قائد الجيش اللبناني يؤكد الاستعداد لمواجهة أي خطر بعد عملية طرابلس

قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال لقائه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار أمس (موقع الجيش اللبناني)
قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال لقائه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار أمس (موقع الجيش اللبناني)
TT

قائد الجيش اللبناني يؤكد الاستعداد لمواجهة أي خطر بعد عملية طرابلس

قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال لقائه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار أمس (موقع الجيش اللبناني)
قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال لقائه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار أمس (موقع الجيش اللبناني)

لا يزال الهجوم الذي تعرض له الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي يرخي بظلاله على مدينة طرابلس التي غابت عنها أجواء عيد الفطر المبارك وطغى الخوف على حياة أبنائها محاولين تجاوزها بحذر، في وقت استمرت الدوريات والإجراءات الأمنية المكثفة في المدينة.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية إن بلاده تدين وتستنكر الهجوم الإرهابي المسلح الذي وقع في مدينة طرابلس اللبنانية، واستهدف مراكز تابعة للجيش ولقوى الأمن الداخلي، مقدماً العزاء والمواساة لذوي الضحايا وللحكومة والشعب اللبناني الشقيق، متمنياً للجرحى الشفاء.
وأكد قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس بعد لقائه مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار أن الجيش سيبقى في جاهزية تامة لمواجهة أي خطر يهدّد أمن لبنان وسلمه مهما بلغ حجم التضحيات، فيما شدّدت مصادر أمنية وعسكرية على أن الأمور تحت السيطرة ولا خوف من عودة الوضع الأمني إلى ما كان عليه قبل سنوات، من دون أن تنفي أن مراقبة وملاحقة ما يعرف بـ«الذئاب المنفردة» على غرار عبد الرحمن المبسوط الذي نفذ عملية طرابلس وأدت إلى مقتل أربعة عناصر قبل أن يعود ويفجّر نفسه، ليستا بالمهمتين السهلتين وقد يصعب السيطرة عليها بشكل كامل. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»: «التحقيقات لا تزال مستمرة ولا معطيات جديدة حول العملية أو ارتباط المبسوط بمجموعات أخرى». مشيرة في الوقت عينه إلى أنه تمت إعادة النظر في الإجراءات التي كانت متخذة في الفترة الأخيرة في عاصمة الشمال وفي مختلف المناطق اللبنانية والوضع تحت السيطرة. وشدّدت المصادر على التنسيق الدائم والمستمر بين الأجهزة الأمنية بعيدا عن السجالات السياسية في الأيام الأخيرة والدليل على ذلك السرعة في الحسم التي ظهرت في التعامل مع عملية طرابلس.
وقال القيادي في «تيار المستقبل» في طرابلس، مصطفى علوش، إن «العيد انكسر في طرابلس». مشيرا في الوقت عينه إلى أنه لا مؤشرات لعودة الوضع الأمني في المدينة إلى ما كان عليه في السابق.
وعن ارتباط الأجواء السياسية المتوترة في الفترة الأخيرة بما حصل في طرابلس أو إمكانية انعكاسه سلبا على الأوضاع في لبنان، قال علوش لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك في أن سجالات واستفزازات كتلك التي تستهدف بشكل خاص الطائفة السنيّة لا تساعد على التهدئة وخاصة تلك التي تصدر من قبل بعض (المتطرفين) من التيار الوطني الحر، بل قد تعكس مزيدا من التوتّر والتشنّج وردود الفعل السلبية».
ومع تسجيل تراجع في حدة السجالات بين الطرفين أمس، كان موقف لرئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي دعا في تغريدة على «تويتر» إلى الكف عن تعميم نظريات الحقد والكراهية تجاه السنة. وقال: «الإرهاب لا دين له ولا هوية ومحاربته تكون في رفع الظلم عن الموقوفين (الإسلاميين) ومحاكمتهم وإنصافهم، وفي مشاريع حقيقية للتنمية في الشمال لا وهمية وفي تحسين أوضاع السجون».
وبعدما أعادت عملية طرابلس الحديث عن مصير اللبنانيين الذين قاتلوا في سوريا إلى جانب تنظيم «داعش» والتنظيمات الإرهابية، أشارت مصادر عسكرية إلى أنه كان هناك حذر ومخاوف من عودة هؤلاء إلى لبنان وتنفيذهم عمليات «ذئاب منفردة» بعدما بات من الصعوبة عليهم القيام بعمليات كمجوعات نتيجة الإجراءات والمراقبة المشددة التي يخضعون لها.
ومع عدم وجود عدد دقيق لأعداد هؤلاء المقاتلين ومصيرهم، تشير المصادر إلى أن هناك إجراءات دقيقة ودائمة لضبط الحدود ومنع مرورهم لكن تبقى بعض الممرات التي يصعب السيطرة عليها بشكل كامل، علما بأن عددا من هؤلاء المقاتلين موقوفون في السجون اللبنانية وقد صدرت أحكام بحق عدد كبير منهم.
وأمس تفقد قائد الجيش الوحدات العسكرية المنتشرة في طرابلس والتقى مفتي المنطقة الشيخ مالك الشعار شاكرا إياه على مواقفه الداعمة للجيش، فيما أكد المفتي أن «الجيش هو العمود الفقري للبنان، وبفضله ينعم لبنان بالاستقرار»، مشيراً إلى أن الوضع الأمني دقيق ويجب متابعته وأن الإرهاب مرفوض ومنبوذ. ونوّه بالسرعة والحرفية التي تميّز بها الجيش في تدخّله ووضع حد للإرهابي.
وشدّد الشعّار على أن الانتماء يجب أن يكون للوطن فقط، أما الدين فهو علاقة خاصة بين الإنسان وربّه، مؤكدا أن «هناك إجماعا شعبيا حول الجيش، على أمل أن يحظى أيضاً بإجماع من قبل أركان الدولة».
والتقى عون الضباط والجنود ونوّه بجهودهم التي أدّت إلى حسم الوضع بأقل أضرار ممكنة دون المسّ بالمدنيين رغم سقوط الشهداء العسكريين الأربعة. وأشاد بسرعة التدخّل التي أدّت إلى محاصرة الإرهابي الذي تحصّن في إحدى الشقق السكنية ما دفعه إلى تفجير نفسه، مشيراً إلى أن «الضريبة كانت غالية لكنها شرف لنا، فنحن نفتخر بشهدائنا ولن ننساهم أبداً».
وشدد العماد عون على أن الجيش سيبقى في جاهزية تامة لمواجهة أي خطر يتهدّد أمن لبنان وسلمه مهما بلغ حجم التضحيات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.