بومبيو يحمّل طهران مسؤولية الهجوم على ناقلتي النفط

طالب مجلس الأمن ببحث السلوك الإيراني

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يتحدث في مؤتمر صحافي حول الهجوم على ناقلتي النفط ببحر العرب أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يتحدث في مؤتمر صحافي حول الهجوم على ناقلتي النفط ببحر العرب أمس (أ.ف.ب)
TT

بومبيو يحمّل طهران مسؤولية الهجوم على ناقلتي النفط

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يتحدث في مؤتمر صحافي حول الهجوم على ناقلتي النفط ببحر العرب أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يتحدث في مؤتمر صحافي حول الهجوم على ناقلتي النفط ببحر العرب أمس (أ.ف.ب)

وجّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الاتهامات بصورة مباشرة إلى إيران بمسؤوليتها عن الهجمات. وقال بومبيو في إفادة صحافية مقتضبة من مقر الخارجية الأميركية: «إيران مسؤولة عن الهجمات التي وقعت عند عمان أمس، وهذا التقييم بناءً على تقييمات أجهزة الاستخبارات ونوعية السلاح المستخدم في الهجوم ومستوى الخبرة المطلوبة لتنفيذ الهجوم والهجمات السابقة على سفن الشحن، وحقيقة أن لا أحد من الوكلاء لإيران لديه القدرة والإمكانات للقيام بعملية معقدة بهذه الدرجة، وهي الهجمات الأخيرة نفذها الحرس الثوري الإيراني ضد مصالح الولايات المتحدة».
وسرد وزير الخارجية الأميركية تصرفات وهجمات إيران خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) فقط، مشيراً إلى أن إيران هددت في الثاني والعشرين من مايو بوقف تدفق النفط من مضيق هرمز، وقال: «الآن إيران تعمل على تنفيذ تهديداتها» وأشار إلى إعلان الحرس الثوري إطلاق صواريخ في أوائل مايو والهجوم على سفن الشحن الأربع قبالة السواحل الإماراتية في 12 مايو، والهجمات على خط النفط الاستراتيجي السعودي في 14 مايو، ثم إطلاق صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد في 18 مايو، وفي 21 مايو تنفيذ هجوم في أفغانستان أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، ومؤخراً قيام الحوثيين بإطلاق صاروخ على مطار أبها بالمملكة العربية السعودية وجرح 26 شخصاً.
وبلهجة حاسمة، قال بومبيو: «كل هذه الهجمات تمثل تهديداً واضحاً للأمن الدولي وتهديداً للملاحة البحرية وحملة غير مقبولة من قبل إيران»، وأضاف: «رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قام بزيارة تاريخية إلى إيران لإقناع النظام بالحديث، لكن القائد الأعلى الإيراني أعلن عدم استجابته، وأهان اليابان بتوجيه هجمة على سفينة النفط اليابانية وتهديد الطاقم الياباني بأكمله».
وانتقد بومبيو تغريدة نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وقال: «وزير الخارجية الإيراني قال اليوم رداً على الهجمات، والشكوك لا تبدأ بوصف ما حدث... والوزير ظريف يعتقد أن الأمر مضحك، لكن لا أحد يعتقد ذلك في كل العالم، وإيران تنتقم لأن النظام الإيراني يريد أن تتوقف حملتنا الناجحة لفرض الضغوط القصوى» وأضاف: «لا عقوبات اقتصادية تبرر للنظام الإيراني مهاجمة المدنيين وتعطيل أسواق النفط والقيام بابتزاز المجتمع الدولي»
وفي إشارة إلى خطوات أميركية قد تتخذها الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، قال بومبيو «يدين المجتمع الدولي اعتداء إيران على حرية الملاحة واستهداف المدنيين الأبرياء، واليوم وجهت السفير الأميركي إلى الأمم المتحدة بطلب عقد جلسة في مجلس الأمن لمناقشة الجهود الدبلوماسية والتهديدات الإيرانية التي أصبحت واضحة أمام أعين كل العالم؛ فإيران تقابل الجهود الدبلوماسية بسفك الدماء».
وأوضح بومبيو: «يجب على إيران مقابلة الدبلوماسية بالدبلوماسية، وليس بالإرهاب وسفك الدماء والابتزاز، إن الولايات المتحدة سوف تدافع عن قواتها ومصالحها، وسوف تقف إلى جانب شركائها وحلفائها لتأمين التجارة العالمية والاستقرار الإقليمي».
وبعد ساعات قليلة من الحادث، قالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض إنه تم إطلاع الرئيس ترمب على الهجمات على السفن في الخليج، وقالت: «الحكومة الأميركية تقدم المساعدة وستواصل تقييم الوضع».
وقال مسؤول بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط»: «نراقب الوضع، ولا نستبعد أي شيء، ومن السابق لأوانه في هذا الوقت المبكر توجيه الاتهام إلى إيران، وعلينا أن ننتظر نتائج التحقيقات».
وانتقد عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي الهجوم على السفن، وقال السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل رئيس مجلس الشيوخ إن الهجوم على السفن في منطقة الخليج يهدد النظام التجاري العالمي ويهدد حركة الملاحة الدولية. وأشارت مصادر أميركية إلى أن الصور الاستخباراتية أشارت إلى وجود نحو 20 سفينة هجومية إيرانية كانت تتحرك عبر مضيق هرمز، بالقرب من المنطقة التي وقعت فيها هذه الهجمات. وتشتبه الدوائر السياسية الأميركية في ضلوع إيران بتلك الهجمات التي تمت بهجوم طوربيد.
في «البنتاغون»، أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أن اجتماعاً عسكرياً عقد، صباح أمس (الخميس)، شارك فيه مسؤولون عسكريون من القيادة الوسطى (سينتكوم)، ورئاسة الأركان العامة لبحث التطورات في منطقة الخليج، بعد الهجوم الذي تعرضت له ناقلتا نفط بالقرب من الشواطئ الإيرانية.
وفيما لم يُشِر «البنتاغون» إلى الجهة التي تقف وراء الهجوم الجديد، أضاف المتحدث أن الاجتماع تناول مراجعة خطط الطوارئ وبحث طريقة التعاطي مع الاعتداءات الإيرانية، بعد الهجمات المتتالية التي شهدتها المنطقة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وكان 26 شخصاً أُصيبوا في مطار أبها السعودي بعد تعرضه، صباح أول من أمس (الأربعاء)، لهجوم بصاروخ موجّه «ذكي» نفذته ميليشيات الحوثيين، حصلت عليه وفقاً لتقديرات عسكرية عدة من إيران.
ونقلت قناة «سي بي إس نيوز» عن مسؤول عسكري رفيع أنه من المرجح أن إيران تسببت في هذه الهجمات، وأشار إلى أن البارجة الأميركية «يو إس إس برانبريدج» قدمت المساعدة وقامت بإنقاذ 21 فرداً من طاقم السفن، نافياً ما أعلنته إيران من إنقاذ طواقم البحارة.
وأشار المسؤول إلى أن التقارير الأولية توضح أن السفن أُصيبت بطوربيد أو لغم بحري، لكن لا يمكن تأكيد هذه المعلومة بشكل صارم في الوقت الحالي.



«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة، تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي، وسط تفاؤل حذر من إمكان أن تسفر المحادثات عن اتفاق، في ظل عقبات رئيسية، مثل البقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي مع غزة ومصر.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم أن يتعامل المقترح المرتقب مع العقبات الرئيسية بحلول قابلة للتنفيذ، حتى لا يذهب أدراج الرياح. وحذروا من تقديم المقترح بصفته حزمة واحدة للقبول أو الرفض، على اعتبار أن نجاح هذه المفاوضات يحتاج إلى مرونة وتقديم تنازلات وتفاهمات حقيقية لتنجح في التطبيق على أرض الواقع دون خروقات.

ومقابل أجواء قتال شديدة في الضفة الغربية بين حركات فلسطينية مسلحة والجيش الإسرائيلي، تراوح محادثات الهدنة الدائرة بين القاهرة والدوحة مكانها. ووسط هذه الأجواء، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي بأن «القضايا محل الخلاف ستترك للنهاية، ومن ثم تقدم الولايات المتحدة على الأرجح اقتراحاً نهائياً محدثاً لطرفي النزاع من أجل اتخاذ قرار»، دون تحديد موعد.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أميركي، لم تسمّه، قوله، الخميس، إن «الوفد الأميركي يستعد لعقد جلسة مفاوضات قمة أخرى هذا الأسبوع، يطرح فيها صيغة نهائية، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا»، لافتاً إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

وكانت المحادثات التي جرت في الدوحة «مفصلة وبناءة مع استمرار المشاورات، والتركيز حالياً على تفاصيل تنفيذ الصفقة لضمان نجاحها»، وفق «أكسيوس»، الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: «إن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الوسطاء القطريين والمصريين، تحاول التوصل إلى اتفاق حول أكبر قدر ممكن من التفاصيل العملية، واستكمال النقاط الناقصة حول الصفقة الشاملة وتقديمها لإسرائيل و(حماس) مرة أخرى بصفتها حزمة واحدة».

ووفق الموقع فإن «القضايا الشائكة، بما في ذلك مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحدود بين مصر وغزة ومراقبة حركة الفلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال، ومطلب زعيم (حماس)، يحيى السنوار أن تؤدي الصفقة إلى إنهاء الحرب، ستؤجل إلى المرحلة الأخيرة من المحادثات».

الدخان يتصاعد بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله قطاع غزة بين عامي 1967 و2005، يبلغ عرضه في بعض الأجزاء 100 متر، ويمتد لمسافة 14 كيلومتراً على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قد ذكر في مؤتمر صحافي، الخميس، أن «المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن بأسرى فلسطينيين تحرز تقدماً».

الأكاديمية المصرية في العلاقات الدولية، نورهان الشيخ، ترى أنه ليست هناك مؤشرات تقول إن ذلك المقترح المحتمل الجديد سيقود لاتفاق، خصوصاً أن نتنياهو لا يبدي أي تراجع، بل فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، وتعدّ الحديث الأميركي المستمر عن التقدم بالمفاوضات، ما هو إلا «حديثاً استهلاكياً للداخل الانتخابي في واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مؤكدة أن «نتنياهو هو العقبة الرئيسية» في إبرام أي اتفاق، ويعمل على إفشال أي خطة تفاوض للحفاظ على منصبه، والمقترح الأميركي قد يواجه المصير ذاته، إلا إذا كانت هناك ضغوط عليه للتراجع.

ويرجح السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أنه إذا لم يكن المقترح المحتمل قادراً على تقديم حلول لإسرائيل و«حماس» سيفشل، وسندور في حلقة مفرغة، لافتاً إلى أن نتنياهو يريد البقاء في قطاع غزة، خصوصاً في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهذا يخالف رغبة «حماس».

ويعتقد أن أهم العقبات التي قد تفشل المقترح الأميركي، عدم الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم والنص على الوقت الدائم للقتال، محذراً من أنه حال عدم التوصل لتفاهمات حقيقية في المقترح الأميركي فقد يقود ذلك لخروقات في التنفيذ واتفاق هش.

وخلال الأيام الأخيرة، تصاعد خلاف «غير مسبوق» أدى إلى «صراخ بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت» خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني، الخميس، وفق ما كشف موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، على خلفية خرائط انتشار الجيش الإسرائيلي بـ«محور فيلادلفيا».

وغالانت الذي رفض تلك الخرائط في الاجتماع، يرى أنه يجب اختيار مسار الاتفاق لتقليل التوترات أو اختيار «التورط في غزة والوصول لحرب إقليمية»، قبل أن يحدث تصويت، وتقر الخرائط بدعم من نتنياهو و7 وزراء آخرين، وتليها احتجاجات من أهالي الرهائن أمام منزل نتنياهو، للمطالبة بعقد صفقة تبادل.

رجل فلسطيني عاد لفترة وجيزة إلى شرق دير البلح وسط غزة لتفقد منزله يشرب الماء وهو جالس فوق بعض الأشياء التي تم انتشالها (أ.ف.ب)

ولا يزال التوصل لاتفاق بغزة، وتهدئة بالضفة والمنطقة، مطلباً ملحاً عربياً وأوروبياً. وجدد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشال، التأكيد خلال اجتماع بأبوظبي، الجمعة، على «أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة العمل على خفض التوتر في الضفة الغربية».

وباعتقاد نورهان الشيخ فإن الخلاف بين نتنياهو وغالانت أو الضغوط الإسرائيلية الداخلية باتا غير مؤثرين في مسار المفاوضات، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن قادر على أن يسيطر على توجهات السياسة في إسرائيل، ونتيجة التصويت على الخرائط كانت لصالحه.

وعدّت أن الضغوط العربية والأوروبية، قد تكون داعمة لمسار جهود الوسطاء، مطالبة بضغوط أميركية حقيقية على نتنياهو لتجاوز العقبات.

بينما أضاف بركات الفرا سبباً آخر لتعنت نتنياهو، وهو «طمأنة إسرائيل» من عدم وجود رد فعال من «حزب الله»، وتراجع ضغوط الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، مؤكداً أنه لا يمكن توقع محادثات جادة والتوصل لنتائج إيجابية إلا لو حدثت ضغوط جادة وحقيقية من المجتمع الدولي وواشنطن.