شاب فلسطيني يُطرب الناس بالشغف ولغة الإشارة

يستعد إبراهيم رباح للمشاركة في فعاليات دولية

إبراهيم في حفل تخرجه من الجامعة
إبراهيم في حفل تخرجه من الجامعة
TT

شاب فلسطيني يُطرب الناس بالشغف ولغة الإشارة

إبراهيم في حفل تخرجه من الجامعة
إبراهيم في حفل تخرجه من الجامعة

بينما ينتظر الجمهور بشغفٍ «مفاجأة الحفل» التي أكّد العريف على تميزها أكثر من مرّة خلال حديثه، كان الشابّ الأصمّ إبراهيم رباح (28 عاماً) خلف الستار يتجهزُ بكلّ ثقة لعرضه الأول. تساؤلات كثيرة جالت في خاطره «كيف ستكون ردّة الفعل؟ هل سأنجح بأن أكون أول شخصٍ في فلسطين يؤدي الأغاني بلغة الإشارة، هل سيفهم الناس رسالتي؟».
ساعاتٌ طويلة من القلق عاشها الشاب الذي عانى منذ ولادته من مشكلات في النطق والسمع سببت له عجزاً بنسبة 85 في المائة تقريباً في كلتا الحاستين، قبل بدء الحفل الذي أقامته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في 15 أبريل (نيسان) الماضي، احتفاءً بتخريج فوجٍ جديد من الطلبة الصمّ. تملّكته خلالها رهبة شديدة، ما لبثت أن زالت آثارها كاملة، بعدما لمس الرضى والفرح في عيون المشاهدين الذين تابعوا باستمتاعٍ أسلوبه الجديد في أداء الأغنية الشهيرة «وحياة قلبي وأفراحه» التي غناها المطرب الراحل عبد الحليم حافظ عام 1962.
تقول فاطمة قاسم وهي والدة الشاب إبراهيم في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «منذ الطفولة وإبراهيم يعشق الفن، ويحرص على متابعة الأعمال الجديدة، يحفظ أسماء الفنانين والمنتجين والممثلين والمصورين والمخرجين»، مضيفة «كنا نشاهده كثيراً وهو يحاول تقليد بعض المشاهد ويجاري الأغاني المشهورة، الأمر الذي دفعنا للاهتمام به أكثر ومساعدته ليكون أقرب للمجال الذي يحبه».
درس إبراهيم الذي يعيش في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة المراحل الدنيا والإعدادية في المدارس التابعة للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وظلّ فيها حتّى تخرج من المرحلة الثانوية، تكمل والدته «تعاني فلسطين منذ أن تأسست السلطة الفلسطينية عام 1993. من ضعف كبير في البنية التحتية، مما أثر على شكل المؤسسات التعليمية الحكومية التي ظلّت حتّى وقتٍ قريب غير موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة».
بعد ذلك قررت عائلته إلحاقه بالجامعة ليدرس تخصص الإعلام الذي كان يحلم به منذ الطفولة، لكنّ إجراءات الاحتلال التي تقيّد التنقل بين محافظات الضفة حالت دون ذلك، فالتحق عام 2014. بتخصص تنمية المجتمع المحلي في جامعة القدس المفتوحة التي تضم برنامجاً خاصاً لفئة الصم. رفض إبراهيم حينذاك الانخراط في البرنامج الخاص وأصرّ على الدراسة مع الطلبة العاديين. كان له ما طلب وساعده مترجمُ لغة إشارة وفرته جمعية الهلال الأحمر، وتخرج عام 2018، بتقدير جيد جداً.
تردف الأم فاطمة «عام 2010 شارك إبراهيم في تمثيل أدوار عدد من الشخصيات في «مسرحية كوابيس» التي عرضت على أحد المسارح المحلية وكان أداؤه فيها مشجعاً جداً ولاقى قبولاً عالياً»، موضحة أنّه تنقّل بين أنواع متعددة من الفنون التقليدية التي حاول من خلالها أن يصنع لنفسه ولمن حوله جواً خاصاً من الفرح، إلى أن استقر به الحال إلى اختيار مجالٍ يميزه عن كثيرين، وكان هو تقديم الأغاني العربية والأجنبية بلغة الإشارة الخاصّة بالصم والبكم.
وعن منبع فكرة ترجمة الأغاني للغة الإشارة، تشير الوالدة إلى أنّ سؤال إبراهيم المتكرر لها عن سبب عدم وجود أغانٍ مترجمة للصم، دفعها لتحفيزه على أن يكون بذرة الانطلاق فلسطينياً بهذا المجال فقالت له: «هذه الفئة هي الأقرب لك، وأنت الأولى بأن تحقق ذلك الأمر، لتستفيد أنت وكلّ الأشخاص الذين يعانون من مشكلات السمع والنطق، وتصبح صاحب بصمة مؤثرة وأنت في الأصل تحب الفن، لم لا تكون فناناً مختلفاً!».
«ابني لم ينجح فقط في هذا المجال، بل أبدع إلى حدٍ يمكن وصفه بالمبهر».
تتابع، مبيّنة أنّه منذ البداية اختار أن يترجم الأغاني التي تحمل قيماً فنية وجمالية قريبة لقلبه مثل «صافيني مرّة» لعبد الحليم، و«أيوا هاغني» لمحمد عساف، وأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم.
تسجيل الأغنية الواحدة، يحتاج من الشاب وقتاً وجهداً كبيرين، فما بين الاستماع الجيد للأغنية وتحديد الحركات المناسبة التي يُناغم بينها وبين الإشارات للإحياء بالكلمات، ثم تنسيقها مع اللحن والموسيقى، تتوزع مراحل التدريب، الذي يعمل إبراهيم خلاله على إخبار جمهوره على مواقع التواصل بعزمه على تسجيل أغنية ما وتصويرها عن طريق تغيير صورته الشخصية على الفيسبوك، واستبدالها بصورة الفنان صاحب الأغنية.
وتذكر أنّه أصبح مع الوقت، متشجعاً لمشاركة أعماله مع أصدقائه على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء صفحات على موقعي «يوتيوب وفيسبوك»، وبدأ بنشر الأغاني عليها ولاقت إعجاباً كبيرا، وطلب منه المتابعون الاستمرار، منوهة إلى أنّه أضحى بعد ذلك حريصاً على تقديم أغنيات في المناسبات المختلفة، مثل عيد الفطر وشهر رمضان المبارك، حيث ينشرها على حسابه ويرفق معها تهنئة خاصّة منه لأصدقائه.
تتابع الأم حديثها «هذا الشكل من أشكال الفن، يساهم في تقريب معاني الإشارات للناس العاديين، لأنّ الجميع يحفظ الأغنيات وكلماتها»، مكملة «أنشر على حسابي الخاص فيديوهات إبراهيم، والكّل يشيد بالأمر والكثير من الأصدقاء منهم شعراء ومخرجين وفنانين أعجبوا بالأداء وقالوا إنّه يمكن أن يكون أساساً جيداً يُبنى عليه مستقبلاً».
إبراهيم لم يقف هنا. فالقبول الجميل الذي حظي به، دفعه لأداء عدد من القصائد للشاعر محمود درويش، وعلى نفس الشاكلة لفت الناس أدائه المتقن لها، رغم الصعوبة الموجودة في بعض الكلمات، إضافة لعدم وجود اللحن والتوزيع الموسيقى، اللذان يساعده في ترجمة الأغاني والتعاطي معها.
الحدث المفصلي الذي ينتظر إبراهيم على مقربة وهو يتجهز له بنفسٍ عالية. فللمرة الأولى سيقف على خشبة مسرحٍ إلى جانب الفنان الفلسطيني محمد عساف والفنان التونسي لطفي بشناق ليغني باللغة الإنجليزية في افتتاح مؤتمر دولي تنظمه جمعية الهلال الأحمر وتستضيف به شخصيات ومنظمات دولية في بداية يوليو (تموز) المقبل.
«يعاني الصّم والبكم من ضعف الاهتمام الرسمي والظلم المجتمعي، وعلى الجميع أن يكون على تواصل دائم معهم»، تستدرك الأم، منبهة إلى أنّ الأسرة هي الأساس في بناء شخصيات أفرادها الذين يعيشون ظروف الإعاقة وعليها تقع مسؤولية دمجهم في كافة الأعمال الشعبية والوطنية، وعلى صعيدها الشخصي تقول: «إبراهيم وغيره من الشباب هم جوهر الفرح في هذه الحياة، وهم سر سعادتها إذا ما كنا حريصين على معرفته».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».