مسابقة دولية لدعم الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تهدف إلى التأثير في حياة مليار شخص

TT

مسابقة دولية لدعم الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

في محاولة لتحويل الأفكار الإبداعية، التي تتضمن حلولاً لمشكلات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى واقع ملموس على الأرض يساهم في تغيير وتحسين حياة سكان هذه المنطقة، أطلقت جامعة «سينجولاريتي» للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسابقة تحت عنوان «التحدي العالمي... من فكرة في خيالك، للتأثير في حياة مليار شخص» بهدف دعم مشروعات وأفكار رواد الأعمال في المنطقة.
وتهدف المسابقة إلى مساعدة رواد الأعمال على تطوير أفكارهم وتحويلها إلى واقع يمكن من خلاله التأثير وخدمة المواطنين في مجتمعاتهم، عبر إيجاد حلول لمشكلات المنطقة في مختلف المجالات؛ التعليم والصحة والزراعة والتكنولوجيا النقدية والطاقة.
وقال المهندس حيدر غالب، سفير جامعة سينجولاريتي في مصر وصاحب فكرة تنظيم المسابقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فكرة الجائزة راودته العام الماضي بعد عودته لمصر، فتحدث مع جامعة (سينجولاريتي) ليكون ممثلاً لها في مصر، بهدف نقل ما تعلمه للآخرين، وبدأ العمل مع رواد الأعمال، فوجد أرضاً خصبة، لذلك توسعت الفكرة، لتشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واتفق مع الجامعة على تنظيم مسابقة التحدي العالمي للتأثير، للمرة الأولى في المنطقة».
وأضاف غالب أنه «أطلق المسابقة من مصر باعتبارها أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد الشركات الناشئة، وتم الإعلان عن الجائزة في ملتقى الشباب العربي الأفريقي، الذي استضافته محافظة أسوان (جنوب مصر) في مارس (آذار) الماضي، وبدأت مرحلة التنفيذ».
ووفقاً للإحصائيات الرسمية، وصل عدد الشركات الناشئة في مصر إلى 664 شركة، ومتوسط قيمة الشركة 2.6 مليون دولار، بينما بلغ حجم الاستثمار في الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 893 مليون دولار عام 2018. وفقاً لتقرير منصة «ماجنت»، المختصة ببيانات المستثمرين ورواد الأعمال والشركات، وصل معدل نمو الشركات الناشئة في مصر إلى 7 في المائة خلال عام 2018، وتمثل هذه النسبة 22 في المائة من إجمالي الاستثمارات في الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال المهندس وليد خليل، مدير مشارك بشركة «إنديور كابيتال»، الداعمة للمشروع، في تصريحات صحافية، إن «هناك كثيراً من المبادرات التي تقدمها مصر حالياً لدعم المبادرات الشبابية، وتشجيع ريادة الأعمال»، مشيراً إلى أن «هناك كثيراً من الأفكار المبدعة التي ينقصها بعض الإجراءات لوضعها على الطريق».
وأشار غالب إلى أن «المسابقة تقدم لها عدد كبير من رواد الأعمال في المنطقة، لكن المؤهلين بلغ عددهم 220 متسابقاً، 55 في المائة منهم من مصر، يليهم مشاركون من لبنان وتونس والمغرب والجزائر والإمارات والسعودية والأردن»، موضحاً أن «اللجنة القائمة على المسابقة التي انتهى التقديم لها قبل أيام قليلة، تعمل حالياً على اختيار أفضل 20 فكرة لدعوتهم إلى معسكر تدريبي في مدينة الجونة بمحافظة البحر الأحمر المصرية، نهاية الشهر الحالي».
وأوضح غالب أن «مدة المعسكر ستكون 7 أيام، على خلاف المعسكرات التي تعقد في دول العالم الأخرى، والتي لا تزيد عن يومين، وذلك لطبيعة المشاركات من المنطقة؛ حيث رأينا أن يدخل المتسابقون في دورة تدريبية لمدة 5 أيام يتعلمون فيها كل شيء عن التكنولوجيا، بعدها يوم تدريبي يتعلمون فيه كيف يعرضون أفكارهم، وفي اليوم السابع يتم اختيار الفريق أو الشخص الفائز».
وتأسست جامعة سينجولاريتي عام 2008 على يدّ راي كورزويل وبيتر ديامانديس، بتمويل من «غوغل» و«يلويت» و«اليونيسف»، ويقع مقرّها الرئيسي بوكالة NASA في Silicon Valley بولاية كاليفورنيا الأميركية، ومنذ عام 2010 نظمت الجامعة 130 مسابقة، في 47 دولة حول العالم، فاز فيها 185 متسابقاً.
وقال غالب إن «الفائز سيحصل على منحة دراسية شاملة للاشتراك في برنامج الشركات الناشئة الدولي، الذي تقدمه جامعة سينجولاريتي، وتساوي المنحة الدراسية نحو 60 ألف دولار أميركي، يعمل خلالها الفريق الفائز على تطوير فكرته لمدة 3 أشهر، وإذا رأت الجامعة أن الفكرة جادة وقادرة على التأثير فعلاً في المجتمع يتم ترشيحه لمشاركة في الجولات الخاصة بالتمويل، ومدتها 3 أشهر أخرى، للحصول على تمويل لمشروعه الذي سيعود لتنفيذه في بلده».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».