«الليكود» يمنع نتنياهو من الائتلاف مع «حزب الجنرالات» ويقيل وزيرين من اليمين المتطرف

TT

«الليكود» يمنع نتنياهو من الائتلاف مع «حزب الجنرالات» ويقيل وزيرين من اليمين المتطرف

أقدم حزب «الليكود» الحاكم في إسرائيل على خطوتين متعجلتين، تجعلان خطة بنيامين نتنياهو للعودة إلى الحكم، مهمة شبه مستحيلة. فمن جهة أقال نتنياهو، أمس الأحد، وزير التعليم، نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء، آييلت شاكيد، وكلاهما عضوان في المجلس السياسي والأمني المصغّر (الكابينيت)، وينتميان إلى اليمين المتطرف، ومن جهة ثانية قررت قيادة «الليكود» أنها لن تقيم أي تحالف مع «حزب الجنرالات» بقيادة بيني غانتس.
وقال خبراء في السياسة الإسرائيلية إن هاتين الخطوتين، إلى جانب صعوبة سن قوانين تتيح تهرب نتنياهو من المحاكمة بتهمة الفساد، تضع صعوبات جمة في وجهه. وتجعل الانتخابات المقبلة، التي ستجري في 17 سبتمبر (أيلول) المقبل، بمثابة مقامرة. فهو يعادي بذلك قوى اليمين المتطرف التي ينتمي إليها الوزيران بنيت وشاكيد، إضافة إلى عدائه مع رئيس «حزب اليهود الروس»، أفيغدور ليبرمان، ويعادي قوى الوسط الممثلة في «حزب غانتس» (أزرق أبيض). ويصبح بحاجة إلى زيادة قوته بعشرة مقاعد، حتى يحظى بأكثرية برلمانية تتيح له تشكيل الحكومة القادمة. وهذا أمر غير ممكن بتاتاً.
وادعت مصادر في «الليكود» قولها إنّ شاكيد وبينيت غير قادرين على الاستمرار في منصبيهما الحسّاسين لنصف عام آخر، وهما لم ينلا ثقة الجمهور، في إشارة إلى خسارة حزبهما «اليمين الجديد» الانتخابات الأخيرة. وقد رد مصدر مقرّب من شاكيد وبينيت، قائلاً إن القرار يشير إلى فقدان ترجيح الرأي عند نتنياهو، ويثير الشكوك حول قدرة نتنياهو على الاستمرار في منصبه رئيساً للحكومة. ولمح إلى أن قرار نتنياهو اتخذ بدفع من زوجته سارة، التي تناصب بنيت وشاكيد العداء، منذ سنوات طويلة، عندما كانا يعملان موظفين لدى نتنياهو وأقالتهما.
وقد استبق نتنياهو بهذه الإقالة جلسة «الكابينيت» (المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية)، المقرّرة اليوم الاثنين، «حيث لم يرغب نتنياهو في أن يستغلّ بينيت وشاكيد الجلسة ليناكفاه، ضمن معركتهما الانتخابية».
وتعني إقالة بينيت وشاكيد أن يصبح جميع أعضاء «الكابينيت» وزراء من حزب «الليكود»، بالإضافة إلى وزير الداخليّة، آرييه درعي، عن حزب «شاس» الديني. وما إن صدر قرار بالإقالة حتى سارع نواب حزب يميني متطرف آخر هو «البيت اليهودي» إلى المطالبة بحقيبتي القضاء والتعليم، معتبراً أنهما «من حقّه».
وكان نتنياهو قد تحدث عن إمكانية ضم شاكيد إلى حزب «الليكود»، وضمان مقعد لها في لائحة الحزب، بفضل شعبيتها الكبيرة في صفوف اليمين، لكن اضطراره إلى إقالتها، أمس، يشير إلى أن احتمالات انضمامها باتت «ضئيلة جداً». وهذا بحد ذاته يجعله يخسر أصواتاً كثيرة.
في المقابل، بدأ بينيت تحركاته السياسية تمهيداً لعودته وتوحيد أحزاب «الصهيونية الدينية» في حزب واحد. ولكن، من المرجّح أن يعارض رئيس اتحاد أحزاب اليمين، رافي بيرتس، عودة شاكيد وبنيت لأنها «تهدد» قيادته.
وقالت مصادر في «الليكود» إن المتطرفين في الحزب يخشون من أن يكون نتنياهو قد قرر الانحراف يساراً، بعد حربه مع ليبرمان، فأعلنوا أن غالبية أعضاء الحزب يرفضون «التحالف مع (حزب الجنرالات) اليساري، في حكومة وحدة وطنية». وطالبته بالإعلان عن نيته تشكيل حكومة يمين.
وأشارت تحليلات إسرائيلية كثيرة إلى أن «صراع البقاء» السياسي والشخصي لنتنياهو، بعد فشله في تشكيل حكومته الجديدة في ظل ملفات الفساد ضده، باتت «مهمة شبه مستحيلة». ومكانته السياسية «تجعله يتدهور في منحدر خطير». ورأى المحلل السياسي الإسرائيلي، بن كسبيت، (موقع صحيفة «معريب»)، أن نتنياهو بحاجة إلى تحقيق ثلاثة أمور صعبة؛ أولها فوز «الليكود» بنحو 40 عضو كنيست، وثانيها الوصول إلى غالبية 61 عضو كنيست من دون أفيغدور ليبرمان، وثالثها تشكيل حكومة بسرعة وإقناع الائتلاف الجديد والهش بسن قانوني «الحصانة» و«تغليب الكنيست على المحكمة العليا» بسرعة البرق، لتخليص نفسه من طائلة القانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».