سيرين عبد النور: نجاح عمل يرتبط بفريقه مجتمعاً وليس بشخص واحد

سيرين عبد النور  -  لقطة من مسلسل «الهيبة»
سيرين عبد النور - لقطة من مسلسل «الهيبة»
TT

سيرين عبد النور: نجاح عمل يرتبط بفريقه مجتمعاً وليس بشخص واحد

سيرين عبد النور  -  لقطة من مسلسل «الهيبة»
سيرين عبد النور - لقطة من مسلسل «الهيبة»

لا يختلف اثنان على أن الكيمياء السارية بين الثنائي سيرين عبد النور وتيم حسن لمسها مشاهد مسلسل «الهيبة الحصاد» منذ حلقاته الأولى لهذا الموسم. فلقد شكلت بحد ذاتها حالة اكتسحت وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما أنها تحمل معها عودة مدوية لنجمة لبنانية اشتاق إليها جمهورها بعد غياب. «هذه الكيمياء ليست وليدة اليوم وكنت أتوقعها»، تقول سيرين عبد النور في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «لطالما شعرت بها من موقعي كمشاهدة دائمة لأعمال تيم حسن، فولد هذا الانسجام بيني وبينه بصورة غير مباشرة. ومنذ لقائي الأول معه في مكاتب الشركة المنتجة للعمل (الصبّاح إخوان) عرفت بأننا سنكون ثنائياً مناسباً، ويومها فضحتنا الصور التي التقطت لنا، فبدا الانسجام واضحاً بيننا، رغم أنه كان أول لقاء رسمي بيننا». وعما إذا هناك من إمكانية تعاون قريب بينهما في عمل جديد ترد: «لم يتم الحديث عن هذا الأمر أبداً فإن موضوع الكاستينغ في أي دراما هو منوط بعناصر العمل مكتملة بدءاً من الفكرة و(القصة) الخاصتين به». وتصف سيرين عبد النور الممثل تيم حسن باللطيف وبصاحب دم خفيف وبأنها منذ اللحظة الأولى من لقائهما معاً ووقوفهما أمام الكاميرا شعرت وكأنها تعرفه منذ فترة طويلة.
وسيرين التي تعيش اليوم نجاحاً كبيراً يذكرنا بنجاحات أخرى سبق وحققتها في عالم الدراما تجد بأن طعمه يتشابه رغم اختلاف المراحل. وتعلّق: «لا شك في أن الممثل يشتاق إلى تحقيق النجاحات، وهو أمر سبق وتمتعت به في مسلسلات (لعبة الموت) و(روبي) و(الغربية) و(سارة) وغيرها. فلقد كنت قبل (الهيبة الحصاد) منشغلة بعائلتي وفي أموري اليومية. وبعيد عودتي هذه وتحقيق المسلسل هذا النجاح استعدت ذكرياتي في هذا الإطار. فغياب الممثل عن الساحة يدفعه إلى تقدير قيمة نجاحاته بشكل أفضل. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن النجاح هو نتيجة مجهود يبذله الممثل، فلا يجب أن يصيبه الغرور والاعتقاد بأن مجرد ذكر اسمه في عمل درامي ما يكفل له النجاح. فالموضوع هذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً ليس به وحده فقط، بل بفريق العمل بأكمله وعليه أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.
وعما إذا كانت الخلطات التمثيلية في الدراما العربية قد ساهمت في وضع نجومية بعضهم في الواجهة، ترد: «في الماضي كان العنصر الأساسي للنجاح يكمن في الشاشة التي يعرض عليها العمل. وهي لا تزال حتى اليوم تساهم في وضع ممثل ما في الواجهة وفقاً لبرمجتها والشعبية التي تحصدها. فالخلطة الدرامية العربية مهمة طبعاً، ولكن برأيي تلعب الشاشة التي تعرضها دوراً كبيراً فيها». وعن طعم النجاح في لبنان تقول: «مهما نجح الفنان خارج بلاده يبقى نجاحه المحلي أمراً مهماً بالنسبة له. وأنا كلبنانية تهمني الأصداء التي يحققها عملي في بلدي. كما أن للنجاح الذي يحققه الفنان في مصر نكهة خاصة أيضاً. فلا يمكنني أن أنسى وقع أعمال عرضت لي في مصر وحققت النجاح المطلوب بحيث صار الناس هناك ينادونني باسم الشخصية التي ألعبها. فلا حواجز بين الفنان والجمهور المصري، وهو يعبر لك عن إعجابه ببساطة كبيرة. كما أن المصريين من صحافة وإعلام وغيرهم لا يتوانون عن تبني نجاحاتك ومساندتك بشكل لافت مما يزودك بطعم نجاح مختلف».
وعما إذا دور نور رحمة الذي تؤديه في «الهيبة - الحصاد» قد كتب خصيصاً لها توضح: «لا أبداً إنه لم يكتب خصيصاً لي كما أنني لا أتدخل بتاتاً في هذه الموضوعات وأطبق المثل القائل (اعطِ خبزك للخباز...». ولكن الكاتب باسم السلكا الذي تربطني به صداقة قديمة من أيام مسلسل (لعبة الموت) كان متحمساً للقائنا معا بعد طول غياب، وزوّد شخصية نور رحمة بمشاعر متنوعة تتلاءم مع خلطة امرأة طموحة ومشهورة ولديها ما يكفي من مشكلات تتسبب لها بالحزن في الوقت نفسه. واستفاد من هذه الموضوعات لأنسنة الرسائل النابعة منها فبدت مناسبة لي جداً».
عن كيفية تحضيرها لهذه الشخصية تقول: «عندما قرأت النص شعرت بأنها تشبه في تركيبتها شخصية (نايا) في مسلسل (لعبة الموت). فهي تتعرض للعنف الجسدي وتهرب عند شخص آخر يحميها لتعيش معه قصة حب. فاشتغلت على إعطائها بعداً آخر لا يشبه الشخصية التي جسدتها في السابق بحيث لا تكون مكسورة وخاضعة كما (نايا)، بل امرأة تجاري عصرنا الحالي وتطالب بحقوقها بجرأة. حتى أنني أبرزت شخصيتها القوية وثقتها بنفسها بعيداً عن الضعف الذي كان يلازم شخصية الأولى إلى حدّ جعلها تدعي الموت لتهرب من واقعها بدل أن تواجهه. فعملت على هذه النواحي بالشخصية رغم أن المشاهد قد لا يربط بين الشخصيتين».
توجه النجمة نصيحة للنساء المعنفات وتقول: «جميعنا نتعلم دروساً في حياتنا، ولذلك على المرأة المعنفة ألا تستسلم وترضخ لجلادها وتبيع حريتها. فالزمن يتقدم والنساء لم يعدن يشكلن الحلقة الأضعف في المجتمع كما في الماضي. فللمرأة من يساندها من أهل وأقرباء وجمعيات مختصة، فيجب أن تلجأ إليهم شرط ألا تعرض نفسها للخطر. فالحكمة ضرورية في هذا النوع من المشاكل وعليها ألا تستفز الآخر وتعرض نفسها وأولادها لأمور هي بغنى عنها».
بعض الممثلين اللبنانيين يشتكون مما يصفونه بـ«حالة تعتيم» تمارس عليهم في موسم رمضان، وعن ذلك تقول: «من الطبيعي أن يسلط الإعلام المحلي الضوء على نجومه المحليين فيكونوا بمثابة الابن المدلل عندهم. وهذا الأمر يساهم في إعطائه الفرص وتسليط الضوء على قدراته الإبداعية. والأمر نفسه ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم بدورها في الإضاءة عليه. فليس من الخطأ أن تقوم بهذه المهمة أبداً بدل استبعاده». وتتابع سيرين عبد النور في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «مع الأسف الممثل اللبناني لا يحصل على الفرص المواتية لقدراته وبالتالي عليه أن يختار أعماله بدقة وأن يفرض نفسه على الساحة مع تسلحه بالتواضع أولاً. كما لا يجب أن ننسى حالة «الصحابية» مع الشركة المنتجة والتي يعرف بعض الممثلين استحداثها فيما تغيب عن أسلوب آخرين فينعزلوا عن الساحة».
وتتحدث سيرين عبد النور عن المرحلة الحالية التي تعيشها على الساحة وتقول: «أنا سعيدة جداً بما استطعت إنجازه حتى اليوم بشكل عام وفخورة بنفسي لأنني نجحت في اجتياز صعوبات كثيرة وتمكنت من الوقوف من جديد على قدمي وبقوة. وعودتي اليوم لا تقل أهمية عما حققته طيلة مشواري. فالمشاهد كان مشتاقاً لإطلاتي وينتظرها بحماس، وهو ما لمسته من التعليقات الإيجابية الكثيفة التي وردتني على وسائل التواصل الاجتماعي. وأحياناً أعترف في قرارة نفسي بأنه ليس من الخطأ أن يخاف البعض على مكانته ويحارب للحفاظ عليها بذكاء، ولا بأس بأن يغيب الممثل لفترة وليعود بقوة بعدها، فهو أمر قد يشعل نار الشوق بينه وبين محبيه». وهل تنوين أن تغيبي عن جمهورك مرة أخرى؟ «لا أبداً لقد غبت عنه بما فيه الكفاية ويمكن لغيري أن يطبقه».
وعن الصداقات التي تتحول بين عشية وضحاها إلى عداوات والعكس صحيح بين أبناء مهنة التمثيل الواحدة تقول: «الموضوع برمّته يرتبط بكمية الثقة بالنفس التي يتمتع بها الشخص. فإذا كانت تنقصه فإن علاقاته معرّضة للتدهور وللفشل خصوصاً أن هذا الأمر يسمح لتدخل عنصر ثالث فيها نطلق عليه اسم (طابور خامس). فإذا كانت مشاعرك حقيقية وغير مزيفة ولديك كامل الثقة بأحاسيسك، فلا يمكن لأحد التقليل من شأنك وافتعال المشكلات لك. فالمحبة تقلب جميع المقاييس، وهو ما حدث بيني وبين زميلتي نادين الراسي. فلقد مرت علاقتنا بتوتر لفترة وعندما سنحت لي الفرصة مددت يدي لها فلم ترفضها، وتلطّفت علاقتي بها من جديد. ولو أنها لم تكنّ لي محبة عميقة لما ردّت علي من أصله. أرى أننا كفنانين علينا أن نتكاتف، فالساحة بحاجتنا ويجب أن نحافظ على بعضنا لنكبّر معاً الدراما المحلية ونستمر».
وترى سيرين عبد النور بأن مسألة إرساء السلام مع الآخر تبدأ من تمتعنا بسلام داخلي، والمحبة هي دلالته القاطعة. وتقول: «علينا أن نقوم بخياراتنا فإما سلام داخلي على أساس المحبة وإما حرب ونار تصيب صاحبها. وأنا شخصياً اخترت الأول وإذا كان الشخص الآخر يعيش في أجواء الحقد والحرب فهو حرّ». وعما يستفزها اليوم على الساحة ترد: «لا شيء يستطيع أن يستفزني والحياة هي بمثابة فرص يجب أن نعرف كيف نقتنصها بدلاً من الدخول في متاهات لا توصل إلى شيء. وحالياً أهتم بنفسي وبعائلتي ولدي مشاريع مستقبلية ومن بينها دور درامي جديد ومميز بفكرته، وقد عرض علي لأنه يشبهني كفنانة تغني وتمثل في آن».
ما الذي تتضمنه الحلقات الأخيرة من «الهيبة الحصاد»؟ تجيب: «مفاجآت كثيرة تنتظر المشاهد وسنتابع في الحلقات المقبلة مجريات تتعلق بشخصية (ثروت) التي يجسدها جوزيف بو نصار فهل سيستسلم ويتخلى عن حبيبته نور أم أنه سيخوض حرباً ضد (جبل شيخ الجبل) للانتقام منه واستعادتها؟».


مقالات ذات صلة

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».