صراع مكونات كركوك على المحافظ يعطّل تطلعات سكانها

TT

صراع مكونات كركوك على المحافظ يعطّل تطلعات سكانها

ما زال صراع المكونات الثلاثة الرئيسية (الأكراد، العرب، والتركمان) المتواصل في كركوك، يلقي بظلاله الثقيلة على أوضاع المحافظة الغنية بالنفط ويعطل تطلعات السكان الراغبين في الأمن والازدهار الاقتصادي، ومثال ذلك، أن كركوك اليوم، هي المحافظة الوحيدة بين محافظات العراق الـ18 التي لم يتمكن مجلسها حتى الآن من التصويت والمصادقة على موازنتها المالية، رغم مرور نحو 6 أشهر على إقرار الموازنة المالية الاتحادية وتثبيت حصص كل محافظة تبعاً لنسبة سكانها. ذلك، أن مجلسها الذي انفرط عقده في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 بعد قيام السلطات الاتحادية بإخراج قوات البيشمركة منها، لم يتمكن من الاجتماع منذ ذلك التاريخ.
ويقول المتحدث باسم المجلس العربي في محافظة كركوك حاتم الطائي، إن «الحكومة الاتحادية دعت مجلس كركوك إلى الانعقاد في بغداد للتصويت والمصادقة على موازنة المحافظة في غضون الأيام القريبة المقبلة». ويضيف الطائي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «محافظ كركوك الحالي راكان الجبوري طلب من الحكومة الاتحادية إيجاد حل لمسألة المصادقة على موازنة المحافظة، فطلبت رئاسة من أعضاء مجلس كركوك عقد الاجتماع في بغداد والتصويت على الموازنة، وإن لم يفعل فستقوم الرئاسة باستثناء كركوك من شرط مصادقة مجلسها على الموازنة».
ويرى الطائي أن «التعقيد الحاصل في كركوك ناجم في الجانب الأكبر منه من عدم اتفاق القوى الكردية أساساً، وليس متعلقاً فقط بتمسك العرب والتركمان بمنصب المحافظ، نعم الجميع يريد هذا المنصب لكن القصة مرتبطة بصراع القوى الكردية فيما بينها». ويضيف: «قائمة التآخي الكردية لها 26 من أصل 41 مقعداً في مجلس المحافظة، ومن حقها الاجتماع واختيار محافظ من الأكراد، لكن المشكلة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي له 15 مقعداً لا يريد أن يعطي منصب المحافظ لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي له 11 مقعداً فقط، لذلك فالمجلس معطّل منذ 16 أكتوبر 2017 ولحد الآن».
ويلفت الطائي إلى أن «العرب والتركمان ربما لا يمانعون في تعيين محافظ كردي في حال بقاء السلطات الأمنية في المحافظة تحت قيادة الحكومة الاتحادية وليست خاضعة لسيطرة قوات الأمن الكردية والآسايش (الأمن الكردي) كما كان سابقاً، هم يعتقدون أن الإدارة شيء وتكريس الهيمنة الكردية الحزبية على المحافظة شيء آخر». واستبعد الطائي عملية «اختيار محافظ جديد خلال الفترة القريبة المقبلة ورجّح بقاء الحال لأشهر وربما لحين إجراء الانتخابات المحلية في العام المقبل».
كانت مصادر الاتحاد الوطني الكردستاني قد كشفت قبل يومين عن تشكيل لجنة ثلاثية تضم كلاً من النائب الأول لسكرتير الاتحاد كوسرت رسول، والنجل الأكبر لزعيم الحزب السابق بافل طالباني، وعضو المكتب السياسي أرسلان بايز، للتفاوض مع الحزب الديمقراطي الكردستاني لحل عقدة منصب محافظ كركوك. وذكرت المصادر أن حزب «الاتحاد» رشح شخصيتين فقط لتولي منصب محافظ كركوك، هما النائب السابق خالد شواني، والمدير السابق لشرطة كركوك اللواء جمال طاهر.
ويقر مصدر مقرب من الاتحاد الوطني الكردستاني بوجود مشكلات مع «الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني. ويستبعد المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إمكانية «قبول الحزب الديمقراطي باختيار محافظ لكركوك من حزب الاتحاد، لأنه لا يريد أن يدعم ويقوّي الاتحاد في معقله الرئيس محافظة كركوك». ويؤكد المصدر أن «الحزب الديمقراطي صار يفضل التعامل مع القوى القوية في كركوك وغيرها من المناطق، على أن يتحالف مع غريمه اللدود حزب الاتحاد، لذلك نراه قد تحالف مع قوى (الحشد الشعبي) في محافظة نينوى وضَمِن لها منصب المحافظ هناك، في مقابل أن تضمن له تلك القوى مصالحه وتسعى لحل مشكلاته الكثيرة مع بغداد».
وكان عضو حزب الاتحاد الكردستاني هدايت طاهر، قد قال في تصريحات إن «الحزب الديمقراطي يريد محافظاً لكركوك على مقاساته ولا يريد مرشحاً من حزب الاتحاد».
وليس من الواضح ما إذا كان تنصيب نيجيرفان البارزاني رئيساً لإقليم كردستان سيسهم في حل عقدة كركوك ونزع فتيل المشكلات، سواء بين الأكراد وشركائهم العرب والتركمان أو بين الأحزاب الكردية.
إلى ذلك، قال العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبد الله إن المشكلات في كركوك تنقسم إلى قسمين، «أحدهما يتعلق بـ(داعش) الذي يلملم شتاته وينشط في مناطق جنوبي كركوك والمناطق الأخرى، وآخر يرتبط بمسلحي (الحشد الشعبي) الذين يقومون بنهب وسرقة ممتلكات المواطنين الكرد في المدينة». وقال عبد الله في تصريحات نقلها عنه موقع «الحزب الديمقراطي» إن «عناصر (داعش) متوغلون في المؤسسات الحكومية ويتم ذلك بمساعدة ودعم المحافظ المفروض على المحافظة، والمخاطر كبيرة الآن على كركوك وأطرافها».
ونفى مصدر مسؤول في محافظة كركوك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» جملةً وتفصيلاً تصريحات شاخوان عبد الله، ورأى أن تلك «التصريحات تأتي في سياق لفت الأنظار عن مشكلة عدم تسليم الإقليم الحصة المقررة من النفط للحكومة الاتحادية كما أعلن عن ذلك بوضوح رئيس الوزراء».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.