«حجر باليرمو» أول وثيقة مكتوبة تسجل مظاهر الأعياد في مصر القديمة

نصوص ونقوش ورسوم ترجع لعصر الملك توت عنخ آمون

حجر باليرمو أول وثيقة مكتوبة
حجر باليرمو أول وثيقة مكتوبة
TT

«حجر باليرمو» أول وثيقة مكتوبة تسجل مظاهر الأعياد في مصر القديمة

حجر باليرمو أول وثيقة مكتوبة
حجر باليرمو أول وثيقة مكتوبة

منذ عصور ما قبل التاريخ عرفت مصر القديمة، مظاهر الأعياد. ويُعَد «حجر باليرمو»، المكون من عدة أجزاء يوجد أكبرها بمتحف مدينة باليرمو الإيطالية، هو أقدم وثيقة تسجل مظاهر الاحتفال بالأعياد لدى قدماء المصريين.
وقال الباحث الأثري المصري، فرنسيس أمين، بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، إن حجر باليرمو الذي يعد من أهم القطع الأثرية المصرية القديمة، هو بمثابة سجل للأعياد والاحتفالات والأحداث المهمة التي جرت في عهد كل ملك من ملوك الفراعنة.
وأضاف فرنسيس أمين لوكالة الأنباء الألمانية أن الحجر، الذي توجد بعض قطعه أيضا في المتحف المصري بالقاهرة وأحد متاحف العاصمة البريطانية لندن، يحوي قائمة بملوك وحكام مصر القديمة. وأشار إلى أن أعياد قدماء المصريين ارتبطت بالآلهة وبالبيئة المحيطة بهم، وأن هناك آلاف الأعياد التي عرفتها مصر القديمة، مثل أعياد الآلهة وأعياد تتويج الملوك والأعياد المحلية لكل مقاطعة ولكل مدينة، وأعياد الموتى وأعياد متعلقة بالأحداث الفلكية، وأخرى متعلقة بالأحداث الزراعية.
ويرى فرنسيس أمين أن حجر باليرمو يروي تفاصيل مدهشة عن عيد أنوبيس وعيد حورس وعيد سوكر وعيد الجد، وأعياد تعود للعصور المتأخرة بجانب العصور الوسطى والعصور الحديثة في مصر القديمة.
وأضاف أن هناك نصوصا أخرى تسجل أعياد الفراعنة، مثل تلك النصوص الموجودة في معبد هابو في غرب مدينة الأقصر، ففي الصالة الأولى بالمعبد، توجد نصوص وصور تحكي تفاصيل عيد الإله سوكر، ونصوص وتفاصيل لعيد الإله مين إله التناسل والخصب والنماء في مصر القديمة، والذي ربط قدماء المصريين بينه وبين الإله آمون.
كما توجد في معبد الأقصر الفرعوني، نصوص ونقوش ورسوم ترجع لعصر الملك توت عنخ آمون، والملك حور محب، تحكي كل تفاصيل عيد الأوبت، حيث شوهدت في تلك النقوش والرسوم السفن المقدسة لآمون والثالوث المقدس، وهي تحمل على أكتاف الكهنة لتوضع في نهر النيل، حاملة الثالوث المقدس في رحلته من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر، حيث يزور الإله آمون زوجته الربة موت في اليوم الخامس عشر من الشهر الثاني للفيضان في كل عام، ثم يعود إلى معبد الكرنك في يوم السادس والعشرين.
وتبين الصور والنقوش مشاركة الجنود والكهنة وعامة الشعب في ذلك الاحتفال بالرقص والغناء، في مظاهر ثابتة انتقلت من مواكب عيد الأوبت إلى موكب ومولد سيدي أبو الحجاج الأقصري الذي يقام في منتصف شهر شعبان بالتقويم الهجري في كل عام، منذ أكثر من 800 سنة وحتى اليوم.
ويقول الباحث فرنسيس أمين إن هناك أعيادا مرتبطة بالملوك مثل أعياد التتويج، حيث كان تاريخ كل ملك يبدأ من يوم تتويجه ملكا على عرش البلاد. وسجل «حجر باليرمو» تفاصيل عيد «خع نسوت بيتي» أي عيد إشراق وظهور الملك، وفي هذا العيد يخرج الملك إلى الشعب مستعرضا قوته، فيطوف حول أسوار منف، العاصمة الأولى لمصر في الجيزة، وفي ذلك اليوم ينقش اسم الملك على شجرة بين الإله «جحوتي»، والربة «سشات»، وفي أعياد التتويج، يتم تدشين المعابد الجديدة للآلهة والملوك.
وكان هناك عيد ليلة سقوط دموع الإلهة إيزيس، وهو عيد يحل مع الفيضان، حيث اعتقد قدماء المصريين أن نهر النيل خُلق من دموع إيزيس. وهناك الاحتفال بتوحيد مصر العليا ومصر السفلى، وفيه يخرج الكهنة لتمثيل مشاهد تمثل الإله حورس إله الجنوب، والإله ست إله الشمال حاملين زهرة اللوتس التي تمثل الوجه القبلي، وورق البردي الذي يمثل رمز الوجه البحري.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».