الاحتفاء الرسمي والجماهيري المصري بفيلم «الممر» يدفعه للصدارة

يوثق معارك الجيش في حرب الاستنزاف... ووزارات وأحزاب ونقابات تقدم عروضه

ملصق فيلم «الممر»
ملصق فيلم «الممر»
TT

الاحتفاء الرسمي والجماهيري المصري بفيلم «الممر» يدفعه للصدارة

ملصق فيلم «الممر»
ملصق فيلم «الممر»

في تحول نادر يتجاوز فكرة الصراع على صدارة شباك التذاكر في موسم عيد الفطر السينمائي المهم في مصر، دفعت حالة الاحتفاء الرسمي والجماهيري بفيلم «الممر» الحربي، للمخرج البارز شريف عرفة، تدريجياً بالفيلم ليتقدم على مستوى الإيرادات، مقترباً من أكبر المنافسين لهذا العام، فيلم «كازابلانكا»، المصنوع لجمهور الأكشن والإثارة، صاحب الحضور الأهم والصوت الأبرز في مثل هذه المواسم.
وفيلم «الممر» الذي يقدم واحدة من معارك الجيش المصري خلال «حرب الاستنزاف» التي أعقبت نكسة يونيو (حزيران) 1967، نال استحساناً رسمياً وجماهيرياً على حد سواء، إذ اجتذب مشاهدين من الساسة ولاعبي كرة القدم، فضلاً عن جمهور اليافعين والعائلات وكبار السن الذين عادة ما ينأون عن خوض تجارب الزحام بصالات العرض في تلك المواسم، لكنهم سجلوا حضوراً كبيراً في عروض «الممر».
ورغم احتفاظ فيلم «كازبلانكا» بطولة أمير كرارة بالمركز الأول في سباق أفلام عيد الفطر السينمائي بشكل إجمالي، فإن «الممر» بدأ عملية صعود وتصدُّر للإيراد اليومي خلال الأسبوع الماضي، ليقلل فارق الإيرادات بينه وبين «كازبلانكا» الذي كان يحقق ضعف إيراداته على الأقل في الأسبوع الأول من موسم العيد.
وعن هذا التغير يقول الناقد الفني طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك نوعين للجمهور في كل دول العالم، الأول لحظي، والثاني تتم صناعته بالتراكم»، مشيراً إلى أن «هناك نوعية من الأفلام تتسع الجماهيرية الخاصة بها مع مرور الوقت».
وأوضح الشناوي أن جمهور الأسبوع الأول في موسم العيد يمكن وصفه بـ«جمهور البمب والصواريخ»، فهو جمهور ذو طبيعة استثنائية، فهو يعتبر أن الذهاب إلى السينما من طقوس العيد، مثل أكل الكشري أول يوم العيد الذي يتزاحم المصريون على المحلات التي تقدمه بعد اشتياق له طوال شهر رمضان، وبما أن هذا الزحام لا يعكس أن الكشري هو الطعام الأفضل، فبالتأكيد تحقيق إيرادات أعلى في أيام العيد لا يعكس أن الفيلم الذي يتصدر السباق هو الأفضل.
وشرح الشناوي أن «(كازبلانكا) يملك مقومات فيلم العيد، فكان بديهياً أن يكون رقم واحد في الأسبوع الأول، لكن مع بداية الأسبوع الثاني للعيد تظهر نوعية مختلفة من الجمهور التي تبحث عن الفن الجيد، وهذا يسمى (الجمهور الأصيل) المحب للسينما والمداوم على مشاهدة الأفلام طوال العام، وربما اختيارات هذا الجمهور كانت في صالح (الممر)، مما انعكس على شباك التذاكر خلال الأيام الأخيرة، مما يؤكد أن هذه النوعية من الجمهور تفضل الابتعاد عن الزحام والذهاب إلى السينما بعد انتهاء الأسبوع الأول لموسم العيد».
وتدور أحداث فيلم «الممر» حول ضابط صاعقة يدعى «نور» (يجسده الفنان أحمد عز) ذاق مرارة الهزيمة في حرب 1967، قبل أن يتم تكليفه بتحضير مجموعة قتالية لتنفيذ عملية كبيرة خلف خطوط العدو في عمق سيناء، التي كانت مُحتَلَّة حينها، وينجح في تنفيذها وتحرير عدد من الرهائن.
ودعم الجيش المصري إنتاج الفيلم على المستوي اللوجيستي بالمعدات القتالية التي شاركت في حرب 1967، وسهَّلت عمليات تصوير مشاهده في المعسكرات الحربية، كما أشرفت على التفاصيل المتعلقة بالحياة العسكرية حتى يخرج في أفضل صورة.
وبالتوازي مع صعود «الممر» في شباك التذاكر، كان هناك احتفاء متتالٍ بالفيلم على مستويات مختلفة داخل الدولة المصرية، حيث أعلنت وزارة الدولة للهجرة والمصريين بالخارج، أن الوزيرة نبيلة مكرم، تواصلت مع منتج فيلم «الممر» هشام عبد الخالق، للتنسيق حول تقديم عروض خاصة للمصريين بالخارج، معلنةً عن تنظيم عرض للفيلم ضمن فعاليات مؤتمر الكيانات المصرية المقرر عقده يومي 12 و13 يوليو (تموز) المقبل، الذي يُعدّ النسخة الثانية من منتدى المصريين بالخارج «في إجازتك بوطنك... نشوفك ونسمعك»، وكذلك تنظيم عرض خاص خلال برامج الجيلين الثاني والثالث.
كما كشفت وزيرة الهجرة عن تواصلها مع وزارتي الخارجية والتعليم العالي، لعرض الفيلم في المكاتب الثقافية بالخارج، بعد مطالبة عدد كبير من المصريين بالخارج بأن يشاهدوا الفيلم مع عائلاتهم، لمتابعة بطولات الجيش المصري وتضحياته وحرصهم على تعميق ذلك في نفوس أبنائهم.
وسبق وزارة الهجرة، احتفاء إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة المصرية، بالفيلم، حيث نظمت له عرضاً خاصاً بمركز المنارة، بحضور عدد من الإعلاميين وصُنّاع الفيلم.
أما حزب «مستقبل وطن» فقد أعلن عن استضافة أعضاء الحزب من جميع المحافظات لحضور فيلم «الممر» مجاناً، حتى نهاية يونيو (حزيران) الحالي، مؤكداً أن هذه الخطوة جاءت تشجيعاً للروح الوطنية التي يبثها فيلم «الممر»، كما حرص الحزب على تكريم أبطال الفيلم خلال العرض الخاص.
نقابة الصحافيين، أيضاً، وفّرت، عبر لجنة النشاط، تذاكر مجانية لأعضائها، ومحافظة كفر الشيخ افتتحت في سينما الجمهورية 4 حفلات للجمهور مجاناً.
وقال هشام عبد الخالق منتج «الممر» لـ«الشرق الأوسط» إنه لم ينتج هذا الفيلم بغرض تجاري، وإنما صنعه ليحتفي بالجيش المصري وبطولاته وتضحياته، مؤكداً أنه «يستهدف من خلاله بشكل أساسي الأجيال الجديدة التي وُلِدت بعد انتهاء الحرب، ولا تعرف عن العدو شيئاً، في ظلّ سيطرة الحياة الإلكترونية بما تضمنته من عزلة كبيرة للأفراد عن بعضهم بعضاً».
وأعرب عبد الخالق عن تقديره للمبادرات التي تحتفي بـ«الممر»، مؤكداً على أن «الفيلم مفعم بالحس الوطني، ويقدم لأول مرة في السينما المصرية بعد مرور 52 عاماً على نكسة يونيو 1967، ما حدث في هذه المعركة التي مثَّلت نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي».
وأشار عبد الخالق، إلى أن «ردود الفعل التي يكتبها الشباب بعد مشاهدة الفيلم على مواقع التواصل هي أكثر ما يسعده»، معتبراً أنها «معيار كبير لنجاح التجربة، ووصول رسالته إلى الفئة المستهدفة».


مقالات ذات صلة

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد حلمي مع زينة عبد الباقي ووالدها وأبطال فيلمها (الشركة المنتجة للفيلم)

نجوم مصريون يدعمون ابنة أشرف عبد الباقي في تجربتها الإخراجية الأولى

حرص عدد كبير من نجوم الفن المصريين على دعم المخرجة الشابة زينة عبد الباقي ابنة الفنان أشرف عبد الباقي خلال العرض الخاص لفيلمها الروائي الطويل الأول «مين يصدق»

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)

أمير المصري لـ«الشرق الأوسط»: خضت تدريبات شاقة من أجل «العملاق»

أكد الفنان المصري - البريطاني أمير المصري أنه يترقب عرض فيلمين جديدين له خلال عام 2025، هما الفيلم المصري «صيف 67» والبريطاني «العملاق».

انتصار دردير (القاهرة )

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».