5 خلافات في «قمة العشرين»... وجهود لـ«تسويات» في البيان الختامي

تتعلق بالتغيّر المناخي وإصلاح منظمة التجارة والتعددية والحمائية وحرية الوصول إلى المعلومات

الرئيس بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال لقاء على هامش قمة العشرين في أوساكا أمس (إ.ب.أ)
الرئيس بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال لقاء على هامش قمة العشرين في أوساكا أمس (إ.ب.أ)
TT

5 خلافات في «قمة العشرين»... وجهود لـ«تسويات» في البيان الختامي

الرئيس بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال لقاء على هامش قمة العشرين في أوساكا أمس (إ.ب.أ)
الرئيس بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال لقاء على هامش قمة العشرين في أوساكا أمس (إ.ب.أ)

برزت 5 خلافات بين القادة المشاركين في «قمة العشرين» في أوساكا، خلال جلسات عمل نظمها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في اليوم الأول للقمة التي تنتهي اليوم السبت.
وتركزت الخلافات حول ملفات التغيير المناخي، وإصلاح منظمة التجارة العالمية، والحمائية مقابل التعددية، وقواعد التدفق الحر للمعطيات والمعلومات، وشكل التحرك السياسي، لكن القادة الذين تحدثوا في جلسات العمل في أوساكا عبّروا عن مواقفهم، من دون ذكر اسم الدولة أو الزعيم مصدر الانتقاد، في وقت واصل كبار الموظفين والدبلوماسيين العمل الشاق للوصول إلى بيان مشترك يردم الفجوة بين المواقف المتباعدة.

- خلافات عميقة
يتعلق الخلاف الأول بـ«الحمائية» التي تفرضها إدارة الرئيس دونالد ترمب، مقابل «التعددية» التي تقترحها حكومة الرئيس الصيني شي جينبينغ. ويلتقي ترمب وشي اليوم لبحث مصير الاقتصاد العالمي على وقع الحرب التجارية بين بلديهما. وتهدد واشنطن بفرض رسوم جمركية على كل السلع الصينية التي تستوردها الولايات المتحدة، وهو ما سيشكل نقطة اللاعودة في نزاع تجاري وتكنولوجي بين العملاقين. وأعلن مسؤول صيني أن «الأحادية والحمائية والمضايقات تتزايد ما يشكل تهديداً خطيراً».
ويخص الخلاف الثاني موضوع التغير المناخي. وترفض إدارة ترمب أي حديث عن الاتفاق المناخي الموقّع في باريس عام 2015، كما يرفض قادة آخرون على غرار الرئيس البرازيلي جائير بولسونارو، أي انتقاد غربي لسياساتهم البيئية، فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن «من الواضح أنه سيكون من الصعب تحقيق اختراق». لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي استضافت بلاده توقيع اتفاق المناخ في باريس، قبل أربع سنوات، يعتقد أن ملف المناخ هو «الأكثر صعوبة» في القمة. وقالت مصادر فرنسية إن الأميركيين يعتمدون موقفاً «بالغ التشدد»، ويسعون إلى «استقطاب دول أخرى» و«تخفيف لهجة البيان» الختامي للقمة الذي سيصدر اليوم، معربين عن خشيتهم من أن تتمكن واشنطن من استمالة البرازيل وتركيا ودول أخرى. وبرز الخلاف الثالث بين قادة دول وحكومات حول شكل التحرّك السياسي في عصر العولمة. وإذ انتقد الرئيس فلاديمير بوتين، في مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز»، الأفكار التقدمية «الليبرالية» للديمقراطيات الغربية. وقال إن التقدميين «لا يمكنهم إملاء ما يريدون على غرار ما فعلوا في العقود الأخيرة»، مشيداً بتشدد ترمب في ملف الهجرة غير النظامية. وقال بوتين إن «هذا الفكر التقدّمي عفا عليه الزمن». ورد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، في أوساكا، بالقول «ما اعتبر أنه عفا عليه الزمن هو التسلط وعبادة الشخص وحكم القلة، حتى لو أن ذلك قد يبدو أحياناً مجدياً».
كما برز خلاف رابع يتعلق بالتدفق الحر للمعطيات، حيث أشار قادة إلى ضرورة «احترام حرية التعبير وحقوق الإنسان». وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر وجنوب أفريقيا وإندونيسيا رفضت الموافقة على مبادرة يابانية في هذا الإطار باسم «مسار أوساكا». وعُقدت اجتماعات أمس للتوصل إلى توافق بين المشاركين حول هذه القضية.
أما الخلاف الخامس فيتعلق بإصلاح منظمة التجارة العالمية، إذ إن واشنطن ترفض تعيين قضاة لحل النزاعات في المنظمة، في وقت تدفع دول أخرى إلى «تسريع إصلاح المنظمة». وتدعم اليابان ذلك، لكنها تسعى للوصول إلى حل وسط لتمرير بيان ختامي.
كانت هذه الخلافات الخمسة بين سطور الخطابات التي ألقاها القادة في جلسات العمل أمس وخطابات التعليق من القادة المشاركين، لكن مع حرص كل زعيم على استعمال لغة دبلوماسية.

- جلسات عمل
وقال مسؤول ياباني، في إيجاز شاركت فيه «الشرق الأوسط»، أمس، إن جلسة عمل عُقدت خلال غداء عمل وتناولت الاقتصاد العالمي والاستثمار، حيث تحدث 6 زعماء. وقال إن المتحدثين «حللوا وضع الاقتصاد العالمي بما ذلك آثار التطورات التجارية الراهنة على النمو الاقتصادي». ولاحظ أن مشاركين في الجلسة تحدثوا عن «مخاطر» تتعلق بالاقتصاد العالمي. لكنه أشار إلى أن «كل المتحدثين أشاروا إلى الحاجة لتقوية نظام عادل وحر للتجارة. قضية التجارة يجب أن تحل بطريقة تنسجم مع القواعد»، مضيفاً أن المتحدثين «أكدوا على إصلاح منظمة التجارة العالمية. حقيقة أن المنظمة لا تقوم بدورها قضية مهمة، وهناك أمل بإجراء حوار لإصلاح المنظمة».
وبعد تحدث ممثلين عن 16 دولة ومنظمة خلال اليوم الأول من القمة، برز، حسب مصدر مشارك، أنه «لا تزال هناك مخاطر على الاقتصاد العالمي. لدينا فهم أن مجموعة العشرين قد تقود النمو في الاقتصاد العالمي، وأتوقع أن فهم الوضع سيساهم في حل التوتر حول التجارة. بالنسبة إلى الضرائب المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، نريد التزاماً من الدول للوصول إلـى اتفاق في 2020».
كانت جلسة الاستثمار عقدت بعد جلسة عن «مسار أوساكا»، وقبل جلسة ثالثة عن «الاختراع» المتعلق بـ«الذكاء الصناعي والتطورات لجلب تغييرات في المجتمع والاقتصاد». وحض آبي، في هذا الإطار، على «تبني رؤية تقود مجتمعاً يركز على الشعب... المعطيات هي محرك النمو، ولتحقيق الاقتصاد الرقمي، وللإفادة منه لكل الناس، فمن الضروري أن تتدفق المعطيات في شكل حر. ولدعم التدفق الحر للمعطيات لا بد من تحقيق الثقة بين المستهلكين وقطاع الأعمال بالنسبة إلى الخصوصية. أريد مشاركة تدفق حر للمعطيات مع الثقة»، وهو أمر أشار إليه آبي في يناير (كانون الثاني) في دافوس.
وبعد 6 خطابات من المتحدثين في هذه الجلسة، تناولت «الاختراع للنمو الاقتصادي وحل النزاعات وقواعد دولية في الاقتصاد الرقمي»، قال مصدر إن «الكثير من المتحدثين دعموا مبادئ التدفق الحر للمعطيات مع الثقة». وأشار إلى خطورة «الاستخدام السيئ» للإنترنت في مجال الترويج للإرهاب، في وقت تطرح القيود على الإنترنت أسئلة بالنسبة إلى حرية التعبير، و«لذلك لا بد من اللجوء إلى اعتبارات عادلة» توازن بين حرية الإنترنت ومنع استخدامها في شكل مسيء.
من جهته، قال ناطق باسم القمة إن النقاش بين القادة خلال جلسات العمل تناول قضايا التجارة، مشيراً إلى أن بعض القادة عبّر عن القلق إزاء التوتر الراهن المتعلق بالتجارة، فيما أشار بعضهم الآخر إلى ممارسات غير عادلة، وإلى أهمية مقاومة الحمائية. وتابع أن «الكثير من القادة أكدوا أهمية إصلاح منظمة التجارة العالمية، وحل النزاعات والحاجة للشفافية وقواعد القانون». وزاد: «هناك شعور بضرورة استعجال إصلاح منظمة التجارة العالمية، وأن نظاماً قائماً على التعددية يواجه تحديات».


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.