عندما أطلق سراح كارل كاترمول من السّجن بعد قضائه عاما كاملا من عقوبة بسبب تهمة الإتلاف الجنائي، كان مرتبكا، وغاضبا، ولكنّه كان على أتمّ الاستعداد لتحويل كل السلبيات التي وجدها في الداخل إلى إيجابيات. وما خبره وعاينه بنفسه داخل سجن «ورموود» وسجن «بينتونفيل» في العاصمة لندن، كان مثيرا للذهول. فلم يكن السجن بمثابة حمام الدم كما تصوّره أفلام هوليوود الأميركية المبالغ بها، ولم يكن مأوى القتلة ومغتصبي الأطفال كما وصفتها الصّحف الصفراء الشعبية في البلاد. ولكنّها لم تكن معنية كذلك بجهود إعادة التأهيل والإصلاح على نحو ما يعد به الساسة ليل نهار. بدلا من ذلك، وجد كارل كاترمول نظاما يعاني بشدة من نقص التمويل الحكومي وهو باهظ التكاليف في آن واحد، وهو النظام الذي يفضل العقاب على الإصلاح، وفي أغلب الأحيان ينفّذ تلك المنهجية عبر أساليب تتسم بالكثير من غلاظة التعامل، وبذاءة الألفاظ، والطعام السيئ، والبيروقراطية، ونظام التحفيز الذي يثير السجناء ضد بعضهم البعض. حسب ما ذكرت الغارديان البريطانيّة.
ومع إطلاق سراحه في العام 2011. ألّف كارل كاترمول دليلا كان هو نفسه بحاجة إليه في الداخل، وهو عبارة عن نصائح للحياة في الزنزانة بدءا من كيفية صناعة صلصة السلطة من التونة المعلبة والصلصة البنية إلى طريقة الحصول على أفضل الوظائف مدفوعة الأجر في السجن وهي «الوقاية البيولوجية» (بمعنى: تنظيف الزنازين من القاذورات والمخلفات). من النصائح التي لاقت رواجا هي تذكير السجناء بإلغاء الاشتراكات الخاصة بالهاتف والتلفاز قبل دخول السجن «حتى لا تقع تحت طائلة الديون التي لا ترحم». منها أيضا الدليل للحصول على زنزانة منفردة «الزعم بإصابتك بداء التبول اللاإرادي لن يجعلك تحصل على زنزانة منفردة كما كان يحدث من قبل – ولكن إصدار الأصوات الغريبة قد يفيد في ذلك».
وأطلق كاترمول على الدليل عنوان «دليل النجاة في السجون». وبمجرد تأليف الكتاب، طلب كاترمول من أحد رفاقه طباعة 1000 نسخة من الكتاب باستخدام الطابعة في مصرف كناري وارف (بطريقة غير قانونية) أثناء مناوبته الليلية هناك. وبعد فترة من الزمن، بدأت رسائل البريد الإلكتروني بالتوالي، من الأشخاص الذين حصلوا على نسخة من الكتاب، يشكرونه كثيرا على مساعدته لهم في الوصول إلى الخدمات التي لم يعلموا بها من قبل، ولأنّه جعلهم يشعرون بأنهم ليسوا بمفردهم في عالم السجون. وهاجمت النائب بريتي باتيل من حزب المحافظين الكتاب وقالت إنّه يعتبر سخرية بالغة من نظام العدالة الجنائية البريطاني، ويعد إثباتا على ضرورة إصلاح الحكومة لنظام السجون وجعلها أماكن صعبة وغير مريحة.
يقول كاترمول: إنّ «كل شخص يدخل السجن لأول مرة هو مستجد. وأريد من الناس أن تكون لديهم فكرة عن الأوضاع في الداخل»، وهو يجلس حاليا داخل منزله الصغير محاطا بأدوات النجارة التي يستعين بها في عمله الأساسي.
ومن وجهة نظره، فإن كتابه حسن النية، ومفيد من الناحية الاجتماعية. ويقول: «أحاول منع الناس من معاودة ارتكاب الجرائم، فعندما يجرّد الشّخص من إنسانيته، يملء العنف والمخدرات هذا الفراغ الناتج».
والفكرة الرئيسية التي يريد كاترمول من الناس أن يفهموها هي مدى تغيّر الحياة داخل السجون على مر السنين. ويمكنك دخول السجن الآن لمجرد أنك بلا مأوى تعيش فيه، أو لأنك من سكان العشوائيات الذين لا يستطيعون سداد فاتورة رخصة التلفاز الخاصة بهم. والناس الذين يعملون هناك مختلفون تماما.
ومع توقيعه عقد مع دار بنغوين للنشر لإصدار كتابه لجأ كاترمول لسجناء آخرين ليضيفوا نصائحهم أيضا.
سجين بريطاني سابق يؤلّف دليلاً للحياة خلف القضبان
سجين بريطاني سابق يؤلّف دليلاً للحياة خلف القضبان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة