بعد 10 دقائق من انفجار سيارة مفخخة في شارع السعدون وقريبا من فندقي «كريستال غراند عشتار» (شيراتون) سابقا، و«فلسطين ميريديان» وسط بغداد، ليلة أول من أمس، وصل موكب عرس (زفة حسب التسمية العراقية) إلى فندق «كريستال»، بينما شوارع بغداد، ومنها شارع السعدون الذي كانت قد وقعت فيه 3 انفجارات في الليلة ذاتها، كان يزدحم بالعشرات من السيارات المزينة بالأشرطة الملونة والورود التي تقل العرسان والمحتفلين معهم لتشكل ما يشبه مهرجانا تلقائيا ينتصر للحياة ضد الموت واليأس، إذ ارتفعت أصوات الموسيقى الشعبية المرافقة لهذه المواكب لتمحي من الذاكرة الجمعية دوي الانفجار الذي هز الفندق الذي أقيم فيه.
العروس التي وصلت بعيد انفجار السيارة المفخخة بدا عليها، وبالتأكيد، الهلع «كانت المسافة التي تفصلنا عن موقع الانفجار قريبة» قال أحد مرافقي العروسين، لكن هذا لم يمنع المحتفلين من نساء وأطفال ورجال ارتدوا أجمل ما عندهم من الرقص على أنغام فرقة للموسيقى الشعبية وقفت عند بوابة فندق «غراند عشتار» منذ وقت مبكر من مساء يوم الخميس، حيث تكثر حفلات الزواج، ومهمة هذه الفرقة، وفرق أخرى توزعت عند بوابات فنادق بغداد، هي استقبال العرسان مقابل ما تدفعه عوائل ومرافقي المتزوجين توا ودون اتفاق مسبق على التسعيرة.
ولاحظت «الشرق الأوسط» أن الفاصل الزمني بين وصول موكب عرس وآخر إلى بوابة فندق (كريستال غراند عشتار) مثلا، وفندق ميريديان الذي يقابله تماما لا يزيد عن الخمس دقائق. والساحة التي تربط بين الفندقين مزدحمة، كما هي شوارع بغداد، بالمئات من المحتفلين غير آبهين بأصوات الانفجارات. أحد العرسان الذي كان يقف إلى جانب عروسته في فناء الفندق الفخم ذات النجوم الخمس لالتقاط الصور التذكارية قرب منحوتة (عشتار) للنحات العراقي الشهير الراحل، محمد غني حكمت، قال لـ«الشرق الأوسط» هي «معركة بيننا وبين الإرهابيين، هم يريدوننا أن نيأس من الحياة ونستسلم للحزن ونحن نريد أن تنتصر أفراحنا وتستمر حتى يتوقفوا عن زرع الموت في شوارعنا،» مشيرا إلى أنه «لم أخطط لتأجيل حفل عرسي بسبب التفجيرات أو لأي سبب يفرضه علينا الإرهابيون» وقال: «لسنا وحدنا من يفعل ذلك، انظر للشوارع، هناك المئات من مواكب الأعراس اليوم».
والدة العروس التي تجاوزت الستين من عمرها كانت تطلق الهلاهل (الزغاريد) وهي سعيدة، قالت: «إذا نريد أن نخاف من التفجيرات فهذا يعني أن لا نزوج بناتنا وأبناءنا ونسجن أنفسنا في بيوتنا»، وأردفت: «إذا صار الانفجار قربنا ومتنا فهذا مكتوب لنا وإذا لا فهذا يعني أن الله يريدنا أن نعيش». ليلة أول من أمس هزت بغداد سلسلة من التفجيرات، أحدها عند ساحة عبد المحسن الكاظمي في مدينة الكاظمية شمال العاصمة العراقية، والآخر في حي الكرادة قرب فندق بابل، وثلاثة تفجيرات في شارع السعدون، مستهدفة مواكب الأعراس لقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء، لكن مواكب الفرح مرت ووصلت إلى أهدافها بسلام.
بعد دقائق قليلة من حدوث انفجار شارع السعدون هب الناس إلى موقع الانفجار ليعاينوا ما حدث، بل إنهم وصلوا قبل وصول الأجهزة الأمنية وسيارات الدفاع المدني، وسرعان ما عادت حركة السيارات إلى الشارع وكأن شيئا لم يكن.
يقول رجل الأعمال العراقي أحمد الطائي، الذي يستثمر فندق «كريستال غراند عشتار» (شيراتون) سابقا إن «عدد حجوزات الأعراس في الغرف أو قاعات الفندق يزيد عن الستين أسبوعيا، فمثلا كان هناك 30 حجزا للأعراس (أول من أمس)، واليوم (أمس) يوجد 30 عرسا، وعادة تتم حفلات الزواج أو الأعراس ببغداد خاصة والعراق عامة خلال أيام الاثنين والخميس والجمعة لأن العراقيين يتفاءلون خيرا بهذه الأيام، وخصوصا يومي الخميس والجمعة»، مشيرا إلى أن إدارة فندقه تمنح خصومات وامتيازات في استقبال وضيافة وأجور غرف العرسان تشجيعا لاستمرار مواكب الأفراح».
وأضاف الطائي قائلا: «هناك احترازات أمنية مشددة عند بوابات الفنادق في عموم بغداد، خصوصا الفنادق الكبرى فئة خمسة نجوم حفاظا على أرواح نزلائنا وضيوفنا، وخلال أيام استقبال مواكب الأعراس تفرض إجراءات أمنية أكثر تشديدا، وذلك بزيادة عدد أفراد حماية الفندق، والحمد لله لم يحدث أي طارئ يعكر صفو احتفالات العرسان ومرافقيهم».
وعن ظاهرة تحدي العراقيين عامة، والبغداديين خاصة للانفجارات، قال الطائي «أنا ابن هذه المدينة، ولبغداد سر يجعلها حيوية دائما ولا تخنع لمن يريد أن يخربها أو يقتل أبناءها، وهي كذلك منذ مئات السنين حيث غزاها التتر بقيادة هولاكو وخربوها لكنها عادت زاهية من جديد، وأصاب سكانها وباء الطاعون الذي حصد من أهل بغداد المئات، وعادت المدينة معافاة، وأغرقتها مياه دجلة لمرات كثيرة وصمدت بوجه المد الجارف». ويعبر عن أسفه قائلا: «نحن نحزن وبشدة للأرواح البريئة التي تحصدها هذه التفجيرات الإرهابية، لكننا نواصل حياتنا بصورة طبيعية ونعطي رسالة للإرهابيين بأن بغداد وأهلها أقوى من جرائمهم».
في العاصمة العراقية تتأكد أن الحياة والموت حسب الحظ، سيارة تنفجر هنا لتقتل من هم حول مكان الانفجار، وبعيدا عن هذا الموقع بقليل ينجو آخرون لسبب بسيط أنهم لم يكونوا قرب السيارة المفخخة، هذا كل شيء ببساطة.
8:9 دقيقه
مواكب الأعراس تزين شوارع بغداد وفنادقها على الرغم من السيارات المفخخة
https://aawsat.com/home/article/175881
مواكب الأعراس تزين شوارع بغداد وفنادقها على الرغم من السيارات المفخخة
{الشرق الأوسط} ترصد أفراح العاصمة العراقية وأتراحها في ليلة التفجيرات
- بغداد: معد فياض
- بغداد: معد فياض
مواكب الأعراس تزين شوارع بغداد وفنادقها على الرغم من السيارات المفخخة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

