اختتمت قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، الأحد، وسط غياب الولايات المتحدة، التي ستتولى رئاسة المجموعة بعد جوهانسبرغ، بعد أن قاطعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يومي المباحثات اللذين شارك فيهما قادة الاقتصادات الأغنى والأكبر نمواً في العالم.
وعدّ سيريل رامافوزا، رئيس جنوب أفريقيا، إعلان القادة الصادر عن قمة مجموعة العشرين تأكيداً على «الالتزام المتجدّد بالتعاون متعدد الأطراف». وضغط الرئيس الذي استضاف أول قمّة للعشرين في القارة الأفريقية، من أجل إصدار الإعلان المشترك الذي تناول قضايا عالمية ملحّة، مثل أزمة المناخ، رغم اعتراضات واشنطن. وقال رامافوزا في كلمة في ختام الاجتماعات، إن الإعلان، الذي صدر في أول أيام القمة على غير العادة، أظهر أن «الأهداف المشتركة لزعماء العالم تتجاوز خلافاتنا». بدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن «الاجتماع لأول مرة في القارة الأفريقية حدث بالغ الأهمية»، لكنه أضاف أن التكتل «يكافح للاتفاق على معيار مشترك بشأن الأزمات الجيوسياسية».
President Ramaphosa successfully concludes the #G20 Summit, highlighting South Africa's commitment to inclusive global growth, sustainable development, and amplifying the voice of the Global South. A productive summit delivering real progress! #SouthAfricaG20... pic.twitter.com/n1SWwRnTKk
— G20 South Africa (@g20org) November 23, 2025
وبينما قاطعت الولايات المتحدة أعمال القمة، وعارضت الأرجنتين الإعلان الختامي، حظي البيان بدعم الصين وروسيا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة واليابان وكندا. ودعا الإعلان إلى مزيد من الاهتمام الدولي بالقضايا التي تمس الدول الفقيرة، مثل الحاجة إلى دعم مالي لجهود التعافي من الكوارث المناخية، وتخفيف أعباء الديون، ودعم انتقالها نحو مصادر الطاقة الخضراء. وقال رامافوزا إن بلاده «استخدمت رئاستها لوضع أولويات أفريقيا والجنوب العالمي في قلب أجندة مجموعة العشرين».
تأثير محدود؟
روّجت جنوب أفريقيا لإعلان مجموعة العشرين باعتباره انتصاراً للقمة وللتعاون الدولي في مواجهة السياسات الحمائية، إلا أن إعلانات مجموعة العشرين ليست ملزمة، وغالباً ما يُشكك في أثرها طويل المدى.
Félicitations à mon cher ami @CyrilRamaphosa ainsi qu’à ses équipes pour ce Sommet du G20, le premier sur le continent africain. Main dans la main dans la perspective du G7 France ! pic.twitter.com/4vsaJSmvge
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) November 23, 2025
وتأسّست مجموعة العشرين عام 1999 رداً على الأزمة المالية الآسيوية، وتضم 19 اقتصاداً غنياً وناشئاً، إضافة إلى الاتحادين الأوروبي والأفريقي. لكن فاعليتها في التعامل مع الأزمات العالمية البارزة، مثل حرب روسيا وأوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط، باتت موضع تساؤل.
واحتوى إعلان جوهانسبرغ، المؤلف من 122 نقطة، على إشارة واحدة فقط إلى أوكرانيا، جاءت في سياق الدعوة العامة لإنهاء الصراعات العالمية. ويبدو أن القمة لم تُحدث فرقاً في الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات، رغم جلوس قادة ووفود رفيعة المستوى من مختلف الدول الأوروبية وروسيا في القاعة نفسها.
تعثّر مراسم التسليم
جرت العادة أن تُسلَّم رئاسة مجموعة العشرين في مراسم بروتوكولية عقب اختتام أعمال القمّة، غير أنّ ذلك تعذّر هذه المرة في ظل غياب أي ممثّل لواشنطن. فبعد أن أعلن الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا انتهاء القمة عبر الطرق بالمطرقة الخشبية المتعارف عليها، كان من المفترض أن يسلّمها لقائد الدولة التي ستتولى الرئاسة الدورية المقبلة. إلا أنّ أي مسؤول أميركي لم يكن حاضراً لتسلّمها.
G20 Leaders’ Summit: Closing Session #G20SouthAfrica https://t.co/X422SQrHcQ
— Cyril Ramaphosa (@CyrilRamaphosa) November 23, 2025
وقال رامافوزا في كلمته الختامية: «إن مطرقة هذه القمة من مجموعة العشرين تُعلن رسمياً اختتامها وتنتقل الآن إلى الرئيس المقبل للمجموعة، وهي الولايات المتحدة، حيث سنلتقي مجدداً العام المقبل»، من دون أن يتطرّق إلى الغياب الأميركي.
وجاءت مقاطعة واشنطن للقمة على خلفية مزاعم للرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن جنوب أفريقيا تمارس «اضطهاداً عنيفاً» بحق الأقلية البيضاء من الأفريكانز، وهي اتهامات تنفيها حكومة رامافوزا. ووفق وكالة «أسوشييتد برس»، قال البيت الأبيض إنه قرر في اللحظات الأخيرة إرسال موظف من سفارة الولايات المتحدة في بريتوريا لحضور مراسم تسليم الرئاسة، لكن جنوب أفريقيا رفضت ذلك، معتبرة أنه «إهانة» أن يسلّم الرئيس الجنوب أفريقي المطرقة لمسؤول صغير من طاقم السفارة. ونتيجة لذلك، لم يُعتمد أي وفد أميركي للمشاركة في القمة، حسب وزارة الخارجية الجنوب أفريقية.
وأعلنت جنوب أفريقيا أن مراسم التسليم ستجري لاحقاً، ربما في مقر وزارة الخارجية. وكان ترمب قد أعلن أن الولايات المتحدة ستستضيف قمة العام المقبل في ناديه للغولف في ولاية فلوريدا.
لحظة رمزية
رغم الخلافات التي شابت القمّة، فإن كثيراً من المشاركين اعتبروها لحظة رمزية مهمة لمجموعة العشرين.

وقال ماكس لوسون، من منظمة «أوكسفام» الدولية المعنية بمكافحة الفقر: «هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تُوضع فيها حالة الطوارئ المرتبطة بعدم المساواة في قلب جدول أعمال اجتماع قادة العالم»، كما نقلت وكالة «أسوشييتد برس»، فيما قالت رئيسة ناميبيا نيتومبو ناندي-نديتواه، التي دُعيت بلادها ذات الثلاثة ملايين نسمة مع أكثر من 20 دولة صغيرة أخرى لحضور القمة: «لا يمكن المبالغة في أهمية تناول الأولويات التنموية من منظور أفريقي».









