تقرير جديد عن التربية البيئية في البلدان العربية: تقدُّم في الطبيعة وضعف في تغيُّر المناخ والقوانين

تقرير جديد عن التربية البيئية في البلدان العربية: تقدُّم في الطبيعة وضعف في تغيُّر المناخ والقوانين
TT

تقرير جديد عن التربية البيئية في البلدان العربية: تقدُّم في الطبيعة وضعف في تغيُّر المناخ والقوانين

تقرير جديد عن التربية البيئية في البلدان العربية: تقدُّم في الطبيعة وضعف في تغيُّر المناخ والقوانين

وجدت البيئة طريقها إلى المناهج المدرسية وبرامج الجامعات في المنطقة العربية، وإنْ بمستويات متفاوتة بين بلد وآخر. وفي حين كان بعض الجوانب المتعلقة بالبيئة دائماً جزءاً من التعليم، فإن نطاق التحديات البيئية اتسع في السنوات الأخيرة على نحو لم يسبق له مثيل، مما فرض إدراج مفاهيم جديدة في المناهج. فلم يعد الاهتمام محصوراً في مواضيع التلوث والنظافة وجمال الطبيعة، بل أصبح يشمل الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، بما يضمن خدمة الأجيال الحاضرة، وفي الوقت ذاته ضمان احتياجات الأجيال المقبلة. وأصبحت البيئة جزءاً من منظومة متكاملة، اصطُلح على تسميتها «التنمية المستدامة»، التي تتكامل فيها العوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية. لكن التربية حول البيئة والتنمية المستدامة ما زالت في بداياتها في البلدان العربية، وتطويرها يحتاج إلى استطلاع الأوضاع الراهنة لتحديد الفجوات والعمل على سدّها. وفي حين أصدرت هيئات مختصة بالبيئة والتربية، وفي طليعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) تقارير عدة حول مفاهيم التربية البيئية واستراتيجياتها، إلا أن المعلومات عن وضع المناهج والبرامج البيئية في البلدان العربية ما زالت شبه مفقودة.
المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) يأمل المساهمة في سدّ فجوة المعلومات هذه، من خلال دراسة يعدّها حول التربية البيئية في البلدان العربية، تصدر خلال مؤتمره السنوي الثاني عشر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقد أجرى فريق من باحثي المنتدى استطلاعاً لبرامج المدارس والجامعات في البلدان العربية، ويعكف حالياً بعض كبار خبراء البيئة والتربية على تحليلها، لتقديمها في التقرير السنوي للمنتدى، الذي سيوفّر النظرة الأولى الشاملة حول وضع التعليم البيئي في الدول العربية. وأوضح نجيب صعب، الأمين العام للمنتدى ومحرر التقرير، أن «البيانات الدقيقة أداة لا بد منها لصانعي السياسات، وقد كان على الباحثين جمع البيانات بالكامل من مصادرها الأصلية، حيث لا تتوفر بيانات حديثة وموثوقة عن الموضوع، حتى لدى المنظمات المتخصصة. فتم جمع المعلومات حول المناهج المدرسية مباشرة من وزارات التربية والتعليم والجامعات في 22 بلداً عربياً».
المعلومات حول المناهج البيئية في المدارس شملت جميع المراحل التعليمية والصفوف والمواد المختلفة، وتم تحليل البيانات بالتعاون مع الباحثين في معهد الدراسات والبحوث البيئية في جامعة عين شمس المصرية. وأظهرت النتائج الأولية أن الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي والتلوث دخلت المناهج في معظم البلدان، في حين بدأ الاهتمام يزداد بتغيُّر المناخ ومفاهيم جديدة مثل البصمة البيئية والاقتصاد الأخضر، وإنْ بوتيرة بطيئة. أما على المستوى الجامعي، فقد قام بتحليل النتائج فريق من جامعة البحرين، بإشراف رئيسها الدكتور رياض حمزة. وكان حمزة قد قام بإعداد دراسة حول وضع التعليم والبحوث البيئية في الجامعات العربية، نُشرت في التقرير الأول الذي أصدره «أفد» عام 2008 عن وضع البيئة العربية، مما أتاح مقارنة التغييرات خلال عشر سنوات. علماً بأن الاستطلاع الأول شمل 35 جامعة في 15 بلداً، بينما غطى الاستطلاع الجديد 57 جامعة في جميع البلدان العربية. وبينما أظهرت النتائج الأولية تطوراً كبيراً في البرامج البيئية الجامعية، إلا أنها كشفت عن بطء في دمج أهداف التنمية المستدامة وبعض المفاهيم الجديدة، كما أظهرت ضعفاً في دراسات القوانين البيئية.
«الابتكار في التعليم البيئي» عنوان فصل أعده للتقرير فريق من الباحثين برئاسة الدكتور أحمد جابر، الأستاذ في جامعة القاهرة. وقد طوّر الفريق مؤشرات خاصة تتيح مراقبة مستويات التعليم من أجل التنمية المستدامة في الجامعات العربية. وأعد الدكتور إبراهيم عبد الجليل، الأستاذ الزائر في جامعة الخليج العربي، فصلاً حول التحديات البيئية الرئيسية التي تواجه العالم والمنطقة العربية خاصة، وذلك للاستفادة منها في إعداد المناهج ومحتوياتها.
ويقول مؤلفو التقرير إن أحد عناصره الرئيسية هو اقتراح لمقرَّر جامعي بعنوان «مقدمة في البيئة والاستدامة»، يكون متاحاً لطلاب السنة الأولى في جميع الاختصاصات، ويوزّع على فصلين دراسيين، بحيث تكون مواد الفصل الأول عامة والفصل الثاني معمّقة. وقد عمل على منهج المادة المقترحة، الذي يُنشر كملحق في التقرير، أساتذة من اختصاصات متعددة ينتمون إلى أكثر من 25 جامعة عربية.
وإلى جانب الفصول المختصة والبيانات المفصلة، يضم التقرير أكثر من 20 دراسة حالة أعدتها منظمات دولية وإقليمية، بينها: برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة التعاون الاقتصادي، والتنمية والاتحاد من أجل المتوسط، والبنك الإسلامي للتنمية، وهيئة البيئة في أبوظبي، والمركز التربوي في لبنان، والجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة الخليج العربي. كما يصدر مع التقرير دليل شامل من 300 صفحة بعنوان «البيئة في المدرسة»، يتضمن أحدث المعلومات عن البيئة والتنمية ونماذج لنشاطات بيئية يمكن اعتمادها في المدارس.
يتم إطلاق التقرير ومناقشته في المؤتمر السنوي الثاني عشر للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، الذي يُعقد في بيروت في 14 – 15 نوفمبر المقبل، بمشاركة أكثر من 35 متحدّثاً من المنطقة والعالم، بينهم عدد من وزراء البيئة والتربية ورؤساء الجامعات. ويشار إلى أن التقارير والمؤتمرات السنوية السابقة لـ«أفد» ناقشت التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة العربية في مجال البيئة والتنمية المستدامة، بما في ذلك تغيُّر المناخ والطاقة والمياه والأمن الغذائي والبصمة البيئية والاقتصاد الأخضر وتمويل التنمية المستدامة.


مقالات ذات صلة

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري سامح شكري (إ.ب.أ)

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

أكد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) سامح شكري اليوم (السبت) أن «الغالبية العظمى» من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ «متوازنة» بعدما انتقدها الاتحاد الأوروبي. وأوضح وزير خارجية مصر سامح شكري للصحافيين بعد ليلة من المفاوضات المكثفة إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن «الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتابع يقول «على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق».

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ)
بيئة البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

شهدت سنة 2021 الكثير من الكوارث والخيبات، لكنها كانت أيضاً سنة «الأمل» البيئي. فعلى الصعيد السياسي حصلت تحولات هامة بوصول إدارة داعمة لقضايا البيئة إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. كما شهدت السنة العديد من الابتكارات الخضراء والمشاريع البيئية الواعدة، قد يكون أبرزها مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقتها السعودية. وفي مجال الصحة العامة، حقق العلماء اختراقاً كبيراً في مواجهة فيروس كورونا المستجد عبر تطوير اللقاحات وبرامج التطعيم الواسعة، رغم عودة الفيروس ومتحوراته. وفي مواجهة الاحتباس الحراري، نجح المجتمعون في قمة غلاسكو في التوافق على تسريع العمل المناخي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

أعلنت فرقة «كولدبلاي» البريطانية، الخميس، عن جولة عالمية جديدة لها سنة 2022 «تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة»، باستخدام الألواح الشمسية وبطارية محمولة وأرضية تعمل بالطاقة الحركية لتوفير كامل الكهرباء تقريباً، فضلاً عن قصاصات «كونفيتي» ورقية قابلة للتحلل وأكواب تحترم البيئة. وذكرت «كولدبلاي» في منشور عبر «تويتر» أن «العزف الحي والتواصل مع الناس هو سبب وجود الفرقة»، لكنها أكدت أنها تدرك «تماماً في الوقت نفسه أن الكوكب يواجه أزمة مناخية». وأضاف المنشور أن أعضاء فرقة الروك الشهيرة «أمضوا العامين المنصرمين في استشارة خبراء البيئة في شأن سبل جعل هذه الجولة تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة» و«

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي بشكل كبير العام الماضي حيث أجبر وباء «كورونا» الكثير من دول العالم على فرض الإغلاق، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الجيدة لن تدوم، حيث إن الأرقام عاودت الارتفاع بحسب البيانات الجديدة، وفقاً لشبكة «سي إن إن». وتسببت إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس التاجي في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 في المائة على مدار عام 2020 - وهو أكبر انخفاض تم تسجيله على الإطلاق - وفق دراسة نُشرت أمس (الأربعاء) في المجلة العلمية «نيتشر كلايميت شينج». لكن مؤلفيها يحذرون من أنه ما لم تعطِ الحكومات الأولوية للاستثمار بطرق بيئية في محاولاتها لتعزيز اقتصاداتها الم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة 5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

أعلن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن وزير الخارجية السابق جون كيري سيكون له مقعد في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وهي المرة الأولى التي يخصّص فيها مسؤول في تلك الهيئة لقضية المناخ. ويأتي تعيين كيري في إطار التعهدات التي قطعها جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الولايات المتحدة إلى الطريق الصحيح في مواجهة تغيُّر المناخ العالمي ودعم قضايا البيئة، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه دونالد ترمب الذي انسحب من اتفاقية باريس المناخية وألغى العديد من اللوائح التشريعية البيئية. وعلى عكس ترمب، يعتقد بايدن أن تغيُّر المناخ يهدّد الأمن القومي، حيث ترتبط العديد من حالات غياب الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)
رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)
رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

وتتبع الباحثون أكثر من 2000 شخص في أنحاء الولايات المتحدة، وقع الاختيار عليهم لأنهم زرعوا أجهزة تراقب نشاط القلب باستمرار. ومعظم هؤلاء يعانون من السمنة، ولديهم جميعاً ضعف في عضلة القلب، بصورة تجعلها تكافح لضخ ما يكفي من الدم إلى الجسم، وفق «وكالة رويترز للأنباء».

وعندما وصلت درجات الحرارة في الخارج إلى 39 درجة مئوية، زادت احتمالات الإصابة بنوبة من الرجفان الأذيني، بنحو 2.66 مرة مقارنةً بدرجات حرارة تتراوح بين 5 و8 درجات مئوية.

وارتفعت احتمالية الإصابة بالرجفان الأذيني لتصبح أعلى 2.87 مرة عند 40 درجة مئوية، و3.09 مرة عند 41 درجة.

ووجد الباحثون، الذين سيقدمون البيانات في اجتماعات جمعية القلب الأميركية، أن نوبات الرجفان الأذيني حدثت بمعدل أقل بين الساعة 12 صباحاً والسابعة صباحاً، مقارنة بساعات العمل الاعتيادية، من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساء، وبمعدل أكبر في أيام الأسبوع مقارنةً بعطلات نهاية الأسبوع.

وتعقد جمعية القلب الأميركية جلسات علمية في مدينة شيكاغو، الفترة من 16 إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال المتحدث باسم جمعية القلب الأميركية، الدكتور سانجاي راجاجوبالان من جامعة كيس وسترن ريزيرف في كليفلاند، الذي لم يشارك في الدراسة «نظراً للانتشار المتزايد للرجفان الأذيني بين عامة السكان بسبب التقدم في العمر وانتشار السمنة؛ فقد نضطر الآن أيضاً إلى التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة».

وأضاف في بيان: «الأشخاص المهددون الذين يعيشون في مناطق معرضة لخطر الارتفاع الكبير في درجات الحرارة يجب أن يطلعوا على هذه النتائج، ويتأكدوا من اتخاذهم الاحتياطات اللازمة» للبقاء في أجواء باردة وتجنب الجفاف.