أماكن العمل المشتركة لم تعد تقتصر على المشاريع الناشئة

لاعبون جدد يسعون للاستفادة من الفرصة والمنافسة في تأجير العقارات المكتبية

بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو  يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم
بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم
TT

أماكن العمل المشتركة لم تعد تقتصر على المشاريع الناشئة

بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو  يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم
بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم

عادة ما تكون أماكن العمل المشتركة هذه الأيام أكثر متعة من الجلوس في مكتب تقليدي لثماني ساعات. إذا كنت تفضل مكانا للعمل أشبه بردهة فندق أنيقة بها نوادل لخدمتك، فمن الممكن ترتيب ذلك. هل تتطلع إلى تجربة خبرات وأماكن جديدة؟ هناك أماكن تنتظرك لتتشارك العمل فيها.
وقد ظهرت أماكن ومساحات العمل المشتركة منذ عقد من الزمان باعتبارها أمرا غريبا، ولكنه كان أساسيا لخدمة الشركات الناشئة وأصحاب العمل الخاص الذين لا يملكون أماكن خاصة لمشاريعهم. إلا أن الأمر تنوع ليشمل الشركات التقليدية التي تبحث عن مرونة لإنجاز أعمالها سريعا وفي المكان الذي تتطلبه المواقف. وهناك مستأجرون كبار آخرون يريدون أيضا تجنب المتاعب المرتبطة بتأسيس وصيانة مكاتبهم الخاصة.
ومع تطور أماكن العمل المشتركة وإثبات أن الأمر أكثر من مجرد بدعة، هرعت مجموعة من الشركات الناشئة إلى المنافسة، وبينها شركة قادمة من مجال الخدمات العقارية، نجحت لفترة طويلة فيما يشبه احتكار إيجار المساحات المكتبية.
وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية كتبه روجر فينسنت يتحرك اللاعبون الجدد للاستفادة من الفرصة والمنافسة، وتحديدا التوسع المتزايد لشركة وي ورك (نحن نعمل) والعاملة في مجال مساحات العمل المشتركة والتي أنفقت بسخاء من أجل ضمان حصة لها في السوق، ولا تظهر أي علامات على التباطؤ.
وتتأهب «وي ورك» للتعامل مع خسائر فادحة حيث تتبع نموذج الإنترنت المتمثل في التوسع الكبير قبل البدء في التحول للربحية، تماما كما حدث مع شركة «أوبر» المتخصصة في مشاركة وسائل المواصلات والتي جمعت 8.1 مليار دولار في طرحها العام الأولي مؤخرا رغم أن إجمالي خسائرها التشغيلية تجاوز عشرة مليارات دولار على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وتتشابه الشركتان في وجود مستثمر رئيسي مشترك، وهو «صندوق رؤية سوفت بنك» الياباني، الذي صار يحظى بتمويل ضخم من صندوق الثروة السيادي السعودي. وكما تكثر الأسئلة حول ما إذا كانت أوبر ستحقق أرباحا، فالحال كذلك بالنسبة لـ«وي ورك». فالشركة تعمل جاهدة للتوسع اقتصاديا، وقد تكون عرضة للتراجع. إلا أن المنافسين لا يستطيعون مجرد افتراض أن السوق قد تخذل «وي ورك»، فشركة أمازون، على سبيل المثال، ظلت تعاني لفترة قبل أن تتحول إلى الربحية المتواصلة.
وبدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو»، ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم. وتتجاوز هذه المساحة إجمالي المساحات المماثلة في وسط مدينة لوس أنجليس.
ووفقا لبيتر بلايسل، مدير المنطقة الجنوبية الغربية بشركة الوساطة العقارية «جيه إل إل»، تستحوذ الشركة محليا على نحو نصف المساحة المتاحة للعمل المشترك والمقدرة بـ4.5 مليون قدم مربعة. وإلى جانب الطوابق الثلاثة التي تشغلها في المبنى الأحمر داخل «باسيفيك ديزاين سنتر»، وهو عقار باهظ الثمن في ويست هوليوود، فإن «وي ورك» تؤجر أيضا 450 ألف قدم مربعة إضافية في المبنى الأخضر بالمركز. وهذه المساحات مليئة بغرف التسجيل واستوديوهات الصور وغرف الماكياج والتمثيل وغيرها من المرافق ذات الصلة بصناعة الترفيه.
وفي الوقت نفسه، يقدم المنافسون تصوراتهم الخاصة المميزة بشأن أماكن العمل المشتركة، والتي توقع بلايسل أن تتضاعف في لوس أنجليس خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة. ومن بين أبرز الشركات الجديدة البارزة في هذا المجال شركة وينغ، ومقرها نيويورك وأسستها اثنتان من رائدات الأعمال. وقد افتتحت فرعا لها في ويست هوليوود مؤخرا، وتبنت مقاربة خاصة من خلال ملاءمة مكاتبها وخدماتها مع احتياجات النساء وما يفضلن.
فحجم الأثاث والتجهيزات في مبنى سانتا مونيكا بوليفارد أصغر. ويتم إبقاء درجة الحرارة عند 22 درجة مئوية، وليست درجة الحرارة الأبرد التي يبدو أن الرجال يحبونها. ويمتد الاهتمام بالتفاصيل إلى أقمشة المفروشات، حيث يتم تغطية الكراسي بأقمشة ناعمة لا تعْلق بالفساتين.
وتقول المتحدثة زارا رحيم: «تم مراعاة هذه التفاصيل الصغيرة لأخذ النساء العاملات في الاعتبار». وبالطبع تم مراعاة اعتبارات أهم، مثل توفير رعاية لأطفال السيدات العاملات. وقد أثبت هذا التوجه نجاحا، حيث افتتحت الشركة سبعة مكاتب على مستوى البلاد منذ بدأت عملها قبل ثلاث سنوات في حي فلاتيرون بنيويورك.
كما تقدم «وينغ» لقاءات «دائرة الدعم» للحديث عن قضايا الأمومة، والصحة العقلية، والأمراض البدنية، والتعافي من الإدمان، إلى جانب برامج أخرى. وشركة «وينغ» ليست إلا واحدة من أحدث مجموعة من الشركات العاملة في مجال أماكن العمل المشتركة والتي تسوق لنفسها على أنها متخصصة في توفير الأماكن للفعاليات والاجتماعات والمحاضرات وغيرها من اللقاءات. وتسعى الشركات إلى تمييز بعضها عن بعض، وأيضا عن أصحاب المكاتب التقليدية التي تركز على الحفاظ على الأنوار وعلى نظافة وتأمين البهو.
حتى الأندية الخاصة التي توفر بصورة أساسية أماكن فاخرة لاستضافة اجتماعات وأنشطة ترفيهية فإن اهتمامها يزداد بهذا النشاط. فشركة «سوهو هاوس» في ويست هوليوود تعتزم افتتاح موقع يقدم مساحات للعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة.
ويقول مارتين كافرلي خبير العقارات في لوس أنجليس إن مستوى الأعمال المرتبطة بهذا المجال لفت انتباه الملاك، الذين أصبحوا يكثفون عملهم لجذب المستأجرين. فقد يقوم أصحاب المباني بشيء بسيط مثل تحويل مساحة الردهة غير المستغلة إلى مقهى صغير أو الدخول في شراكة مع شركات خدمات الدعم مثل «كونفين» التي توفر أماكن عمل مشتركة وفي نفس الوقت خدمات الضيافة للمبنى بالكامل. وفي مركز «وليز فراغو» وسط لوس أنجليس، تقوم «كونفين» كل صباح بإرسال الإفطار لنحو مائتي عامل في مقر شركة «أواكتري كابيتال مانجمنت» للخدمات المالية. ويعد توفير الطعام مجرد واحدة من الخدمات التي تقدمها الشركة، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها.
وتوفر «كونفين» مساحات عمل مشتركة تستهدف جذب المقاولين الأفراد، وأغلبها مصمم ليناسب الشركات متوسطة الحجم التي تحتاج إلى مقر مؤقت في وسط لوس أنجليس.
ويقول ريان سيمونيتي، الرئيس التنفيذي لـ«كونفين»، التي أحيانا ما تتقاسم الإيرادات مع شركائها من الملاك: «نحن من يوفر درجة رجال الأعمال من بين الشركات العاملة في المجال».
ووفقا لـ«غرين ستريت أدفيزورز» للأبحاث، قد يشمل ظهور فكرة أماكن العمل المشتركة وانتشارها بعض المخاطر المالية لأصحاب العقارات. ولفت تقرير حديث لـ«غرين ستريت» إلى أنه من المتوقع أن يؤدي تكديس الأشخاص في هذه المكاتب بصورة أكبر من المكاتب التقليدية إلى خفض الطلب الإجمالي على المكاتب في أنحاء البلاد بما يصل إلى 3 في المائة بحلول عام 2030، في مجال اعتاد النمو المتواصل.
كما قد يتسبب مشغّلو أماكن العمل المشتركة في إثناء المستأجرين الذين ربما كانوا سيفضلون الاستئجار مباشرة من المالك. وسيشعر الملاك، الذين يفضلون عقود إيجار لعشر سنوات أو أكثر، بالمزيد من الضغط لتقديم عقود إيجار لمدد أقصر لمنافسة الخيارات الأكثر مرونة التي يوفرها مشغلو أماكن العمل المشتركة.
وتقول «غرين ستريت» إن أصحاب العقارات سيشعرون بصورة متزايدة بأنهم مضطرون إلى اتخاذ خطوات للمنافسة مع شركات أماكن العمل المشتركة، من خلال إطلاق عروض مرنة، والشراكة ماليا مع مشغلي أماكن العمل المشتركة أو التنافس المباشر من أجل اجتذاب المستأجرين. وهذا بالضبط هو ما فعلته شركة «تيشمان سبيار»، وهي من شركات العقارات الكبرى حول العالم.
وأعلنت الشركة - التي يقع مقرها في نيويورك - مؤخرا أنها فتحت مكاتب للعمل المشترك في مبنى تملكه في بيفرلي هيلز كما أنها ستتوسع في هذا المفهوم في عقارات أخرى في الأسواق الأميركية الكبرى وكذلك في أوروبا وأميركا الجنوبية.


مقالات ذات صلة

عضو في «بنك كوريا»: تأجيل خفض الفائدة ضروري لمنع ارتفاع أسعار العقارات

الاقتصاد مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)

عضو في «بنك كوريا»: تأجيل خفض الفائدة ضروري لمنع ارتفاع أسعار العقارات

أكد عضو مجلس إدارة «بنك كوريا»، تشانغ يونغ سونغ، أنه يجب تأجيل أي تخفيض في أسعار الفائدة؛ لمنع مزيد من الارتفاع في أسعار العقارات.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد جناح «رتال» في معرض «سيتي سكيب ‬⁩العالمي 2023» في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)

«رتال» العقارية توقع اتفاقيتين مع «الوطنية للإسكان» بـ252 مليون دولار

وقعت شركة «رتال للتطوير العمراني» السعودية، اتفاقيات مشروطة ﻣﻊ «الشركة الوطنية للإسكان»، التي تعد الذراع الاستثماري لمبادرات وبرامج وزارة الشؤون البلدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جانب من «القمة العالمية للبروبتك» في الرياض (الهيئة العامة للعقار)

الهيئة العامة للعقار تطلق «مركز بروبتك السعودية» لتعزيز التحول الرقمي

يُتوقع أن يكون «مركز بروبتك السعودية» الذي أطلقته الهيئة العامة للعقار، قناة أساسية للابتكار في التقنيات العقارية ومحركاً رئيسياً يدفع عجلة الابتكار.

زينب علي (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.