ليبيا ترفض اتهام أميركا لها بـ«الفشل» في التصدي لجرائم الاتجار بالبشر

ضبط عدد من المهاجرين فروا من مركز احتجاز... وإنقاذ 199 من الغرق

TT

ليبيا ترفض اتهام أميركا لها بـ«الفشل» في التصدي لجرائم الاتجار بالبشر

قال مصدر مطلع في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابع لحكومة «الوفاق»، في العاصمة الليبية طرابلس، إن التقرير السنوي حول الاتجار بالبشر، الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، الذي اتهم حكومة «الوفاق» بالإخفاق في التصدي لجرائم الاتجار بالبشر، أغفل الجهود المبذولة في ملف المهاجرين غير الشرعيين. وجاء ذلك بعد أن أوقفت «قوة حماية سرت»، أمس، عدداً من المهاجرين الذين فروا من أحد مراكز الاحتجاز، مشيراً إلى أنه «يشتبه أن يكون لهم ارتباطات مع مجموعات عسكرية».
وذكر التقرير السنوي الصادر عن الخارجية الأميركية، نهاية الأسبوع الماضي، أن «عدم الاستقرار، ونقص الرقابة الحكومية في ليبيا، سمحا لجرائم الاتجار بالبشر بالاستمرار، لتصبح مربحة للمتاجرين بها».
وأضاف المصدر المطلع، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى الإعلام، أن الحدود الليبية المفتوحة مع عدد من الدول العربية والأفريقية «سمحت لعصابات الاتجار بالبشر بالمتاجرة بالمهاجرين الفارين من بلدانهم الفقيرة... وليبيا تدفع أثماناً باهظة نظير هذه التدفقات شبه اليومية لحشود من الأفارقة الذين يقتحمون بلادنا... ودائما ما تعتقل أجهزة الشرطة في غرب ليبيا مثل هذه العصابات التي يوجد بينها ليبيون»، لافتاً إلى أن جهاز مكافحة الهجرة «يعمل بكل احترافية وإنسانية مع المهاجرين غير الشرعيين، ويعمل على ترحيل الراغبين منهم بشكل طوعي إلى دول مستضيفة».
كان التقرير الأميركي قد قال إن كثيراً من الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة «الوفاق»، المستخدمة كقوة أمنية، تورطت في تجنيد أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً داخل صفوفها بقوة السلاح، دون تدخل من الحكومة «مما يعرضهم أيضاً للاستغلال الجنسي».
وفي شأن متصل، قال سالم الأميل، المتحدث باسم سرية تابعة لـ«قوة حماية سرت»، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «معلومات وردت إلى القوة بتسلل مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين إلى مدينة سرت، يشتبه أن يكون لهم ارتباطات مع مجموعات عسكرية»، مشيرة إلى أن فرقة البحث والتقصي التابعة للقوة توجهت إلى المكان وألقت القبض عليهم.
وجاء اعتقال هذه المجموعة بعد 5 أيام من فرار قرابة 70 مهاجراً غير نظامي من مركز إيواء المهاجرين بمنطقة السبعة في طرابلس. وقال جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، فرع تاجوراء، إن الجهاز يعمل بالتنسيق مع سفارة جمهورية نيجيريا الاتحادية، وبالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، على ترحيل عدد المهاجرين ضمن العودة الطوعية. ولليوم الثالث على التوالي، يقوم الفريق التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل المهاجرين غير الشرعيين من الصومال وإريتريا وإثيوبيا، نزلاء جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية (فرع طرابلس طريق السكة)، قصد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة لترحيلهم إلى النيجر.
وفي شأن آخر، تمكنت القوات البحرية الليبية من إنقاذ 199 مهاجراً غير شرعي من الغرق أمام الساحل الليبي، غرب البلاد، إذ قال المتحدث باسم البحرية أيوب قاسم، في بيان، أمس، إنه «نظراً للحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، يتم رفع درجة الاستعداد للقوات البحرية، وقيامها بتسيير دوريات مكثفة خاصة لحرس السواحل، بغرض تأمين الساحل من أي اختراق أمني، ومكافحة أنواع التهريب كافة»، مشيراً إلى أن دوريات قطاع حرس السواحل بالقوات البحرية تمكنت في الأيام الخمسة الماضية من إنقاذ 5 قوارب مطاطية، على متنها 199 مهاجراً، شمال غربي وشمال شرقي طرابلس، وعلى مسافات متباينة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.