السعودية تعتزم تحويل جدة وجهة سياحيّة عالمية

«موسم جدة» ينطلق 8 يونيو بفعاليات للزّوار من داخل المملكة وخارجها

جانب من الموتمر الصّحافي الذي عقد أمس في جدة للإعلان عن موسم جدة
جانب من الموتمر الصّحافي الذي عقد أمس في جدة للإعلان عن موسم جدة
TT

السعودية تعتزم تحويل جدة وجهة سياحيّة عالمية

جانب من الموتمر الصّحافي الذي عقد أمس في جدة للإعلان عن موسم جدة
جانب من الموتمر الصّحافي الذي عقد أمس في جدة للإعلان عن موسم جدة

أعلن مسؤولون سعوديون عزمهم تحويل مدينة جدة (غرب السعودية) إلى واحدة من أفضل الوجهات على خريطة السّياحة العالمية من خلال إطلاق (موسم جدة) الذي يحتضن مجموعة واسعة من الفعاليات والحفلات الغنائية والترفيهية، التي تتناسب مع رغبات الزائر السّعودي والسياح من الخارج.
واعتباراً من 8 يونيو (حزيران)، سيعيش أهالي جدة وزوّارها على مدى 41 يوماً أجواءً غير مسبوقة وتجربة استثنائية لم تشهدها عروس البحر الأحمر، من خلال أجندة حافلة بمختلف أنواع الفعاليات الترفيهية والرياضية والثّقافية والفنّية الموجّهة لكافة الفئات العمرية.
وأوضح المهندس رائد أبو زنادة المشرف العام على موسم جدة، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الفعاليات في موسم جدة تُعقد لأوّل مرّة، وهي ذات معايير عالمية إلّا أنّ الأسعار ستكون منافسة جداً مقارنة بأي سوق في المنطقة. وقال إن «الفعاليات ستروق لكافة أذواق الزّوار، وستلبّي تطلعاتهم بكوادر وطنية وبأسعار مدعومة من قبل الدولة، أحد أهم المستهدفات الرئيسية لفكرة مواسم السعودية توفير أفضل الفعاليات العالمية السياحية ومنها المطاعم واستدامتها».
وتابع أبو زنادة، خلال مؤتمر صحافي أمس في جدة قائلاً: «ستلاحظون على منصة بيع التذاكر أنّ الأسعار لا يمكن مقارنتها بأي سوق في المنطقة أو بالأسواق العالمية، وهذا الأمر هو جزء من رغبة الحكومة السعودية في تشجيع المواطن والزائر للقدوم إلى جدة، وستكون الأسعار مخفضة وأقل بـ25 في المائة عن أي منطقة ومنها دبي». وشدّد على أنّ السعودية لا تفكّر في تحقيق أي عوائد من مواسم المملكة خلال السّنوات الثلاث المقبلة، وأضاف: «وجّه ولي العهد بعدم النظر لهذه النقطة (العوائد) في السنوات الثلاث الأولى، نحن في مرحلة البناء والاستثمار. نصرف ونستثمر. وبعدها مرحلة العوائد وهي مضمونة في حال قدّمت الخدمة المطلوبة».
وتعدّ مواسم السعودية إحدى الثّمرات الحقيقية لـ«رؤية 2030»، وضمان استمرار مسيرة التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدّخل - حسب أبو زنادة - الذي أكّد أنّ ميزانية موسم جدة دُفعت بالكامل من الحكومة السعودية. مشيراً إلى موسم جدة بأنّ ملعب الجوهرة سيستقبل الحفلات الغنائية، حيث سيكون الافتتاح لثلاث ليالٍ متواصلة بطريقة عنقودية بدءاً بالفنانة أحلام، من ثمّ محمد عبده، وفي الليلة الثالثة عمرو دياب. وتابع: «ستستقبل الجوهرة أيضاً، مباراة ملاكمة البطل أمير خان مع أكبر عشرة ملاكمين على مستوى العالم بحضور نجومها العالميين، ومنهم مايك تايسون، وظهور خاص جداً لنجم هوليوود سيلفستر ستالون إلى جانب أربع مسرحيات فيها أهم نجوم المسرح العربي، ومنهم محمد هنيدي وأشرف عبد الباقي، وعرض مسرحية الملك لير للنجم يحيى الفخراني».
ولأوّل مرّة، سيكون زوار جدة على موعد لاستخدام أكبر غوّاصة تجاريّة على مستوى العالم والوصول لأكبر عمق تحت سطح البحر 40 قدماً، بالإضافة إلى استخدام الطّائرات البحرية والهليكوبتر في مغامرة لجزيرة محمية أبو قشع التي ستكون مجهزة لاستقبال الهواة.
وأفاد أبو زنادة بقوله، إنّ «60 في المائة من الفعاليات موجّهة لسكّان جدة وزوراها من السعودية، والمعتمرين، وثالثاً يهمّنا بشكل كبير وضع المدينة على خريطة العواصم السّياحية العالمية، حيث خصّصت نسبة عالية من الخطة الإعلامية لاستهداف الزّوار في أماكن وجودهم، ووضع المنتج المناسب لهم، وبات بإمكانهم اليوم استخدام التأشيرة الإلكترونية من كل أنحاء العالم».
من جانبه، أوضح صالح التركي أمين جدة، أنّ الفكرة الرئيسية هي إسعاد جدة بالدّرجة الأولى، وخلق اقتصاد مبني على الترفيه. مضيفاً أنّ «الموسم سيخلق اقتصادا كبيرا وينعش السّياحة والمدينة، ولدينا كل الإمكانيات الطبيعية، ولا شك أنّه سيؤسس لقطاع سياحي متكامل ومتداخل مع مواسم أخرى، ونرحب بالمستثمرين وسنقدم لهم كافة التسهيلات».
ووفقاً للجنة المنظمة فهناك أكثر من 150 فعالية ومناسبة مميّزة والكثير منها يقام للمرة الأولى على مستوى المملكة. وخلال موسم جدة، ستستضيف المنطقة التاريخية منها (البلد) وحي الحمراء والواجهة البحرية وأبحر ومدينة الملك عبد الله الرياضية، كوكبة من الشّخصيات العربية والعالمية، وسيُنظّم عددٌ من البطولات والمهرجانات الدّولية، حيث ستحتضن منطقة جدة التاريخية ورشاً ومعارض إبداعية للحرف التقليدية والفنون الحجازية، وفي الواجهة البحرية ستحضر كوكبة من المطاعم الشّهيرة عالمياً التي لا نراها عادة في المدينة، بالإضافة إلى مهرجانات عالمية ستُعيد تعريف التسوق والتنزه على ساحل البحر الأحمر، كما ستكون هناك عروض للشّخصيات الكرتونية المحببة لدى الأطفال، ستصاحبها ورش فنية خُصّصت لهم.
في حين سيُختتم موسم جدة بمهرجان (إم تي في) الموسيقيّ، بمشاركة مجموعة من النّجوم العالميين، الذي يشاهده نحو 750 مليون مشاهد حول العالم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».