بمليوني طن تقريباً. وتُعرف دول كثيرة أخرى بزراعته وإنتاجه على نطاق واسع منها البرازيل والأرجنتين والسنغال وجنوب أفريقيا ومالاوي وغيرها.
يُستخدم الفستق -كما سبق وذكرنا- كنوع من أنواع المكسرات أو المازات محمصاً ومملحاً كما هو الحال في تركيا وإيران والدول العربية واليونان وحول العالم هذه الأيام. كما يستخدم الفستق ويؤكل مسلوقاً بالماء المالح في دول غرب أفريقيا والصين، ويباع كما يباع الفستق المحمص على جانب الطرقات في الولايات الجنوبية في أميركا. كما يستخدم الناس في بعض الدول طحين الفستق، وهو نوعان: أبيض وأسمر. ويستخدم الطباخون هذا الطحين لتثخين أو تسميك الصلصات وشتى أنواع الشوربات لطعم الطيب.
كما تُنتَج من الفستق الزبدة أو ما تعرف بـ«زبدة الفستق - Peanut butter»، وهي من المنتجات التجارية المعروفة والمرغوبة في الدول الغربية خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا وبعض دول رابطة الكومونولث.
وعادةً ما يدهن الناس هذه الزبدة التي يدخل في عمليات تحضيرها الملح والمحليات والمستحلبات، على خبز التوست المحمص أو البسكوت. وتشر المعلومات المتوفرة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تستهلك ما قيمته مليار دولار تقريباً من هذه الزبدة في السنة.
والأهم من هذا كله زيت الفستق، وهو من أنواع الزيت الطيبة والممتازة والتي يفضلها الطباخون لإنتاج المايونيز وبعض الأطباق المهمة لنكهته الخفيفة. وهو أيضاً من أنواع الزيوت الصحية والمضادة للأكسدة. وهناك بالطبع أنواع عدة من هذا الزيت: زيت الفستق المحمص العطري - زيت الفستق المكرر - زيت الفستق البكر - مستخلص زيت الفستق. ويتوفر هذا النوع من الزيوت حالياً في الكثير من المحلات التجارية الكبرى في بريطانيا.
وبعد استخراج الزيت من نبتة الفستق يستخدم ما تبقى من النبتة كعلف للحيوانات خصوصاً الأبقار، وكسماد لتحسين التربة لما يحتويه من كمية مهمة من البروتين. وعلف الفستق من أهم أنواع العلف على الإطلاق. ويدخل الفستق في الكثير من الدول ومنها الدول العربية في صناعة شتى أنواع الحلويات مثل أصابع الفستقية التي تُحضر مع القطر وتؤكل باردة. وفي أوساط اليهود يُعرف بالـ«كابوكيم» أو الفستق المطلي بطبقة مقددة أو مقرمشة. ويكثر استخدامه كحلوى في الهند أيضاً مع السكر خصوصاً سكر التمر.
وعلى الصعيد الصناعي هناك استخدامات كثيرة جداً للفستق ولا تخطر على بال، حيث يدخل في عمليات تصنيع الطلاء، والفرنيش، وبعض ألياف النسيج، ومستحضرات التجميل، والصمغ، ومادة السليلوز التي تُستخدم في صنع الورق، وورق الحائط، والمواد الكاشطة، والصابون، وزيت التشحيم، والضمادات الجلدية، والبلاستيك، ومواد تلميع الأثاث، والمبيدات الحشرية، ومادة النتروجليسرين التي تدخل في تصنيع الديناميت، وأدوية علاج القلب.
على أي حال فإن الفستق ومشتقاته من المواد المهمة التي يستخدمها الكثير من مطابخ العالم خصوصاً المطابخ الهندية والأميركية ومطابخ جنوب شرقي آسيا مثل دول: إندونيسيا وماليزيا والفلبين وفيتنام، ودول أميركا اللاتينية والمكسيك ودول غرب آسيا والدول الأوروبية خصوصاً إسبانيا.



الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
TT

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»، فيروّج لها أصحاب المحلات الذين يبيعونها، كما اختصاصيو التغذية ومستهلكوها في آن. ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن طعمها ومذاقها، ويضعون هذه المكونات على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تسهم في التخفيف من الوزن. وضمن فيديوهات قصيرة تنتشر هنا وهناك يتابعها المشاهدون بشهية مفتوحة. فالمروجون لهذه الفواكه والخضراوات يفتحون العلب أو الأكياس التي تحفظ فيها، يختارون عدة أصناف من الفاكهة أو الخضراوات ويأخذون في تذوقها. يسيل لعاب مشاهدها وهو يسمع صوت قرمشتها، مما يدفعه للاتصال بأصحاب هذه المحلات للحصول عليها «أونلاين». ومرات لا يتوانى المستهلكون عن التوجه إلى محمصة أو محل تجاري يبيع هذه المنتجات. فبذلك يستطلعون أصنافاً منها، سيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات لا يبخلون على زوارهم بتذوقها.

خضار مقرمشة متنوعة (الشرق الاوسط)

تختلف أنواع هذه المنتجات ما بين مقلية ومشوية ومفرّزة. وعادة ما تفضّل الغالبية شراء المشوية أو المفرّزة. فكما المانجو والفراولة والتفاح والمشمش والموز نجد أيضاً الـ«بابايا» والكيوي والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها.

ومن ناحية الخضراوات، تحضر بغالبيتها من خيار وكوسة وبندورة وأفوكادو وفول أخضر وجزر وبامية وفطر وغيرها.

وينقسم الناس بين مؤيد وممانع لهذه الظاهرة. ويعدّها بعضهم موجة مؤقتة لا بد أن تنتهي سريعاً، فتناول الأطعمة الطازجة يبقى الأفضل. فيما ترى شريحة أخرى أن هذه المكونات المجففة والمقرمشة، يسهل حملها معنا أينما كنا. كما أن عمرها الاستهلاكي طويل الأمد عكس الطازجة، التي نضطر إلى التخلص منها بعد وقت قليل من شرائها لأنها تصاب بالعفن أو الذبول.

ولكن السؤال الذي يطرح حول هذا الموضوع، هو مدى سلامة هذه المنتجات على الصحة العامة. وهل ينصح اختصاصيو التغذية بتناولها؟

تردّ الاختصاصية الغذائية عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفواكه والخضراوات المقرمشة تعدّ من المكونات التي ينصح بتناولها. ولكن شرط ألا تكون مقلية. فالمفّرزة أو المجففة منها هي الأفضل، وكذلك المشوية. هذه المكونات تحافظ على المعادن والفيتامينات المفيدة للصحة. والبعض يأكلها كـ(سناك) كي يشعر بالشبع. ولذلك ينصح بتناولها لمن يقومون بحمية غذائية. فسعراتها الحرارية قليلة فيما لو لم تتم إضافة السكر والملح إليها».

يتم عرض هذه المكونات في محلات بيع المكسرات. والإعلانات التي تروّج لها تظهرها طازجة ولذيذة ومحافظة على لونها. بعض المحلات تتضمن إعلاناتها التجارية التوصيل المجاني إلى أي عنوان. وأحياناً يتم خلطها مع مكسّرات نيئة مثل اللوز والكاجو والبندق. وبذلك تكون الوجبة الغذائية التي يتناولها الشخص غنية بمعادن وفيتامينات عدّة.

فواكه وخضار طازجة (الشرق الاوسط)

وتوضح عبير أبو رجيلي: «كوب واحد من الخضراوات المجففة والمقرمشة يحتوي على ألياف تسهم في عدم تلف خلايا الجسم. وبحسب دراسات أجريت في هذا الخصوص فإنها تسهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين».

يحبّذ خبراء التغذية تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لأن فوائدها تكون كاملة في محتواها. ولكن تقول عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تناولنا خضراوات وفواكه طازجة ينعكس إيجاباً على صحتنا، ولكن المجففة تملك نفس الخصائص ولو خسرت نسبة قليلة من الفيتامينات».

تقسّم عبير أبو رجيلي هذه المكونات إلى نوعين: الفواكه والخضراوات. وتشير إلى أن الأخيرة هي المفضّل تناولها. «نقول ذلك لأنها تتمتع بنفس القيمة الغذائية الأصلية. بعضهم يقدمها كضيافة وبعضهم الآخر يحملها معه إلى مكتبه. فهي خفيفة الوزن وتكافح الجوع بأقل تكلفة سلبية على صحتنا».

وبالنسبة للفواكه المجففة تقول: «هناك النوع الذي نعرفه منذ زمن ألا وهو الطري والليّن. طعمه لذيذ ولكن يجب التنبّه لعدم الإكثار من تناوله، لأنه يزيد من نسبة السكر في الدم. أما الرقائق المجففة والمقرمشة منه، فننصح بتناولها لمن يعانون من حالات الإمساك. وهذه المكونات كما أصنافها الأخرى تكون مفرّغة من المياه ويتم تجفيفها بواسطة أشعة الشمس أو بالهواء».

بعض هذه المكونات، والمستوردة بكميات كبيرة من الصين يتم تجفيفها في ماكينات كهربائية. فتنتج أضعاف الكميات التي تجفف في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس. وهو ما يفسّر أسعارها المقبولة والمتاحة للجميع.

في الماضي كان أجدادنا يقومون بتجفيف أنواع خضراوات عدّة كي يخزنونها كمونة لفصل الشتاء. فمن منّا لا يتذكر الخيطان والحبال الطويلة من أوراق الملوخية وحبات البندورة والبامية المعلّقة تحت أشعة الشمس ليتم تجفيفها والاحتفاظ بها؟

وتنصح عبير أبو رجيلي بالاعتدال في تناول هذه الأصناف من فاكهة وخضراوات مجففة. «إنها كأي مكوّن آخر، يمكن أن ينعكس سلباً على صحتنا عامة».