مصر: اكتشاف منزل أثري من العصر البطلمي

بُني على الطراز البرجي ويتكون من 3 غرف

بقايا المنزل الأثري الذي اكتُشف في منطقة تونا الجبل
بقايا المنزل الأثري الذي اكتُشف في منطقة تونا الجبل
TT

مصر: اكتشاف منزل أثري من العصر البطلمي

بقايا المنزل الأثري الذي اكتُشف في منطقة تونا الجبل
بقايا المنزل الأثري الذي اكتُشف في منطقة تونا الجبل

أعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف بقايا منزل أثري، يرجع إلى العصر البطلمي (305 قبل الميلاد إلى عام 30 قبل الميلاد)، في منطقة آثار تونا الجبل بالمنيا، (شمال صعيد مصر)، كان جزءاً من مجمع سكني خلال تلك الفترة.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي أمس، إنّ «أعمال مدرسة حفائر المركز العلمي للتدريب في مصر الوسطى كشفت خلال موسمها الأول بمنطقة آثار تونا الجبل عن بقايا منزل أثري كان جزءاً من مجمع سكني يرجع إلى العصر البطلمي».
وأوضح جمال السمسطاوي، مدير عام آثار مصر الوسطى، أنّ «أعمال الحفائر شملت التنظيف السّطحي للطبقة الحديثة للموقع، وأعمال الحفر الأثري بغرف المنزل الثلاث، ومن خلالها تبيّن أنّ المنزل صُمم على الطّراز البرجي، وهو الطراز الشّائع خلال العصر البطلمي».
وقال السمسطاوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الحفائر تمت في منطقة كوم اللؤلؤ في منطقة آثار تونا الجبل، الذي يقع جنوب شرقي الجبانة»، مرجحاً أن «يكون المنزل المكتشف جزءاً من تجمع سكني يخص القائمين على الجبانة في العصور المتعاقبة».
وأضاف السمسطاوي أنّ «هذا الكشف هو نتاج أول مدرسة حفائر لتدريب الأثريين في مصر الوسطى، التي عملت في الفترة من 17 مارس (آذار) حتى 2 مايو (أيار) 2018، واستطاعت تدريب 15 مفتش آثار على أحدث أساليب الحفر الأثري».
وكشفت الحفائر الأثرية عن بقايا أمفورات (جُرة كانت تُستخدم لتخزين الطعام) من القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي، وبقايا عظام حيوانية لأحصنة وحمير، و4 أوستراكات (قطع من الفخار كانت تستخدم لكتابة النصوص الدينية)، مكتوب عليها نص باللغة اليونانية والخط الديموطيقي، ومجموعة من العملات الفضية داخل صرّة من الكتان كانت موضوعة أسفل أحد أركان أرضية المنزل، ترجع إلى الفترة ما بين الملك بطليموس التاسع والملك بطليموس الحادي عشر (أي الفترة من 116 - 80 قبل الميلاد).
ومنطقة آثار تونا الجبل بالمنيا (جنوب القاهرة) هي منطقة جنائزية اشتهرت بكونها جبانة في العصر المتأخر، ومعظم ما تم الكشف عنه فيها كان مقابر بشرية أو حيوانية لطائر الأيبس المقدس (أبو قردان) ووفقاً لخبراء آثار مصريين فإن اكتشاف بقايا منزل في منطقة جنائزية أمر مهم، ويدل على وجود نوع من الاستقرار في المنطقة الأثرية. واستخدمت المنطقة كجبانة للإقليم الخامس عشر، مع نهاية الدولة الحديثة وبداية العصر المتأخر، وتحتوي على العديد من المقابر الأثرية، من أهمها مقبرة بيتوزيرس التي تم اكتشافها عام 1919، ومقبرة إيزادورا، والجبانة الرومانية، وجبانة الحيوانات المقدسة التي خُصصت لدفن رموز الإله تحوت، وهي طائر الأيبس، وقرد البابون.
وقال أحمد حماد، مدير موقع مدرسة الحفائر، إن «المدرسة درّبت الملتحقين بها على كيفية الحفاظ على نتائج الحفائر من عظام حيوانية، وتصنيفها من حيث عظام الثدييات، والطيور، والأسماك، والزواحف، وأساليب التفرقة بينهما».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».