«الجنّات الضريبية» تخفي تريليونات الدولارات

«الجنّات الضريبية» تخفي تريليونات الدولارات
TT

«الجنّات الضريبية» تخفي تريليونات الدولارات

«الجنّات الضريبية» تخفي تريليونات الدولارات

يلجأ الأغنياء إلى إخفاء جزء من أموالهم في المصارف التابعة لمجموعة من الدول المصنّفة دولياً «جنّات ضريبية». ويطال هذا السلوك المالي عدداً من كبار رجال الأعمال الألمان والأوروبيين، ويعد حسب خبراء جباية الضرائب الدوليين، تهرباً من دفع الضرائب المتوجبة عليهم كل عام.
ومع مر السنين تتغيّر ملامح الجنّات الضريبية وقواعدها وعملائها تزامناً مع انضمام دول جديدة إليها وأخرى تخرج منها. واليوم تبقى ولاية ديلوار الأميركية أبرز جنّة ضريبية في العالم مع أنها موجودة في قلب الولايات المتحدة الأميركية التي جنّدت جيوشا من القضاة والخبراء لملاحقة الحسابات المصرفية الخارجية التابعة لرجال الأعمال الأميركيين الذين اختاروا القارة الأوروبية مركزا رئيسيا للإفلات بأموالهم من قبضة مصلحة جباية الضرائب الأميركية. وتعتبر المصارف السويسرية بين تلك التي دفعت ثمنا باهظا مقابل تسهيل إخفاء أموالهم.
مع ذلك، يبدو أن تبادل المعطيات الدولية الذي بوشر العمل به جدّياً قبل ثلاثة أعوام بدأ يعطي ثماره. وحسب الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية خوسيه أنجيل غوريا، برز على السطح 47 مليون حساب مصرفي (أوف شور) منذ عام 2018 لغاية اليوم. وتحتوي هذه الحسابات على نحو 4.9 تريليون يورو، إضافة إلى تريليونات أخرى في حسابات مصرفية خارجية فُتحت في الجنّات الضريبية قبل عام 2018.
ويعتقد الخبراء الألمان في برلين أن التبادل الآلي للمعطيات، بفضل إبرام الدول أكثر من 4500 اتفاقية تعاون بينها، ساعد كثيرا في كشف النقاب عن جبال هائلة من الأموال المخفية في عدد من الدول حول العالم. وتعتبر هذه الاتفاقيات الثنائية أكبر مبادرة في التاريخ ترمي إلى مكافحة التهرب الضريبي.
يقول الخبير الألماني يان كوخ من مصرف «دويتشه بنك»، إن معايير الممارسات المصرفية الجديدة الخاصة بالحسابات المصرفية الخارجية (أوف شور) والأصول المالية التابعة للشركات ورجال الأعمال، كان لها دور قيادي في إدخال 95 مليار يورو إلى الخزائن الضريبية التابعة لدول مجموعة العشرين في الفترة الممتدة بين عامي 2009 و2019.
ويضيف أن إجمالي الجباية الذي وضعت مجموعة العشرين يدها عليه كان أعلى بـ2 مليار يورو، مقارنة بالتقرير الأخير الذي صدر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2018.
ويختم: «زادت الودائع المالية في الجنّات الضريبية بصورة لافتة بين عامي 2000 و2008. ولغاية منتصف عام 2008 وصل إجمالي هذه الودائع إلى 1.6 تريليون دولار. ومنذ عام 2009 تراجعت قوة هذه الودائع 34 في المائة كل عام، أي ما يقدّر بنحو 551 مليار دولار سنويا بما أن الدول المصنفة بالجنّات الضريبية قررت الالتزام بمعايير مصرفية أكثر شفافية من أي وقت مضى. كما آل تعاونها في مجال تبادل المعلومات عن عملاء مصارفها إلى توليد موجة رعب في صفوف المتهربين من دفع الضرائب الذين هربوا بأكثر من 25 في المائة من أموالهم إلى دول أخرى».
وتعلّق الدكتورة أنابيل فان هاتبورغ، الخبيرة في الشؤون الضريبية الدولية، على آخر المعطيات المتعلقة بتحجيم الجنّات الضريبية قائلة، إن الإجماع الدولي على تبادل المعطيات المصرفية عامل جوهري من «شأنه إغناء الخزائن الضريبية للكثير من الدول». لكن، وبما أن الأغنياء ينتمون إلى عدة فئات، لا بد من التمييز بين سلوكياتهم المصرفية الجريئة في الخارج.
وأضافت: «على صعيد ألمانيا، يأبى الأغنياء ممن يمتلكون 50 مليون يورو وما فوق الاستسلام للطوق الذي فرضته عليهم آلية تبادل المعلومات المصرفية». وثمة مجموعة من الدول الأفريقية كما أنغولا تعرض عليهم برامج آمنة لفتح حسابات مصرفية (أوف شور) بعيدة كل البعد عن الرقابة الدولية والحصول على فوائد مغرية جداً على ودائعهم المصرفية قد تتخطى 20 في المائة سنوياً.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في السعودية، في خطوة للاستفادة من التنامي المتسارع في القطاع بالمملكة، في الوقت الذي تمضي فيه «الرياض» لتعزيز محوريتها في هذا القطاع من خلال توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات، وذلك مع ختام اليوم الأول من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات، المنعقدة حالياً في الرياض من 15 إلى 17 ديسمبر (كانون أول) الحالي.

وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، فهد الرشيد، إن اليوم الأول للقمة الدولية للمعارض والمؤتمرات شهد نجاحاً كبيراً، بعد إعلان الاتفاقيات، وإطلاق 12 فعالية جديدة، بالإضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم، ما يعزز مكانة المملكة كواحدة من أهم وجهات قطاع المعارض والمؤتمرات على مستوى العالم.

وأضاف الرشيد أن هذه الإعلانات تؤكد أهمية قطاع المعارض والمؤتمرات، ودوره المحوري كمحفز للتحول، حيث يساهم في التعريف بحجم الفرص غير المسبوقة التي توفرها المملكة سعياً إلى تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، ودور القطاع في استكشاف الأفكار المبتكرة، وخلق فرص الاستثمار، وتعزيز الشراكات الجديدة عبر مختلف قطاعات الاقتصاد.

وأعلنت كل من شركات «RX Global» و«Messe Munich» و«Clarion»، وهي من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في تنظيم الفعاليات، افتتاح مكاتب جديدة لها في المملكة، لدعم خطط نمو قطاع المعارض والمؤتمرات السعودي خلال السنوات العشر المقبلة.

وشهدت القمة توقيع 4 مذكرات تفاهم مع كلٍّ من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة السعودية للسياحة، وصندوق الفعاليات الاستثماري، والمركز الوطني للفعاليات.

وتتواصل فعاليات القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات على مدار اليومين المقبلين، حيث تركز على جهود تحفيز الاستثمار في قطاع المعارض والمؤتمرات، وإنشاء مساحات فعاليات مبتكرة ومستقبلية، ومعالجة مسائل الاستدامة العالمية في القطاع.

يُذكَر أن النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات تقام في مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية «مسك»، بمشاركة أكثر من 1000 من قادة قطاع المعارض والمؤتمرات العالميين من 73 دولة، بهدف إعادة تشكيل مستقبل القطاع.