بروفايل: سوزانا شابوتوفا... «حارسة البيئة» ترفع شعار مكافحة الفساد

رياح التغيير تحمل المحامية العنيدة إلى رئاسة سلوفاكيا

بروفايل: سوزانا شابوتوفا... «حارسة البيئة» ترفع شعار مكافحة الفساد
TT

بروفايل: سوزانا شابوتوفا... «حارسة البيئة» ترفع شعار مكافحة الفساد

بروفايل: سوزانا شابوتوفا... «حارسة البيئة» ترفع شعار مكافحة الفساد

قبل عام واحد، لم يكن يدور في خلد المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، سوزانا شابوتوفا، أنها ستغدو رئيسة لبلدها سلوفاكيا. كانت أحلامها تقتصر على حياة آمنة في مدينة صغيرة لعبت دوراً كبيراً في حمايتها من التلوث البيئي. كان يكفيها عملها نائبةً لرئيس بلدية بيزينوك التي وُلدت فيها، في ضواحي العاصمة براتيسلافا. لكن عناد الناشطة الحقوقية، التي كانت قد خاضت معركة قضائية لمدة 14 سنة ضد الفساد الحكومي ونفوذ «حيتان المال» المرتبطين، كما تقول روايات، بـ«المافيا الإيطالية»، لعب دوراً أساسياً في دخولها معترك السياسة العليا راكبة موجة المطالبة بالتغيير، بعدما شهدت الجمهورية الصغيرة الهادئة تقليدياً في شرق أوروبا منعطفاً سياسياً حاداً عكسَ تصاعد مزاج النقمة على الفساد المستشري والرغبة في دخول عهد جديد.

قال أحد الخبراء الروس البارزين تعليقاً على فوز شابوتوفا، في الانتخابات لتغدو أول امرأة سلوفاكية تجلس على مقعد الرئاسة في تاريخ البلاد، إن «ظاهرة شابوتوفا شكلت استجابة للرغبة في التغيير والعدالة، ووجهة جديدة في السياسة، أتت ليس من أعلى، وليس من أسفل، ولكن من حيث يوجد الدليل على أن العدالة تمتلك مقومات لحماية ذاتها».
غدت سوزانا شابوتوفا خامس رئيس للجمهورية السلوفاكية وأول امرأة تُنتخب لهذا المنصب منذ إعلان الاستقلال في عام 1993. وتبدو نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الجولة الانتخابية التي جرت أخيراً كبيرة، بالمقارنة مع الاستحقاقات المماثلة عادة في أوروبا، فهي حصدت أصوات 58 في المائة من الناخبين، متقدمة بشكل واضح على خصمها الدبلوماسي، وعضو المفوضية الأوروبية ماروس شيفتشوفيتش الذي أقر بالهزيمة، وأرسل باقة من الزهور إلى السيدة التي غدت تحمل اللقب الرئاسي. ومع كونها أول سيدة تحصل على المنصب، فهي تُعدّ حالياً أصغر رئيس في تاريخ البلاد، إذ احتفلت في 21 يونيو (حزيران) الحالي، ببلوغها 46 سنة.
وقد تكون الكلمات الأولى التي قالتها شابوتوفا بعد أداء القسم الدستوري أفضل تعبير عن قناعاتها ورؤيتها لدورها في المنصب الجديد، فضلاً عن الانسجام مع مسيرة حياتها التي قضت الجزء الأعظم منها في مدينتها الصغيرة. فهي أعربت عن سعادتها «ليس فقط بالنتيجة التي حصلت عليها، ولكن أيضاً بظهور فرصة لعدم الخضوع للشعوبية، ولرفع الصوت بالحديث عن الحقيقة وجذب الانتباه إلى القضايا العادلة، والتخلي عن لغة العدوان».
تلخص الإشارة إلى هزيمة التيار الشعوبي في سلوفاكيا منطلقاً مهماً لتقييم رؤية المحامية السلوفاكية للمسار الذي يجب أن تسلكه بلادها، فهي تشير هنا إلى المحافظة على الاتحاد الأوروبي وسياسة الاندماج، على العكس من المزاج القومي الذي برز في كثير من الدول الأوروبية، بما في ذلك في المجر (هنغاريا) وبولندا والنمسا. عملياً، يبدو نجاح شابوتوفا نجاحاً للتيار المتمسك بالقيم المشتركة للاتحاد الأوروبي وبالمصالح المشتركة في منطقة اليورو، ودفعة إضافية للمطالبين بمزيد من التكامل.

- المحامية العنيدة حارسة البيئة
لا يمكن بطبيعة الحال المبالغة في التوقعات السياسية، خصوصاً لأن سلوفاكيا تُعدّ جمهورية برلمانية. ورغم امتلاك الرئيس صلاحيات كثيرة، لكن القوة الرئيسية تتركز في أيدي رئيس الوزراء. ورغم ذلك، يرى كثيرون أهمية خاصة لهذا الصعود الكبير لنجم المحامية التي بالكاد كانت الأوساط السياسية في بلدها ترشحها لدخول المعترك الرئاسي قبل عام واحد. ومع أنها كانت ناشطة اجتماعية ومدافعة نشطة عن البيئة النظيفة، فإن نشاطها السياسي كان فقيراً، واقتصر على كونها عضواً في الحزب الليبرالي «سلوفاكيا التقدمية» الذي تم تسجيله رسمياً في نهاية عام 2017. ولم يحظَ بتمثيل بعد في البرلمان، كما لم يحقق وزناً سياسياً في البلاد، وبات معلوماً بعد انتخابها أن شابوتوفا تنوي الانسحاب من الحزب حتى تحافظ على مسافة واحدة مع كل القوى السياسية في البلاد.
ولا تخفي الرئيسة الجديدة افتقارها للخبرة السياسية العملية، إذ اقتصر نشاطها السياسي على عملها نائبةً لرئيس إدارة مدينة بيزينوك.
لكن هذه البلدة الصغيرة في الجنوب الغربي من البلاد التي لا يزيد عدد سكانها على 20 ألف نسمة، كان لها الدور الحاسم في رسم ملامح شخصية المحامية وبلورة أهدافها العملية، فهي نشأت هناك في أسرة عاملة، وفيها درست، وخاضت تجربة زواج خرجت منها بابنتين تبلغان من العمر 15 و18 عاماً. ورغم طلاقها من زوجها لكنها فضلت الاحتفاظ باسم عائلته شابوتوف.
حصلت الرئيسة الجديدة على شهادة في القانون من جامعة كومينيوس في براتيسلافا. وهي ذكرت في مقابلة صحافية أخيراً، أنه عندما بدأ زملاء الدراسة في اليوم الأول من الدراسة في مناقشة سبب اختيار كل منهم للقانون كمهنة للمستقبل، اتضح أنه لم يكن لدى أي من الطلاب الثلاثين في الفصل دوافع مالية. لم تكن شابوتوفا مهتمة أيضاً بالجانب المادي، وهو أمر برز خلال حياتها العملية لاحقاً، إذ ناضلت من أجل حقوق النساء والأطفال، وعملت لمدة 16 عاماً في قطاع غير ربحي ناشطة في جمعية مدنية عملت في مجال حماية حقوق الإنسان وتطوير الديمقراطية وتحسين نوعية حياة المواطنين وحماية الطبيعة والبيئة عبر الوسائل القانونية.
خلال عملها في هذه المؤسسة برزت «قضية عمرها» التي حولتها إلى مناضلة للحفاظ على البيئة، إذ واجهت قراراً بإنشاء مكبّ للنفايات بالقرب من مبان سكنية في مسقط رأسها، وخاضت معركة قضائية استمرت لمدة 14 عاماً وانتهت بفوزها بإلغاء القرار بعدما حشدت تأييداً شعبياً واسعاً، وأوصلت القضية إلى المحكمة الأوروبية العليا.
وقالت في وقت لاحق إنها واجهت محاولة لإنشاء مكب ضخم للنفايات يصل حجمه إلى نحو 12 ملعباً لكرة القدم، على بعد 280 متراً من المباني السكنية. واللافت في الموضوع أن شابوتوفا المحامية قادت احتجاجات شعبية وشكاوى قضائية في وجه أحد أبرز «حيتان المال» في بلادها، وهو رجل الأعمال ماريان كوشنر، الذي ارتبط اسمه بالجريمة المنظمة، وهي اعترفت في وقت لاحق بعد حسم المعركة لصالحها بأنها كانت خائفة على حياتها وعلى حياة ابنتيها، ولفترات طويلة لم تكن تسمح لهما بالتجول أو القيام بنزهات من دون مرافقة دقيقة.
في عام 2016 تم تقييم عمل شابوتوفا، إذ حصلت على جائزة «غولدمان»، وهي الجائزة الأهم التي تُمنح للناشطين في مجال حماية البيئة، وغالباً ما يُطلق عليها «نوبل الخضراء».
أهمية المواجهة مع ماريان كوشنر أن اسمه عاد إلى الواجهة مع الأحداث التي شهدتها البلاد خلال العام الأخير، وربما تكون هذه المصادفة لعبت دوراً أساسياً في اتخاذها قرار خوض المعترك الانتخابي.
ففي مارس (آذار) الماضي، اتُّهم كوشنر بالتورط في جريمة اغتيال الصحافي الاستقصائي يان كوتسيك الذي كان معروفاً بتحقيقاته التي تواجه الفساد، وقُتل مع خطيبته مارتينا كوشنيروفا العام الماضي. وأثار الحادث موجة سخط واسعة النطاق في البلاد، خصوصاً بعدما برزت محاولات للتواطؤ وإغلاق ملف الجريمة من جانب السلطات. في تلك الفترة أعلنت شابوتوفا نيتها خوض معترك السياسة، وقالت لصحافيين: «يجب أن تشهد البلاد تغييراً، وأريد أن أشارك في حدوث هذا التغيير».

- رياح التغيير
بدأت الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد، وغيّرت مسار حياة شابوتوفا تماماً، قبل عام كامل. بعد وقت قصير من العثور على الصحافي يان كوتسيك مقتولاً في منزل بالقرب من براتيسلافا. لم يكن لدى الشرطة أو الجمهور أي شك في أن جريمة الاغتيال مدبَّرة، وأن هياكل الجريمة المنظمة تقف وراءها. كان كوتسيك البالغ من العمر 27 عاماً أجرى سلسلة تحقيقات استقصائية في ملف الاحتيال المالي، وأبرز تهرباً واسعاً من دفع الضرائب لدى شخصيات بارزة ورموز النخبة السياسية في البلاد، بما في ذلك رئيس الوزراء روبرت فيكو. في المقال الأخير المنشور للصحافي، أكد كوتسيك أن فيكو مرتبط بهياكل الجريمة المنظمة في إيطاليا.
كانت هذه أول جريمة اغتيال سياسي صاخبة في الجمهورية الهادئة والمسالمة، وقد هزّت المجتمع بقوة. خرج نحو 25 ألف شخص إلى شوارع براتيسلافا، مطالبين باستقالة فيكو على الفور. وسرعان ما اندلعت مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء البلاد. لم يُشهَد هذا التضامن في شوارع سلوفاكيا منذ أحداث عام 1989 التي أدت إلى انتقال تشيكوسلوفاكيا في ذلك الحين إلى المعسكر الغربي. وأكد فيكو عدم وجود صلة له بعملية الاغتيال، في حين اتجهت أصابع الاتهام إلى رجل الأعمال الموقوف ماريان، لكن رئيس الوزراء سرعان ما اضطر لتقديم استقالته تحت ضغط الحراك في الشارع، وأعلن حل الحكومة في منتصف مارس (آذار).
في هذه الأجواء من عدم الثقة بالسلطات، كان ينبغي أن يظهر شخص ما من شأنه أن يتحدى النخبة الحاكمة، وأصبحت شابوتوفا هذا الشخص، داعية المواطنين إلى «التمرد على الشر». أعلنت قرارها الترشح للرئاسة بعد أسبوعين من استقالة فيكو، وقالت إن مكافحة الفساد الهدف الرئيسي لبرنامجها. بالإضافة إلى ذلك، استطاعت أن تجمع حولها معارضة غير ممثلة في البرلمان ذات توجه ليبرالي تمثل مختلف الجماعات العرقية والاجتماعية. وعدت شابوتوفا أيضاً بدعم حق المرأة في الإجهاض، وأيّدت حقوق المثليين.

- إيرين بروكوفيتش... السلوفاكية
سرعان ما تحولت السياسية الصاعدة إلى رمز للتغيير، وعقدت وسائل الإعلام مقارنات بين مسيرتها ومسيرة المحامية الأميركية والناشطة في مجال حماية البيئة إيرين بروكوفيتش، التي تحولت سيرتها الذاتية إلى فيلم سينمائي قدمته جوليا روبرتس. كان التشابه كبيراً إلى حد لافت: محامية تربّي طفلين بعد الطلاق، عارضت بناء مكب نفايات في مسقط رأسها، وبعد أربعة عشر عاماً من المواجهة كسبت المعركة. وهناك ناشطة بيئية ومحامية خاضت معركة كبرى أيضاً، واشتهرت بسبب قضيتها ضد شركة «باسيفيك» للغاز والكهرباء في ولاية كاليفورنيا، عام 1993.
ثمة إشارات بالطبع إلى أن مهمة الرئيسة الجديدة لن تكون سهلة. ويقول بعضهم إن شابوتوفا ستناضل من أجل العدالة منذ لحظة أداء القسم الدستوري على الجانب الآخر من المتاريس، أي من داخل السلطة. ويُتوقع أن تعمل على تنفيذ النقاط الرئيسية في برنامجها الانتخابي في خصوص حماية البيئة، لا سيما وعدها بوقف إزالة الغابات. وخلال حملتها الانتخابية أيضاً، وعدت شابوتوفا بالقضاء على الفساد، وزيادة الإنفاق الاجتماعي، وإصلاح النظام القضائي.
شابوتوفا تشاطر وجهات النظر الحديثة حول مؤسسة الأسرة، وتدافع عن حماية حقوق المرأة في الإجهاض، لكن دعمها لمجتمع المثليين أثار الكنيسة ضدها، وقال رئيس أساقفة ترنافا الحالي، يان أوروش، إن التصويت لشابوتوفا سيكون «خطيئة خطيرة». وقد ردت ناشطة حقوق الإنسان عليه، خلال حملتها الانتخابية، بشكل دبلوماسي، وقالت في إحدى خطبها: «يمكنك أن تتدخل في السياسة برأيك الخاص، من دون أن تكون عرضة للشعبوية. يمكنك أن تكون قوياً وواثقاً من دون الخطب العدوانية والهجمات الشخصية».

- حوار مع روسيا ومقارنات مع أوكرانيا
حددت شابوتوفا ملامح خطواتها الأولى السياسية بعد أداء اليمين الدستورية. فهي مع تمسكها ببرامجها الداخلية أكدت على مواصلة سياسة الاندماج مع الاتحاد الأوروبي والدفاع عن سياساته، وهي في الوقت ذاته أبدت انفتاحاً على الحوار مع روسيا التي بات هاجس تدخلها في الاستحقاقات الانتخابية في الغرب مصدر قلق للسياسيين الغربيين. قالت شابوتوفا إنها ترى ضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، وأيدت موقف الكرملين المعارض لممارسة ضغوط عبر فرض سياسات العقوبات. هذه العبارات تلقفتها موسكو بحماسة، وتناقلتها وسائل الإعلام الروسية بقوة.
في الوقت ذاته، يعقد كثيرون في روسيا مقارنات لافتة بين نتائج الانتخابات الرئاسية أخيراً، في سلوفاكيا، التي فازت بها شابوتوفا، والاستحقاق الانتخابي الرئاسي قبل ذلك في أوكرانيا الذي حمل إلى مقعد الرئاسة الممثل الهزلي فلاديمير زيلينسكي. وبالفعل فإن بين الحدثين عناصر متشابهة كثيرة. في الحالين جاء الرئيس من خارج النخب السياسية وبشكل مفاجئ قلب توقعات المراقبين. وفيهما برز شعار مكافحة الفساد ومواجهة تحكم بعض «حيتان المال» في مفاتيح القرار. وفي البلدين أظهرت النتائج انقلاب الناخبين على التيارات الشعبوية والقومية لصالح خطط الإصلاح الليبرالي. وفي البلدين كان مزاج التغيير والرغبة في دخول عهد جديد العنصر الأهم الذي حمل مرشحاً عديم الخبرة تقريباً بالسياسة إلى مقعد الرئاسة. يبقى أن تأثير شابوتوفا على سياسات الكرملين محدود، بينما تراقب موسكو بحذر شديد كل خطوة يقوم بها الرئيس الأوكراني الجديد.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.