المخلفات البلاستيكية تصل إلى أسماك البحر الأحمر وتهدد ثروته

علماء {كاوست} يرسلون «الدرونز» لمسح الشواطئ لتقدير كمية النفايات

سيسيليا مارتين وفادية بالخيور تفحصان أمعاء الأسماك بحثًا عن المواد البلاستيكية الدقيقة
سيسيليا مارتين وفادية بالخيور تفحصان أمعاء الأسماك بحثًا عن المواد البلاستيكية الدقيقة
TT

المخلفات البلاستيكية تصل إلى أسماك البحر الأحمر وتهدد ثروته

سيسيليا مارتين وفادية بالخيور تفحصان أمعاء الأسماك بحثًا عن المواد البلاستيكية الدقيقة
سيسيليا مارتين وفادية بالخيور تفحصان أمعاء الأسماك بحثًا عن المواد البلاستيكية الدقيقة

في ظل تزايد الاهتمام العالمي بتلوث البحار بالبلاستيك، شرع علماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في مشروعين بحثيين، الأول يفحص النفايات البلاستيكية على شواطئ البحر الأحمر وداخل مياهه، والثاني يدرس تداعيات ذلك على صحة النظام البيئي للبحر الأحمر.
فقد طور فريق العلماء طريقة يجري فيها استخدام طائرات مسيرة «درون» مزودة بآلات التصوير، إلى جانب تقنية تعلم الآلة، التي تمكن أجهزة الكومبيوتر من اتخاذ إجراءات بعد التعرف على المعلومات، لتحسين مراقبة النفايات البلاستيكية في بُقَعٍ شاسعة من المناطق الساحلية.
وتشير سيسيليا مارتين، طالبة الدكتوراه في العلوم البحرية إلى أن ملايين الأطنان من البلاستيك تلقى كل عام في البحر، لكننا لا نعلم أين ينتهي المطاف بهذه الكميات. وتضيف: «أستعير هنا كلمات جينا جامبيك من جامعة جورجيا (إحدى أكثر العلماء تأثيراً في مجال تلوث البحر بالبلاستيك) التي أوضحت أنه لا يمكننا التحكم فيما لا نستطيع قياسه. لذا فإن تقدير كميات البلاستيك على الشواطئ، خطوة حاسمة لتحديد كمية النفايات البلاستيكية البحرية كلها»، وفق بيان للبحث تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه.
لكن مثل هذا الإحصاء يتسم بالبطء الشديد وعدم الكفاءة؛ إذ تعتمد الطرق الحالية على أشخاص يسيرون على الأقدام، ويمسحون بُقعاً صغيرة في المناطق التي يمكن الوصول إليها من الشواطئ، وهو ما يجعل هذه الطريقة غير عملية في تقدير أنماط التوزيع العالمي للفضلات البلاستيكية على سواحلنا.
للتغلب على هذه المعضلة، اختبر كارلوس دوارتي، أستاذ علوم البحار في كاوست، وزملاؤه من أقسام الجامعة، طائرات الدرون لمسح أجزاء أكبر من الشواطئ بصورة أسرع من الطرق الحالية.
أجرى الفريق مسحاً قياسياً معتاداً للأجسام البلاستيكية الموجودة على الشاطئ، ثم قارنوا النتائج مع أعداد الأجسام البلاستيكية التي أسفر عنها تحليل الصور التي التقطتها إحدى تلك الطائرات، لنفس المنطقة من الشاطئ، ووجدوا أن تلك المركبات تستطيع أن تمسح الشواطئ بحثاً عن البلاستيك بمقدار أربعين مرة أسرع من الطريقة البصرية المعتادة. وكان المسح اليدوي للصور التي التقطتها الطائرة الدرون من على ارتفاع عشرة أمتار دقيقاً بنسبة 62 في المائة.
بعد ذلك أدخل الفريق صورَ تلك النفايات إلى جهاز كومبيوتر بهدف تدريبه على اكتشاف المواد البلاستيكية أوتوماتيكياً عند تزويده بصور جديدة، أدَّت هذه الطريقة إلى تقدير كمية النفايات البلاستيكية على الشاطئ بأكبر من قيمتها الحقيقية، لكنها كانت دقيقة نسبياً من حيث قدرتها على تحديد النسب المئوية للأنواع المختلفة من البلاستيك، مثل أوعية المشروبات، وأغطية الزجاجات، والأكياس البلاستيكية.
وتقول مارتين، موضحة أنه رغم ما يشوب هذه الطريقة من بعض أوجه القصور، فإنها تبدو واعدة؛ إذ يمكن إجراء تحسينات عن طريق استخدام كاميرا ذات دقة أعلى في الطائرة، وتغذية الكومبيوتر بالمزيد من عينات الصور.
وبالفعل، يعمل فريق من قسم علوم الحاسب في كاوست على تحسين الخوارزمية المستخدمة.
إلى ذلك، استنتج الفريق البحثي أن 80 في المائة من النفايات البلاستيكية الموجودة في المحيطات مصدرها أنشطة تحدث على اليابسة. وبمجرد أن تدخل المواد البلاستيكية إلى المحيط، توزعها التيارات البحرية، أو تغوص إلى قاع البحر، حيث تتحلل ببطء إلى مكونات أصغر، تسمى microplastics، أو المواد البلاستيكية الدقيقة، وهي قطع من البلاستيك حجمها أصغر من 5 ملليمترات، والتي تبتلعها الأحياء البحرية، لأنها تشبه - من حيث الحجم - فرائس عدد كبير من الكائنات البحرية. ويمكن لهذه المواد الدقيقة أن تسد أو تجرح القناة الهضمية للحيوان، كما يمكن أيضاً أن يكون لها تأثيرات سامة عندما تتسرب مكوناتُها الضارة إلى الأنسجة المحيطة.
وجمع الباحثون 178 سمكة تنتمي إلى 26 نوعاً من أربعة موائل بحرية مختلفة، وبفحص محتويات أمعاء هذه الأسماك تبين أن واحدة من كل ست سمكات قد ابتلعت قِطَعاً صغيرة من البلاستيك. تشبه هذه الاكتشافات ما تم التوصل إليه في أنظمة بيئية بحرية أخرى، رغم أن بحوثاً سابقة في كاوست أفادت بأن البحر الأحمر يحتوي على أقل كمية من المواد البلاستيكية الدقيقة الطافية مقارنة ببحار العالم.
وأشارت طالبة الماجستير فادية بالخيور إلى أن الاكتشاف الرئيسي لهذه الدراسة أوضح أن التلوث بالمواد البلاستيكية الدقيقة قد وصل إلى الأنواع التجارية وغير التجارية من الأسماك، وربما كان يلوِّث السمك الذي نستهلكه.
وتضيف بالخيور: «كان الاكتشاف المفاجئ هو كمية الألياف المبتلَعة التي تنشأ عن تحلل بقايا البلاستيك، كبقايا مواد التغليف، ونواتج غسل الأقمشة المصنعة، وقد يشير ذلك إلى أن هذه الألياف منتشرة في جميع البيئات البحرية، وقد تصبح مصدراً رئيسياً لتلوث المياه في البحر الأحمر». وقد يَثبُت أن الأسماك مستودعٌ رئيسي لقدر هائل من البلاستيك الذي نستخدمه ونتخلص منه بصفة يومية. ويُعِد الفريق الآن تصميم تجربة لدراسة عملية التقاط المواد البلاستيكية الدقيقة بواسطة الأسماك في ظروف مختبرية.


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد رئيس وزراء منغوليا يتحدث إلى الحضور خلال «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

أوضح رئيس وزراء منغوليا أويون إردين لوفسانامسراي أن مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» المنعقد حالياً في الرياض يتمحور حول مستقبل الأرض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات للتصحر.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.