خوذة علاجية «تعيد تصويب» الدماغ البشري

«التحفيز المغناطيسي الدماغي» طريقة واعدة لعلاج الاكتئاب يلفها الغموض

خوذة «برينز وي» لعلاج الاكتئاب
خوذة «برينز وي» لعلاج الاكتئاب
TT

خوذة علاجية «تعيد تصويب» الدماغ البشري

خوذة «برينز وي» لعلاج الاكتئاب
خوذة «برينز وي» لعلاج الاكتئاب

كانت الأسابيع الماضية صاخبة بالنسبة للطالبة الجامعية الأميركية بري هوشاو، التي يطلق عليها ملايين الأشخاص اليوم لقب الفتاة التي ترتدي خوذة الاكتئاب، إذ تناهت إلى أسماع هوشاو، رغبة أناس كثيرين حول العالم في تجربة هذه الخوذة، أو في معرفة طريقة عملها على الأقل.
وقد تحوّلت حياة هذه الآنسة إلى ظاهرة، عندما وافقت على إجراء مقابلة مصوّرة مع الموقع الإخباري المحلّي «إي زيد فاميلي.كوم» تحت عنوان «خوذة مرخّصة من إدارة الغذاء والدواء لعلاج الاكتئاب متوفرة في أريزونا».
- قصة اكتئاب
اليوم، تجيب بري على القدر المستطاع من الاستفسارات التي تردها، بالتزامن مع إنهاء سنتها الجامعية الأخيرة في جامعة «شمال أريزونا» قبل مباشرة وظيفة في مجال التسويق.
وحتى العام الماضي، لم تكن هذه الشابة نفسها واثقة من أنّها ستعيش حية إلى يوم تخرّجها. وكانت والدتها قد توفيت عندما كانت في العاشرة من عمرها، وظهرت عوارض الاكتئاب عليها، وأخذت في التصاعد منذ ذلك الحين، ولكنّ العوارض سجّلت تطوراً ملحوظاً بعد حادثة إطلاق نار حصلت في الجامعة عام 2015. وجرّبت بري كثيراً من الأدوية خلال تلك السنوات، وصلت إلى 14 دواء وفقاً لحساباتها.
وخلال حديث أجريته معها حديثاً، أخبرتني أنها «بين عامها الخامس عشر وعامها العشرين، كانت شديدة الميول إلى الانتحار، وحاولت إيذاء نفسها أكثر من مرّة»، مما أدّى إلى نقلها إلى المستشفى مراراً، وإلى خسارة ثقتها تدريجياً بالنظام الطبي.
لهذا السبب، عندما سمعت هوشاو بالخوذة التي تعمل على إعادة ربط تشبيكات الدماغ مغناطيسياً، وافقت فوراً على ارتدائها.
- خوذة علاجية
تحتوي الخوذة على وحدات من المغانيط، تسلط طاقتها على العمليات الكهربائية الجارية في الدماغ، في عملية تُعرف بالـ«التحفيز المغناطيسي الدماغي» transcranial magnetic stimulation.
قصدت هوشاو عيادة طبية، وتعرض رأسها لدفقات ونبضات كهربائية استمرت عشرين دقيقة يومياً، كل يوم عمل، على مدار ستة أسابيع.
وقد شبهت المريضة الشعور الذي تعرضت له بأنه مثل شعور «النقر» بقلم الرصاص، إلا أن حزام الذقن في الخوذة كان يدفعها إلى أن تشعر وكأن الخوذة ستفجّر رأسها بالطاقة.
بعد ارتدائها لمرات كثيرة، تقول الفتاة إنّ الخوذة «أنقذت حياتها حقاً».
يعكس الاهتمام الذي حازت عليه قصة هوشاو حقيقة قلّة الأشخاص الذين يتقنون إجراء التحفيز المغناطيسي الدماغي. إذ حتى عندما سألت أطباء أصدقائي عن الأمر، تبيّن أنّ كثيراً منهم لم يسمعوا به قطّ، وأنّ أحداً لم يرَ هذه التقنية مستخدمة إلا في حالات نادرة؛ لأنّها غير معتمدة في خطط العلاج النموذجية.
ولكنّ باحثين كثيرين في بعض المؤسسات الأكاديمية باتوا يأخذون هذه التقنية على محمل الجدّ، فقد أسست جامعة «يال» عيادة لأبحاث التحفيز المغناطيسي الدماغي تقدّم خدماتها في مستشفى «جونز هوبكنز»، كما قدّمت دراسات كثيرة مقترحات لاستخدامات عيادية واعدة، ورد آخرها في عدد سابق من دورية «نيورولوجي»، إلا أنّ الآليات المقترحة لتطبيق هذه التقنية لا تزال غير واضحة.
وأورد تقرير نشر عام 2017 في دورية «نيتشر نيوروساينس ريفيوز» أنّ تقنية التحفيز المغناطيسي الدماغي قد تكون فعالة في حالات علاج الإدمان، من خلال «التأثير على النشاط العصبي في جميع أنحاء الدماغ».
بدورها، اعتبرت مجموعة «مايو كلينيك» أنّه «وعلى الرغم من أنّ السبب البيولوجي لفعالية هذه التقنية لم يتضح بشكل كامل بعد، فيبدو أنّ هذا التحفيز يؤثر على طريقة عمل الدماغ، ويساهم بالتالي في تخفيف عوارض الاكتئاب ويحسّن المزاج».
- تحفيز دماغي
تدّعي مراكز «سيرينيتي منتل هيلث» في أريزونا، والتي زوّدت هوشاو بالعلاج الكهرومغناطيسي، أنّ «الأشخاص المصابين بالاكتئاب يعانون غالباً من تراجع في نشاط بعض المناطق الدماغية، في حين يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري من زيادة في نشاط بعض المناطق، لذا تعمل تقنية التحفيز المغناطيسي الدماغي على تحفيز وإعادة تشغيل هذه المناطق».
تشكّل فكرة تأثيرات هذا الجهاز الدراماتيكية على هيكل أو وظيفة الدماغ نقطة خلافية، رغم التصنيف الذي حصلت عليه من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وفي مارس (آذار) الماضي، أصدرت الإدارة قانوناً اعتبر هذه الخوذة جهازاً طبياً من الصفّ الثاني، إلى جانب كرسي متحرّك وفحوصات خاصة بالحمل، ما يعني أنّ الخوذة آمنة.
استخدمت أولى خوذات التحفيز المغناطيسي الدماغي المرخّصة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية «نيوروستار» NeuroStar لعلاج اضطراب اكتئاب خطير عام 2008. بعدها، حصلت خوذ أخرى على الترخيص وأخذت السوق في الازدهار. وأخيراً قدّمت شركة «برينز وي» BrainsWay التي صنعت خوذة هوشاو عرضها العلني الأوّل. وتجدر الإشارة إلى أنّ «برينز وي» حصلت على ترخيص لعلاج اضطراب الوسواس القهري أيضاً في أغسطس (آب) 2018.
وكمعظم علاجات الطب النفسي، من الضروري جداً أن يظهر المريض أمام العلن، وأن يصدّق أنه يتلقّى علاجاً. وتتسم هذه الآليات وغيرها بالغموض، وتُعرف بتأثيراتها غير الموثوقة، نظراً لتعقيد المرض العقلي والعوامل الكثيرة التي سببته وتساهم في علاجه.
- صدمة كهربائية
إن الفكرة الأساسية لإحداث الصدمة في المنظومة الدماغية بهدف امتثالها، لها جذور عميقة، فمنذ تقديم العلاج بالصدمة الكهربائية لأول مرّة قبل نحو قرن من الزمن، تبيّن أنّ منطلقاته غير موثوقة، ولكنه شديد الفعالية أحياناً لعلاج الاكتئاب الشديد. إلا أنّه يبقى واحداً من أكثر العلاجات إثارة للجدل في الطب، ولا يمارس من قبل معظم الأطباء النفسيين، على الأقل بسبب دلالاته غير المفهومة ونتائجه غير الأكيدة.
يُفترض بالنبضات المشحونة التي ترسلها تقنية التحفيز المغناطيسي الدماغي أن تكون أكثر تركيزاً، وفي الوقت نفسه، شديدة القوة. وفي داخل الخوذة، تتصل مجموعة من الأسلاك المعقودة بمكثفات تمرّر التيارات الكهربائية عبرها على شكل ذبذبات مفاجئة. تولّد هذه الأخيرة تياراً كهربائياً ثانوياً يغيّر الحقول الكهربائية في الدماغ، لتحرير الأعصاب من الاستقطاب وإشعال نشاطها.
وبهذا الشكل، فإن قوة الحاجز الذي تمثله فروة الرأس والجمجمة للعمليات الكهربائية في الدماغ، تشابه قوة جدار يفصلكم عن زميل في العمل، عاجز عن ضبط هاتفه على وضع الصامت. أي أنه ليس حاجزاً منيعاً. لم يتضح حتى الساعة ما إذا كانت تقنية التحفيز المغناطيسي للدماغ ستتسبب في تغيير دائم في عمل الدماغ وكيف ستسببه. عُرضت هذه الفكرة عام 1985 في جامعة «شيفيلد» في إنجلترا على شكل أداة للتشخيص ورسم الخرائط للقشرة الحركية في الدماغ.
يمكن استخدام هذه التقنية للتسبب في رعشة بالساقين، ولكنّ الهدف الأهمّ للعلاج الحالي هو الذهاب أبعد من النشاط القشري العابر، وتعديل التيارات الدماغية بالكامل. وعلى عكس الإجراء الجراحي التدخّلي للتحفيز الدماغي العميق الذي حصل على ترخيص لعلاج أمراض منها الوسواس القهري ومرض باركينسون، لا تتطلّب الخوذة إحداث أي فتحات في الدماغ أو زرع أي أقطاب كهربائية فيه.
لا تتسبب هذه التقنية في أي آلام، ونادراً ما تؤدّي إلى نوبات. (حتى اليوم، تتطلّب هذه الجلسات مراقبة عن كثب من قبل خبير تقني يحمل رخصة، ولا يجدر بمستخدم الخوذة أن يرتديها في العلن، كما أوحت النكات التي انتشرت على شبكة الإنترنت الأسبوع الماضي).
- جدل علمي
يترافق الفهم العلمي الناقص لما يحصل في هذه التركيبات العميقة مع شكوك حول الأجزاء التي يجب تحفيزها في القشرة الدماغية. يقول المنطق الشائع بين ممارسي التحفيز المغناطيسي الدماغي بأن الاكتئاب يحصل في الجهة اليمنى من الدماغ، بينما يحصل القلق في الجهة اليسرى، ما يوجب تركيز طاقة التحفيز في جهة واحدة، بحسب الحالة التي يعاني منها المريض. ولكنني لم أجد أي نص علمي عصبي يدعم نموذجاً علاجياً يركّز على الجهتين معاً.
إلى جانب علاج الاكتئاب والقلق، تعرض مراكز «سيرينيتي منتل هيلث» تطبيق تقنية التحفيز المغناطيسي الدماغي في الحالات التالية: «اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، والإدمان، ومرض ألزهايمر، والقلق العصبي، والتوحد، والاضطراب الثنائي القطب، والألم المزمن، واضطرابات الغذاء، والتصلّب اللويحي، والفصام، وإعادة التأهيل بعد الجلطة الدماغية، وتعاطي المخدرات».
وعلى الرغم من أنّ إدارة الغذاء والدواء منحتها ترخيصاً لعلاج الاكتئاب والوسواس القهري فقط، فإنه يمكن تطبيق هذه المقاربة بشكل قانوني على حالات أخرى، ولكن دون تصريح. وعندما سُئل مطوّر التقنية عن مكان تطبيق تقنية التحفيز في كهرباء الدماغ في الحالات المذكورة، قال إنه طوّر علاجه على أساس التجربة والخطأ، واعتمد على جميع الدراسات الصغيرة التي أجريت على حالة معينة. ومن أهمّ التطبيقات التي استخدم فيها الخبراء هذه التقنية، كان وضع هذه الخوذة على رؤوس أطفال مصابين بالتوحد.

- «أتلانتيك أونلاين»،
خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»