عالم إسرائيلي من بناة مفاعل «ديمونة» النووي يحذِّر من كارثة «تشيرنوبيل» في الشرق الأوسط

جانب من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي في صحراء النقب جنوب إسرائيل (غيتي)
جانب من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي في صحراء النقب جنوب إسرائيل (غيتي)
TT

عالم إسرائيلي من بناة مفاعل «ديمونة» النووي يحذِّر من كارثة «تشيرنوبيل» في الشرق الأوسط

جانب من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي في صحراء النقب جنوب إسرائيل (غيتي)
جانب من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي في صحراء النقب جنوب إسرائيل (غيتي)

حذّر أحد العلماء الذين شاركوا في إقامة مفاعل «ديمونة» النووي الإسرائيلي، وهو عوزي إيبن، من وقوع كارثة شبيهة بما حصل إثر انفجار مفاعل «تشيرنوبيل» في روسيا سنة 1986، بسبب طريقة بنائه وتراكم نفاياته الخطيرة، والتعامل الكاذب من المسؤولين في الحديث عن الموضوع.
وجاءت تحذيرات إيبن، في أعقاب بث المسلسل التلفزيوني عن كارثة المفاعل النووي السوفياتي، الذي يبين أن القيادة خدعت الجمهور، ولم تقل الحقيقة حول الأخطار، فكانت النتيجة أن 36 شخصاً قتلوا و2000 شخص أصيبوا، ومئات الألوف يعيشون مع أمراض وظواهر صحية خطيرة.
ومع عرض المسلسل هذا الأسبوع، عاد النقاش ليتجدد في إسرائيل حول ما إذا كان يمكن أن تحصل في إسرائيل كارثة شبيهة، علماً بأن مفاعل «ديمونة» قائم على الحدود مع الأردن، والانفجار فيه يتسبب بأضرار واسعة في الشرق الأوسط، لن تقتصر على إسرائيل والأردن.
وقال العالم الإسرائيلي، إيبن، الذي كان عضواً في إدارة المفاعل، وممثلاً لها في اللجنة المشتركة للتكنولوجيا الذرية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، حتى عام 2004: «الإجابة العادية عن السؤال إذا كان يمكن أن تقع كارثة في إسرائيل شبيهة بـ(تشيرنوبيل)، هي (لا)، ولكن هناك كذباً مكشوفاً مقلقاً في التقارير التي قدمت للكنيست، يخشى أن يكون هدفها التستر على الحقائق المزعجة، بذريعة (أمن الدولة)».
ويصف إيبن ما حصل في روسيا قائلاً: «قدرة المفاعل الروسي (تشيرنوبيل) تفوق قدرة مفاعل (ديمونة) بنحو 30 مرة. بالنتيجة فإن ذلك ينسحب على النفايات النووية الناتجة، والتي يؤدي انتشارها في حال وقوع حادث إلى كارثة تمتد لعشرات أو مئات السنوات. فالسبب الأول لانفجار المفاعل الروسي يكمن في مراحله الأولى وطريقة تخطيطه. فمفاعل من هذا النوع غير مستقر وكان يجب عدم بنائه. والمهندسون السوفيات كانوا يعلمون ذلك، ولكن تم إسكاتهم بذريعة (أمن الدولة)، بيد أن دول العالم الأخرى عرفت هذه الحقيقة، فلم تبن أي مفاعل مماثل لـ(تشيرنوبيل). و(أمن الدولة) هذا كان كذبة، على حساب الأمان في تشغيل المفاعل، وقد أنزلوا في حينه عقوبات قاسية على كل من حذر من ذلك في الاتحاد السوفياتي.
أما مفاعل (ديمونة)، فهو لا يواجه مصاعب تخطيط مماثلة، ولكن يوجد (إخفاء حقائق حول تشغيله). لقد سمعت بنفسي ممثلي اللجنة للطاقة الذرية وهم يقدمون تقارير كاذبة للجنة التكنولوجيا التابعة للكنيست، والتي كنت عضواً فيها. وبعدما طرحت أمامهم تحفظاتي من خلال تجربتي في تشغيل المفاعل، كان الرد أن أمن الدولة يقتضي ذلك؛ لا بل قاموا باستدعائي إلى جلسات توضيح، أسمعوني فيها تهديداً مبطناً. فقد حذرني اثنان من رؤساء لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية من مغبة الاستمرار في هذا الاتجاه. وأعترف الآن بأن هذه التحذيرات فعلت فعلها بي، فالتزمت الصمت».
وأضاف إيبن أن «مفاعل (ديمونة) صغير جداً مقارنة بـ(تشيرنوبيل)، ولكنه يعمل وينتج نفايات نووية منذ نحو 55 عاماً، بينما تتراكم النفايات وتخزن في موقع المفاعل، لدرجة أن كمية النفايات المشعة التي تراكمت في (ديمونة) أصبحت لا تقل كثيراً عن الكمية التي انتشرت في كارثة مفاعل (تشيرنوبيل)، والذي تم تفعيله مدة سنتين فقط قبل أن ينفجر».
ولكن، حتى لو لم يكن هناك خطر انفجار داخلي في «ديمونة»، فإن الخطر يمكن أن يأتي من مكان آخر. فإسرائيل محاطة بأعداء طوروا أسلحة دقيقة بما يكفي لإصابة المفاعل. ولا يمكن الاعتماد على أن اعتباراتهم ستدفعهم إلى تجنب استهداف واسع للمدنيين. وهنا يجب القول إن النفايات النووية وكيفية تخزينها ومدى الحماية المتوفرة لها من القصف المكثف تعتبر سراً من أسرار الدولة، مثلما فعلوا في الاتحاد السوفياتي. لكن العلماء يعرفون أنه في حال وقوع تخريب أو حادث، يجب أن يتم إخلاء مدينة ديمونة والعرب البدو في محيطها، ما يعني أنه سيتوجب إخلاء أكثر من 60 ألف شخص: «فهل يعادل هذا الخطر الفائدة من استمرار عمل المفاعل؟ يبدو أن هذا التوازن اليوم لم يعد قاطعاً».
المعروف أن البروفسور إيبن كان قد سرّب، في مايو (أيار) 1981 إلى زعيم المعارضة حينها، شمعون بيريس، استعداد رئيس الحكومة، مناحيم بيغين، لضرب المفاعل النووي العراقي. وفي أعقاب ذلك بعث بيريس برسالة إلى بيغين يدعوه إلى إلغاء العملية، ومعالجة المسألة عبر ضغوط سياسية من جانب فرنسا المزودة للمفاعل، والضغط على الرئيس العراقي حينها صدام حسين. وفي نهاية المطاف أدت الرسالة إلى تأجيل العملية مدة تزيد عن شهر.
ودعا إيبن، قبل سنتين، إلى إغلاق المفاعل النووي، قائلاً إن هناك مبالغة كبيرة في عرض ما يسمى «الخطر الوجودي على إسرائيل من المشروع النووي الإيراني»، واعتبر الاتفاق النووي أفضل من الوضع الذي كان قائماً قبل الاتفاق.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».