رسالة تحذير فرنسية إلى إيران بسبب خطواتها التصعيدية

مذكرة احتجاج أوروبية رسمية على تفلت طهران من التزاماتها النووية

معمل اراك الإيراني للماء الثقيل
معمل اراك الإيراني للماء الثقيل
TT

رسالة تحذير فرنسية إلى إيران بسبب خطواتها التصعيدية

معمل اراك الإيراني للماء الثقيل
معمل اراك الإيراني للماء الثقيل

قبل أسبوع، كان رئيس الجمهورية الفرنسي ووزير خارجيته يؤكدان أنه ما زال هناك «بعض الوقت» لوقف الانزلاق إلى الهاوية في الخليج. لكن الإحساس العام تبدل اليوم في العاصمة الفرنسية بسبب مخاطر التصعيد وإفلات الوضع من السيطرة، رغم تجاوز «امتحان» إسقاط طائرة الاستطلاع الأميركية المسيرة فوق مياه الخليج. والدليل على الإحساس الفرنسي بالخطر تواتر التحذيرات الصادرة عن المسؤولين الفرنسيين؛ وآخرهم أمس جان إيف لو دريان لتنبيه إيران من المنزلق الذي تسير عليه والمتمثل بالخروج التدريجي من التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
ثمة استحقاق أولي يحل غداً ويتناول تخلي طهران عن الالتزام بإبقاء مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب عند عتبة 300 كلغ. ويلي ذلك استحقاق آخر في السابع من الشهر المقبل عندما تنتهي المهلة التي حددتها طهران للبلدان «الأربعة زائد واحد»؛ (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، بالتخلي عن بندين إضافيين من الاتفاق، وهما نسبة التخصيب «3.76 في المائة وإعادة تحويل معمل آراك لإنتاج المياه الثقيلة»، في حال لم تنجح هذه البلدان في تمكين إيران من تصدير نفطها والاستفادة من الدورة المالية العالمية.
ما تراه باريس ومعها برلين ولندن أن الخطوات الإيرانية المشار إليها تُمثل، وفق ما صرح به أمس الوزير لو دريان، «رداً خاطئاً على الضغوط الأميركية». وقال لو دريان، أمام الجمعية الوطنية أمس، إن الدبلوماسية الفرنسية والألمانية والبريطانية «معبأة تماماً لإفهام إيران أنه ليس من مصلحتها تنفيذ تهديداتها» بالخروج من الاتفاق الدولي. وكرر لو دريان أن المهم هم «العمل معاً من أجل تجنب التصعيد» في الخليج. لكن لا يبدو أن طهران «تستمع» للنصائح الأوروبية التي نقلها إليها تباعاً وزير خارجية ألمانيا ثم المستشار الدبلوماسي للرئيس ماكرون، وأخيراً وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط.
وأمس، نقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن مذكرة صادرة عن الأميرال علي شمخاني، أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، جاء فيها أن «المرحلة الثانية من خطة خفض إيران لالتزاماتها (المتضمنة في الاتفاق النووي) سوف تنطلق حتماً في 7 يوليو (تموز)». وبرر شمخاني ذلك بقوله: «إيران (تعبت من عجرفة) الدول الأوروبية ومن (ضغوطها المتزايدة) والتي تريد من إيران الاستمرار في احترام تعهداتها، بينما الأطراف الأخرى»، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإلى الأوروبيين أنفسهم، «لا تحترم تعهداتها». وبذلك، تكون إيران على وشك تنفيذ التهديد الذي أطلقته في 8 مايو (أيار) الماضي عندما أعطت الأوروبيين مهلة 60 يوماً لتمكين إيران، عبر الآلية المالية المسماة «أنستكس»، من الاستمرار في عملياتها التجارية والمالية والنفطية. والحال، أن «أنستكس»، وفق جميع المتابعين ولدت «هزيلة» و«لا حضور لها». وسبق لعلي خامنئي أن وصفها بـ«الدعابة الثقيلة». وقبل شمخاني، أعلن عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية أن إيران «لن تتراجع» عن قرارها وأن «الموقعين الأوروبيين على الاتفاق يفتقرون للإرادة لإنقاذه. وقرارنا بتقليص الالتزام بالاتفاق النووي قرار وطني ولا رجعة فيه ما لم تلبَّ مطالبنا».
ويبدو أن مذكرة شمخاني جاءت رداً على مذكرة احتجاج ثلاثية أوروبية رسمية قدمت لطهران السبت الماضي، وفق ما نقلته وكالات الأنباء، وغرضها تحذير إيران من تقليص التزاماتها النووية. وتجد الدول الأوروبية الثلاث نفسها في وضع صعب، إذ إن الأمور تفلت من أيديها، فلا هي قادرة على منع واشنطن من تغليظ العقوبات على طهران ولا إقناع الأخير بالتحلي بـ«الصبر والمسؤولية» وفق نصيحة الرئيس الفرنسي الأسبوع الماضي. وتعتبر المصادر الفرنسية أن فرص نجاح الأوروبيين في «التوسط» بين الطرفين تتضاءل وتقلص هامش المناورة المتاح لهم التحرك ضمنه.
وحتى الآن، كان الأوروبيون يعتبرون، وفق مصادرهم، أنهم يمتلكون «ورقة ضغط» على طهران؛ وهي تمسكهم بالاتفاق النووي ودفاعهم عنه بوجه الأميركيين. وحساباتهم أن طهران «لن تغامر بخسارة هذا الدعم»، إذ إنها «لا تريد التحول إلى كوريا شمالية أو إلى كوبا»، وبالتالي فإن مصلحتها أن تبقى داخل الاتفاق. ويبدو أن إيران كانت مقتنعة بهذه المقاربة ما عكسته سياسة «الصبر الاستراتيجي» بوجه «الضغوط القصوى» الأميركية. لكن المصادر الأوروبية ترى أن «قواعد اللعبة» قد تغيرت اليوم بسبب العقوبات الأميركية الفعالة التي قلصت مثلاً الصادرات الإيرانية من النفط إلى أقل من 400 ألف برميل في اليوم مقابل 1.5 مليون برميل قبل العقوبات. والفرق الأساسي بين واشنطن وطهران أن الأولى تراهن على «عامل الوقت» حتى تفعل العقوبات فعلها وتدفع طهران لقبول التفاوض من جديد، ما يفسر إلى حد بعيد التخلي الأميركي عن الضربة العسكرية عقب إسقاط الطائرة المسيرة. وبالمقابل، فإن ما تريد طهران تحاشيه تحديداً هو إطالة زمن العقوبات، ما يدفعها إلى استخدام الأوراق التي في حوزتها وليست كثيرة، وتلخص باثنتين: البرنامج النووي والتصعيد لعلها بذلك تتمكن من تحسين أوراقها التفاوضية. وهذه اللعبة بالذات وعنوانها «السير على حافة الهاوية» هي التي تقلق الأوروبيين وتدفعهم كما فعلوا في الساعات المقبلة من قرع ناقوس الخطر الداهم. وسيتاح للأوروبيين يوم الجمعة المقبل أن يوصلوا رسالتهم مباشرة إلى الجانب الإيراني في الاجتماع المرتقب في فيينا حول مصير الاتفاق النووي والإجراءات الإيرانية المثيرة للقلق. وبموازاة ذلك، لن يكفوا عن «استكشاف» احتمالات طرح أفكار جديدة من شأنها حمل الطرفين على «تجميد» الوضع والمحافظة على هامش صغير يتيح إيصال الرسائل إن لم يكن إطلاق الحوار.



إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

ونشرت ابنته ميراف خاندان عبر حسابها على موقع «إنستغرام»: «تم اعتقال والدي في منزله هذا الصباح». وأكد محاميه محمد مقيمي المعلومة في منشور على منصة «إكس»، موضحاً أن الناشط قد يكون أوقف لقضاء حكم سابق.

ولم ترد تفاصيل أخرى بشأن طبيعة القضية أو مكان احتجازه، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوقفت زوجته ستوده البالغة 61 عاماً والحائزة عام 2012 جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أثناء حضورها جنازة أرميتا غاراواند التي توفيت عن 17 عاماً في ظروف مثيرة للجدل. وكانت دول أوروبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعربت عن دعمها للمحامية التي أُطلق سراحها بعد أسبوعين.

وقد دافعت عن العديد من المعارضين والناشطين، من بينهم نساء رفضن ارتداء الحجاب الإلزامي في إيران، وكذلك مساجين حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. وكان زوجها يساندها باستمرار، ويطالب بالإفراج عنها في كل فترة اعتقال. ويأتي توقيفه فيما من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات المرتبطة بانتهاك قواعد اللباس في إيران.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير إن النساء قد يواجهن عقوبة تصل إلى الإعدام إذا انتهكن القانون الرامي إلى «تعزيز ثقافة العفة والحجاب».