استطلاع «الشرق الأوسط»: الأفضل والأسوأ في دراما رمضان 2019

نجوم يخسرون الرهان وشبان يحتلون المقدمة في مصر

حنان مطاوع في «لمس أكتاف»
حنان مطاوع في «لمس أكتاف»
TT

استطلاع «الشرق الأوسط»: الأفضل والأسوأ في دراما رمضان 2019

حنان مطاوع في «لمس أكتاف»
حنان مطاوع في «لمس أكتاف»

هيمن الغياب على الساحة الدرامية المصرية في شهر رمضان 2019 بأكثر مما أثر الحضور، في موسم خلا من إطلالات فنانين كبار اعتادوا على أن يتركوا بصماتهم المؤثرة في موسم الدراما الأهم على مدى أعوام خلت. غياب عادل إمام ويحيى الفخراني، ويسرا، وليلى علوي، ونيللي كريم، كان له مردود سلبي في الموسم الدرامي بـ2019، إذ تعرضت مسلسلاته لانتقادات حادة من الجمهور، بينما وصفه النقاد بأنه «الأسوأ»، في السنوات الأخيرة، وأرجعوا أسباب ضعفه إلى تخفيض الميزانيات وتكثيف أيام التصوير.
«الشرق الأوسط» استطلعت آراء 10 نقاد فنيين مصريين لتقييم الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2019 وتباينت آراء النقاد حول أفضل ممثل وممثلة، وأفضل عمل. بينما اتفقوا جميعاً على أن هذا الموسم كان الأسوأ على المستويات كافة.
- موسم متواضع ومحبط
الناقد محمود عبد الشكور، يرى أن الموسم الدرامي كان باهتاً ومتواضعاً لدرجة الإحباط على المستوى الفني، مقارنة بالموسم الماضي الذي كان يضم نحو 5 مسلسلات مهمة على الأقل، فهذا العام لا يوجد عمل كبير يمكن مقارنته بمسلسلات مثل «أفراح القبة» و«هذا المساء».
عبد الشكور، اختار 3 مسلسلات في فئة الأفضل فنياً... الأول «بركة»، مؤكداً أن فكرته جديدة وغير تقليدية، يضاف إلى ذلك أن تفاصيله مصرية، وهذا يميزه عن المسلسلات الموجودة، التي تشعر بأنك تشاهد مسلسلات مترجمة. أما المسلسل الثاني فهو «قابيل»، الذي ينتمي للدراما التشويقية البوليسية التي يتقن صنعها الأجيال الجديدة، لكنه أيضاً لا يخلو من آفة المط والتطويل التي أصابت كل المسلسلات. أما المسلسل الثالث في فئة الأفضل حسب عبد الشكور هو «زي الشمس»، موضحاً أنه مصنوع بشكل معقول واستطاع أن يجذب المشاهدين، رغم أن قصته كان يمكن تقديمها في أسبوع فقط، فالعلاقات فيه محدودة جداً، عكس المسلسلات المأخوذة عن فورمات أجنبي ونجحت المواسم الماضية مثل «جراند أوتيل» و«ليالي أوجيني».
وفي فئة أحسن تمثيل، قال «عبد الشكور»، إن الفنان عمرو سعد، يستحق أن يكون الأفضل بين الممثلين الرجال، لقدرته على الإمساك بتفاصيل الشخصية الصعيدية خفيفة الظل، وعلى مستوى النساء، الأفضل في الموسم هي حنان مطاوع التي قدمت شخصية مميزة في «لمس أكتاف»، وهالة صدقي التي قدمت دور الأم بشكل جيد جداً في «بركة».
أما أفضل مخرج فذهب ترشيح عبد الشكور، إلى كريم الشناوي، مخرج «قابيل»، فيما كان السيناريو الأفضل من وجهة نظر محمود عبد الشكور، سيناريو مسلسل «بركة» الذي كتبه محمد الشوّاف، موضحاً أنه كان الأكثر تماسكاً، وتعبيراً عن التفاصيل المصرية.
- موت الخيال الدرامي
الناقد طارق الشناوي قال أيضاً، إن هذا الموسم هو الأضعف على الإطلاق، فكل عام كان ينتج مسلسلات فارقة في حياة المشاهدين، يضبطون عليها مواعيدهم في رمضان، لكن هذا العام لم يستطع أي مسلسل أن يستحوذ على المشاهدين، أو يسرق مشاعرهم، مؤكداً على أن هذا الموسم أعلن فيه موت الخيال الدرامي، فرغم وجود محاولات مثل «زي الشمس»، و«قابيل» لكنها ينقصها قوة المغامرة مثل كما مسلسل «واحة الغروب»، و«هذا المساء»، أيضاً كانت جميع الأعمال الكوميدية مهزومة، حسب «الشناوي»، مشددا على أن صناعها قطعوا الخط الفاصل بين الكوميديا والتهريج، واصفا محاولة دنيا سمير غانم في «بدل الحدوتة 3» بغير المكتملة.
وأكد «الشناوي» أن «زي الشمس»، و«قابيل» هما الأفضل هذا العام، فالأول شهد مباراة في التمثيل الطازج بين أبطاله، وهذا يحسب للمخرجة كاملة أبو ذكري التي اختارت فريق العمل قبل أن تنسحب ويحل بدلا منها المخرج سامح عبد العزيز، والثاني استطاع مخرجه الشاب كريم الشناوي، أن يشعر المشاهد بأن هناك نفسا وفكرا في صناعة المسلسل.
واختار «الشناوي» محمد ممدوح ليكون أفضل ممثل، مؤكدا أنه ممثل حقيقي وحضوره طاغٍ أمام الكاميرا، أما أحسن تمثيل من النساء فرشح الشناوي كلاً من دينا الشربيني وحنان مطاوع وريهام عبد الغفور، وسوسن بدر.
وقال طارق الشناوي، إن هناك أكثر من ممثل أخفق هذا العام ويجب أن يعيد أبطالهما حساباتهم في تجاربهم القادمة، وهم علي ربيع في «فكرة بمليون جنيه»، وحسن الرداد في «الزوجة 18»، وأحمد فهمي في «الواد سيد الشحات»، ناصحا الثلاثة بتغيير طريقة التفكير والحرص على ضبط الموجة مع الجمهور.
- رمانة الميزان مفقودة
الناقد خالد محمود، قال إن سباق رمضان 2019 افتقد لنجوم كانوا يمثلون رمانة الميزان للموسم مثل يسرا ونيللي كريم ويحيى الفخراني وعادل إمام ويوسف الشريف، هؤلاء النجوم كانوا يحققون حالة زخم كبيرة للموسم الرمضاني، فكانوا الواجهة المشرقة للدراما، ويجذبون مخرجين ومؤلفين على مستوى متميز عكس ما حدث في موسم رمضان هذا العام.
يرى محمود، أن محمد رمضان وأمير كرارة وياسر جلال لم يكن لهم نفس بريق الأعوام السابقة، حتى إن تجربة «حكايتي» التي كان عليها رهان هذا العام لم تترك البصمة المطلوبة، ويبقى أحمد السقا الوحيد من بين النجوم الرجال الذي استفاد هذا الموسم، فرغم أن الفنان محمد ممدوح يمتلك موهبة تميزه، فإنها لم تكن كافية لظهوره بشكل براق في «قابيل».
وأضاف محمود، أن هذا الموسم بشكل عام، خلا من الحصان الرابح، حتى إن محمد رمضان نجح في الإعلان الذي قدمه أكثر من مسلسل «زلزال». أيضاً مصطفى خاطر رغم أن بدايته كانت مبشرة كنجم جماهيري لكنه لجأ في «طلقة حظ» إلى الاستسهال من أجل التواجد، وعليه أن يعيد حساباته في أعماله القادمة. وربما كانت تجربة «زي الشمس»، حسب محمود، هي الأكثر نضجاً من حيث الدراما، وفتحت المجال لظهور جميع الأبطال بشكل جيد، وكان طبيعيا أن تكون بطلته دينا الشربيني أكثر المستفيدين على مستوى البطولة النسائية.
أما بالنسبة للمسلسلات الكوميدية، فأكد محمود، أنها كانت وجبة مسلية للأطفال، مثل «سوبر ميرو» أو «بدل الحدوتة 3»، لكنها بشكل عام لم تترك انطباعاً جيداً، كما كان الأكشن ساذجاً هذا الموسم في مسلسلات «كلبش» و«هوجان».
أما ياسمين عبد العزيز، فيحسب لها الدخول في منطقة جديدة بمسلسل «لآخر نفس»، غيرت فيه جلدها لكن المسلسل لم يحظى بنسب مشاهدة تذكر.
- هجوم مبكر
الناقد محمد عبد الرحمن، قال إن موسم دراما رمضان 2019 تعرض لحملة هجوم مبكرة جعلت الكثيرين يستسهلون التعميم بأنه كان موسماً سيئاً، فرغم وجود أعمال أقل من المستوى المتوقع، لكنه أيضاً كان يضم أعمالاً جيدة، ونجوماً ربحوا الرهان، منهم محمد إمام الذي استطاع بمسلسل «هوجان» أن يسجل نفسه بين نجوم رمضان، وسيكون في مقدمة الحسابات العام القادم، وكذلك الفنان محمد فراج في «قابيل»، وأحمد السقا الذي كان مفاجأة في «ولد الغلابة» رغم كثرة الجدل حول جودة ومصداقية القصة. أيضاً الفنانة دينا الشربيني، تألقت في هذا الموسم بمسلسل «زي الشمس».
أما على مستوى الدور الثاني، فأكد عبد الرحمن، أن الفنان فتحي عبد الوهاب تألق في «لمس أكتاف» ومحمود البزاوي في «الزوجة 18»، وكذلك محمد عبد الرحمن عن دوره في «الواد سيد الشحات»، وكريم عفيفي في «ولد الغلابة»، وهناك ثلاث ممثلات يستحققن أفضل ممثلة دور ثان، هن حسب عبد الرحمن: ريهام عبد الغفور في «زي الشمس»، وحنان مطاوع في «لمس أكتاف»، وأسماء أبو اليزيد في «هوجان».
أما أحسن مسلسل من وجهة نظر «عبد الرحمن»، كان «قابيل و«زي الشمس»، مشيراً إلى أن أحسن سيناريو في الموسم من نصيب محمد صلاح العزب عن مسلسل «هوجان»، فيما يبقى المخرج كريم الشناوي، هو الأفضل عن مسلسل «قابيل».
- فوضى التأليف
الناقدة ماجدة موريس، قالت إن معظم المسلسلات فيها فوضى في السيناريو والتتابع والإخراج، فنصوص غالبية المسلسلات ضعيفة، كما أن عددا قليلا من المخرجين فقط كانوا قادرين على تنفيذ المسلسلات بشكل جيد، مؤكدة على أن «زي الشمس»، من الأعمال القليلة المكتوبة بشكل جيد، ويتميز بوجود بناء درامي، والاختيارات الجيدة للممثلين، لذلك يعد من أكثر الأعمال التي تقترب من الاكتمال من وجهة نظرها، مضيفة أن مسلسل «قابيل» الوحيد الذي كان واضحاً فيه وجود مخرج خلف الكاميرا لديه وجهة نظر.
واختارت «موريس» الفنان محمد ممدوح ليكون أفضل ممثل دور أول عن مسلسل «قابيل». وفي الأدوار الثانية، رشحت كلاً من أحمد داود وأحمد السعدني في «زي الشمس»، وعلي الطيب في «قابيل»، وفتحي عبد الوهاب في «لمس أكتاف». أما أحسن ممثلة فأكدت «موريس» أنها تنحصر بين ريهام عبد الغفور، ودينا الشربيني في «زي الشمس»، وياسمين عبد العزيز في «لآخر نفس»، وأمينة خليل في «قابيل».
-محاكمة الكوميديا بتهمة «ثقل الظل»
الناقدة حنان شومان، قالت إن رمضان 2019 من أسوأ المواسم الدرامية المصرية، فكان هناك طموح مع قلة الإنتاج مقارنة بالمواسم السابقة أن تكون الأعمال أكثر جودة، لكن كانت النتيجة مخيبة للآمال، مشيرة إلى أن هناك 4 مسلسلات كانت بدايتها مبشرة هي: «ولد الغلابة»، و«زلزال»، و«قابيل»، و«زي الشمس»، ولكنهم للأسف لم يستمروا بالقوة نفسها حسب «شومان» التي اختارت مسلسل «زودياك» ليكون الأفضل في السباق.
أفضل تمثيل رجال من وجهة نظر حنان شومان، كان أحمد السقا في بداية السباق لأنه الوحيد من الممثلين الذي استطاع تغيير جلده، ويحقق نوعاً من الدهشة بالنسبة للأداء، لافتة إلى أنها مع استمرار عرض الحلقات غيرت رأيها لتختار بدلاً منه فتحي عبد الوهاب في «لمس أكتاف»، مؤكدة على أن ممثلين الأدوار الثانية هم الأفضل بشكل عام في موسم رمضان، وأنه ليس شرطاً أن يتم اختيار الأفضل من الأبطال الرئيسيين للمسلسلات، فياسمين صبري على سبيل المثال لم تكن موفقة في البطولة المطلقة.
وأكدت «شومان»، أن حنان مطاوع هي الأفضل من بين النساء عن دورها في «لمس أكتاف»، وكذلك ريهام عبد الغفور في «زي الشمس».
- الاقتباس وعدم التعبير عن المجتمع
الناقدة ماجدة خير الله، قالت إن معظم مسلسلات الموسم دون المستوى المطلوب، فكان المميز قليلا جدا، مؤكدة على أن «قابيل» و«زي الشمس»، هما الأفضل مع الوضع في الاعتبار أنهما مقتبسان بعناية من أعمال أجنبية، وأحداثهما لا تعبر عن الواقع المصري، لكن هذا لا ينفي أنهما الأصدق، وبهما مساحة إبداع كبيرة، ورفع من شأنهما الأداء التمثيلي والإخراج الجيد.
وأوضحت خير الله، أن محمد فراج ومحمد ممدوح هما الأفضل في التمثيل عن دورهما في «قابيل»، وكذلك أحمد السعدني وريهام عبد الغفور في «زي الشمس»، أما أحسن إخراج فيستحقها عن جدارة كريم الشناوي عن مسلسل «قابيل» حسب «خير الله»، التي أكدت أيضا أن الأعمال الكوميدية، كانت سيئة جداً، ولا يوجد منها ما يرقى لاختياره الأفضل.
- الحصان الأسود
الناقد نادر عدلي، يرى أيضاً أن رمضان 2019 كان من أضعف المواسم الدرامية منذ سنوات طويلة على كل المستويات، مشيراً إلى أن أحسن مسلسل من وجهة نظره هو «قابيل»، لما فيه من سيطرة واضحة للمخرج كريم الشناوي على أدواته، وإيقاع الممثلين والمسلسل بشكل عام، ويعتبره مفاجأة هذا الموسم والحصان الأسود له.
ورشح نادر عدلي الفنان محمد ممدوح، ليكون أحسن ممثل في الموسم، عن دوره في المسلسل نفسه، مؤكداً أنه لم يضاهيه أحد، رغم مشكلة التنفس التي يعاني منها، وعلى مستوى البطولات النسائية قال «عدلي» إن الأفضل هما حلا شيحة وياسمين عبد العزيز، فالأولى ممثلة جيدة استطاعت تقديم شخصية «صافية» في مسلسل «زلزال» بشكل محكم رغم أنها غائبة عن التمثيل منذ ما يقرب من 13 سنة.
وأكد عدلي أن «بدل الحدوتة 3» هو المسلسل الكوميدي الوحيد الذي يمكن التوقف عنده، لعدة أسباب أنه مقسم لثلاثة مسلسلات ويتغير فيه البطل الموجود أمام دنيا سمير غانم في كل جزء، كما أن به عددا من الاستعراضات الجاذبة، لكن باقي الأعمال الكوميدية يمكن وصفها بـ«الساذجة».
ورغم حصول مسلسل «زي الشمس» على إشادات من النقاد فإن نادر عدلي، يرى أن بطلته دينا الشربيني لم تكن مقنعة، وتصرخ طول الوقت، ولذلك تفوقت عليها ريهام عبد الغفور في دور فريدة بنفس المسلسل رغم أنها ليست البطلة الأولى. ورشح نادر عدلي إنجي المقدم لتكون أفضل ممثلة دور ثانٍ لتحصل عليها مناصفة مع ريهام عبد الغفور. أما الأسوأ، حسب عدلي، كان أحمد فهمي عن دوره في «الواد سيد الشحات»، مؤكداً أنه لم يكن قادراً على إضحاك المشاهدين.
وعلى مستوى النساء كانت الأسوأ إيمي سمير غانم عن دورها في «سوبر ميرو»، الذي يستحق أيضاً أسوأ إخراج حسب نادر عدلي. وفي فئة السيناريو، أكد نادر عدلي، أن سيناريو «ولد الغلابة» للكاتب أيمن سلامة، كان الأسوأ في الموسم، مؤكداً أنه لم يكن واقعياً أبداً تقديم مدرس تاريخ مثالي في الحلقة الأولى يرفض الدروس الخصوصية، ومع الأحداث يقتل كل من يقابله ويتاجر في المخدرات.
- تغيير الجلد
الناقدة علا الشافعي، قالت إن موسم رمضان 2019 هو الأسوأ منذ سنوات، فرغم زيادة عدد المسلسلات المنتجة عن 25 مسلسلاً، فإنه كان بشهادة الكثيرين موسماً هزيلاً من حيث الكم والكيف.
وأكدت علا الشافعي، أن «قابيل»، و«زودياك» هما أفضل مسلسلين من وجهة نظرها في رمضان، بينما الأسوأ على الإطلاق كان «البرنسيسة بيسة» للفنانة مي عز الدين.
أما أحسن ممثل فاختارت علا الشافعي، الفنان محمد ممدوح عن دوريه في «قابيل» و«ولد الغلابة»، مؤكدة أنه رغم مشكلة الصوت التي ظهرت في الحلقات الأولى وأثارت كثيرا من الجدل إلا أنه نجح في أداء الدورين، كما يحسب للفنان أحمد السقا تغيير جلده في مسلسل «ولد الغلابة».
أما أحسن ممثلة، فكانت حسب «الشافعي» من نصيب حنان مطاوع التي تمكنت من أداء شخصية «عايدة» في مسلسل «لمس أكتاف» بميزان حساس، ولم تفلت منها رغم أنها تحمل الكثير من التناقضات النفسية، كما تستحق أيضاً لقب أفضل ممثلة الفنانة ريهام عبد الغفور عن دورها في «زي الشمس»، وكذلك الفنانة إنجي المقدم التي لمعت في أداء شخصية «صفية»، في مسلسل «ولد الغلابة»، يضاف إليهن الفنانة سوسن بدر التي أعادت المشاهدين إلى زمن فن الأداء الراقي لكبار النجوم في «زي الشمس».
- فواصل إعلانية طويلة
كان للناقد كمال رمزي موقف سلبي من موسم دراما رمضان، وصل لدرجة المقاطعة، ليس بسبب ضعف الأعمال، ولكن بسبب تحول الموسم إلى سوق للإعلانات حسب تعبيره، مؤكداً على أنها أصبحت أكبر بكثير جداً من أي مادة فنية تقدم، عكس ما يحدث في جميع دول العالم مهما كانت درجة تخلفها.
وتساءل رمزي: كيف يمكن تقييم عمل فني يعرض بين فواصل إعلانية بهذا الطول، فما يحدث لا يوجد فيه احترام للعمل الفني ولا للمتفرج ووقته.
ووصف رمزي التلفزيون بمستنقع للإعلانات، مشيراً إلى أن ذلك أول ملامح الفشل الذريع، وانصراف الجمهور عن المشاهدة، وفي ذلك إدانة للجان الدراما في المؤسسات المختلفة التي لا يسمع منها سوى «جعجعة»، فتجدهم يتحدثون عن ضبط ممثل يدخن السجائر، أو موقف تم تبادل كلمات بذيئة فيه بشكل مفتعل للبحث عن دور، لكنها في المقابل لم تتحرك لإنقاذ المشاهد من المادة الإعلانية التي تكون أضعاف المحتوى الدرامي.
وختم «رمزي» حديثه بالتأكيد على أن غياب طابور من كبار الفنانين عن الشاشة أثر سلبياً على الموسم، فرمضان له نجومه وهم غائبون هذا العام وأبرزهم يحيى الفخراني وعادل إمام ويسرا وليلى علوي وإلهام شاهين، وهذا أفقد الشاشة قيمتها وبريقها.


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)