«قاعدة مريخية» صينية تستضيف الشباب في الصحراء

تستقبل تلاميذ المدارس والسياح

القاعدة تضمّ عدداً من الشباب يتدرّبون على الحياة على سطح المريخ
القاعدة تضمّ عدداً من الشباب يتدرّبون على الحياة على سطح المريخ
TT

«قاعدة مريخية» صينية تستضيف الشباب في الصحراء

القاعدة تضمّ عدداً من الشباب يتدرّبون على الحياة على سطح المريخ
القاعدة تضمّ عدداً من الشباب يتدرّبون على الحياة على سطح المريخ

في قلب صحراء «غوبي» الصينية، تتمركز قاعدة تحاكي قاعدة على سطح كوكب المريخ، تستضيف تلاميذ يشاركون في رحلة مدرسية وتضمّ عدداً من الشباب المراهقين، بدل روّاد الفضاء، يتدرّبون على الحياة على سطح المريخ.
- قاعدة مريخية
فتحت «قاعدة المريخ1»، المحاطة بالتلال الجرداء الواقعة في شمال غربي مقاطعة قانسو، أبوابها في منتصف أبريل (نيسان) الماضي بهدف تعريف المراهقين، وقريباً السيّاح، بشكل محتمل للحياة على سطح الكوكب الأحمر.
ويأتي افتتاح هذه القاعدة بالتزامن مع تقدّم الصين في جهودها الساعية للحاق بالولايات المتحدة والتحوّل إلى قوّة فضائية طامحة إلى إرسال بعثات بشرية إلى القمر يوماً ما.
تمّ بناء هذه القاعدة التي وصلت تكلفتها إلى 50 مليون يوان صيني (7.47 مليون دولار أميركي) بمساعدة رواد فضاء من «مركز روّاد الفضاء الصيني» و«مركز الاتصالات العابر للقارات»، وهو منظمة إنتاج تلفزيوني تابعة للحكومة الصينية.
يخرج الشباب المراهقون القاطنون في المحطة في رحلات بالصحراء؛ حيث يستكشفون كهوفاً في مشهد يحاكي الحياة على كوكب المريخ. وتبعد هذه المحطة مسافة 40 كيلومتراً عن جينشانغ؛ القرية الأقرب للصحراء.
ولدى استقبال القاعدة أول بعثة مدرسية، سار نحو 100 طالب يرتدون بزّات فضائية من مدرسة ثانوية قريبة على أراضي صحراء «غوبي» الجافة. وقال تانغ رويتيان (12 عاماً) أحد هؤلاء الطلاب: «هنا وجدنا كثيراً من الأشياء التي لم نرها من قبل».
وتعلو القاعدة بيضاء اللون، قبّة فضية، وتتألف من 9 وحدات تضمّ مربعات للمعيشة، وغرفة للتحكّم، ودفيئة، وجهازاً يتيح تنقّل السكان بين الغرف ذات الضغط المختلف.
- «أقرب إلى المريخ»
تخطط «سي سبيس»؛ الشركة المؤسسة للمشروع، لفتح القاعدة، التي تُستخدم اليوم منشأةً تعليميةً، للسياحة العام المقبل، وأن تستكمل بناءها بإضافة فندق ومطعم لجذب عشاق الفضاء.
وفي حديث له مع وكالة الصحافة الفرنسية، قال باي فان، مؤسس «سي سبيس»: «نحن نحاول إبداع الحلول... صحيح أنّ هذه القاعدة لا تزال على الأرض وليست على المريخ، ولكننا اخترنا بناءها على التضاريس الأقرب لطبيعة الكوكب الأحمر».
ويأتي افتتاح هذه القاعدة بعد شهر واحد من افتتاح «قرية» مريخية مشابهة في حوض «قيدام» الواقع بمنطقة شنغهاي شديدة الحرارة والصحراء الأعلى في العالم التي تعد النسخة الأقرب لسطح المريخ من حيث الظروف الطبيعية.
وفي الوقت الذي يستكشف فيه رواد فضاء يافعون «المريخ» على الأرض، تخطط الصين لإرسال مسبار إلى الكوكب الأحمر الحقيقي العام المقبل. وتصبّ بكين مليارات الدولارات في برنامجها الفضائي التابع لمؤسستها العسكرية، وتأمل في إنشاء محطة فضائية مجهّزة بطاقم بشري بحلول 2022.
في أوائل هذا العام نجحت الصين في تحقيق أوّل هبوط ناعم على الجزء البعيد من القمر وأنزلت عربة جوّالة على سطحه.
ولكنّ مشروع «سي سبيس» واجه كثيراً من الانتقادات من دوائر المجتمع العلمي الصيني، فقد قال جياو ويكسين، أستاذ محاضر في كليّة علوم الأرض والفضاء في «جامعة بكين»، إن المبنى والصحراء المحيطة لم يعكسا الظروف القاسية الحقيقية لسطح المريخ. وأضاف أنّه «ولكي ننسخ الظروف القاسية والسامة الحقيقية التي تسيطر على كوكب المريخ، علينا أن نبتكر بيئة عدائية حقاً، وهو أمر مكلف وغير ضروري أبداً». وقال جياو لوكالة الصحافة الفرنسية إنّه عارض هذا الأمر منذ البداية؛ «فالسياحة ليست سبباً منطقياً، ولا معنى لبناء منشأة كهذه».


مقالات ذات صلة

بحر قديم على المريخ؟ مسبار صيني يكشف التفاصيل

يوميات الشرق مركبة «زورونغ» الصينية هبطت على المريخ في مايو عام 2021 (أ.ف.ب)

بحر قديم على المريخ؟ مسبار صيني يكشف التفاصيل

عثرت مركبة «زورونغ» الصينية على أدلة على وجود خط ساحلي قديم على كوكب المريخ.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق أرسلت «وكالة الفضاء الأوروبية» إشارة راديوية إلى الأرض بواسطة مسبار «إكسومارس» لرصد «الغازات النزرة» التابع للوكالة... وتحتوي هذه الصورة على 5 أحماض أمينية (كين وكيلي تشافين)

أب وابنته ينجحان في فك تشفير رسالة غامضة من المريخ

أفاد تقرير إخباري بأنه في عام 2023 أُرسلت رسالة مشفرة إلى الأرض من المريخ. وبعد أكثر من عام، فُكَّ تشفير هذه الإشارة الفضائية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا استكشاف المريخ يُعدّ أمراً صعباً للغاية (رويترز)

روبوتات بأدمغة حشرات قد تشق طريقها قريباً إلى المريخ

قد تشق روبوتات مدرّبة على العمل بطريقة أدمغة الحشرات نفسها طريقها عبر الفضاء قريباً، حيث يخطّط مطوّروها لاختبارها على المريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش داخلها (رويترز)

كائنات قد تعيش في جليد المريخ... ما القصة؟

كشفت دراسة جديدة أنه قد يتم العثور على حياة ميكروبية غريبة داخل الجليد على سطح المريخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق فكرة بناء مستعمرات في الفضاء تظل حلماً طموحاً يسعى العلماء لتحقيقه (جامعة نورث وسترن)

رمال المريخ تصلح لبناء مستعمرات فضائية

تَوَصَّلَ باحثون بجامعة ترينيتي في دبلن إلى طريقة لتحويل الرمال الموجودة على سطح المريخ والقمر إلى طوب صلب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».